|
فــــيــــتــــو جـديـد
يعتبر مجلس الأمن الدولي الجهاز الأهم من أجهزة الأمم المتحدة ويتألف من خمسة أعضاء دائمين هم، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، روسيا، جمهورية الصين الشعبية وهذه الدول الدائمة العضوية تتمتع بحق النقض "الفيتو" وعشرة أعضاء غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنتين، ولكل عضو في مجلس الأمن الدولي صوت واحد لكن صوت هؤلاء العشرة لا يسقط مشروع القرار اما الخمسة الدائمين فإذا ما اعترض احدهم على مشروع قرار حتى لو نال اصوات جميع الاعضاء الآخرين فالقرار يعتبر ساقطا، مثلما حصل مؤخرا مع مشروع القرار الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية عبر مجموعة الدول العربية والمتعلق بالاستيطان الصهيوني وبخاصة في مدينة القدس حيث استخدمت إدارة الرئيس اوباما "الفيتو" حق النقض فسقط مشروع القرار. والمفروض حسب ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ان يقوم المجلس ببحث أي نزاع يمكن ان يؤدي في حالة استمراره الى تهديد السلم والأمن الدوليين وفي هذه الحالة يوصي باتخاذ الإجراءات والطرق المناسبة لحل الخلاف أو يوصي بتطبيق التسوية المناسبة التي يقترحها، وبالرغم من وجود مجلس الأمن الدولي من اجل القيام بهذه المهمة (المساعدة على تحسين السلام والأمن) فإن أداءه ابعد ما يكون عن المهمة التي قام من اجلها والتي تم التأكيد عليها في الميثاق حيث أفقدت هيمنة الدول الكبرى بعامة والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص مجلس الأمن صلاحياته بانحيازها واهتمامها بمصالحها الخاصة بعيدا عن مصالح الآخرين في الأسرة الدولية مما جعل مجلس الأمن أداة تستخدمها الولايات المتحدة عندما تريد تحقيق مصالح خاصة وأحيانا تتجاوزه ولا تلتزم بقراراته أولا تنتظر مثل هذه القرارات مثلما حصل عندما قامت إدارة الرئيس جورج بوش (الابن) بشن الحرب على العراق في شهر آذار عام 2003. بمعنى ان سياسات الهيمنة والتفرد واستغلال المؤسسات الدولية التي تنتهجها القوى الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية جعل من الأمم المتحدة وأجهزتها ومؤسساتها وخصوصا مجلس الأمن الدولي مرتهنة لها وغير قادرة على تأدية دورها وتنفيذ مهامها المحددة بالميثاق، مما جعل هذه المؤسسات تتحول إلى هياكل وأدوات تنفذ املاءات ورغبات هذه القوى وهذا ما اصاب دول العالم المستضعفة وشعوبها بالإحباط وخيبة أمل كبيرة وعدم الرهان على الأمم المتحدة ومؤسساتها وخصوصا مجلس الأمن الدولي، وإذا ما توقفنا عند القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني نجد فشل الهيئات الدولية في اتخاذ القرارات اللازمة لوضع حد للعدوان الصهيوني أو عدم القدرة على تنفيذ قراراتها المتعلقة بهذا الصراع بسبب انحياز الإدارات الامريكية إلى جانب الكيان الصهيوني وتوفير الحماية السياسية لكل ممارساته وسياساته العدوانية والتي تشكل خروجا على المواثيق والشرائع الدولية مما شجع قادة وحكومات الكيان على التعنت والتمرد على القرارات الدولية، والإمعان في سياسة القتل والبطش والإرهاب والاستيلاء على الأرض واستيطانها لإسكان اليهود الغرباء المستقدمين من عدد من دول العالم في ارض فلسطين والجولان العربي السوري وعلى حساب أصحاب الأرض الأصليين، مثلما قدمت، وتقدم لهم هذه الإدارات إضافة إلى الدعم السياسي الدعم الاقتصادي والمالي والعسكري وتشجعهم على العدوان مما جعل المنطقة تعيش أجواء الحروب والتوتر الدائم. وإذا ما عدنا إلى استخدام إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما "الفيتو" حق النقض لمشروع الاستيطان فإننا لم نفاجأ بمثل هذا الموقف لأننا منذ البداية لم نراهن على اوباما وإدارته لإدراكنا مدى النفوذ الصهيوني الكبير على مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة على الكونجرس والإدارة من جهة ولأن اوباما الرئيس الأكثر نفاقا وانحيازا للصهاينة وسياساتهم ذلك لأننا رأيناه مع الجميع، يلبس قلنسوة المتطرفين اليهود على رأسه ويجول في الكيان الصهيوني وبالذات في جنوب فلسطين المحتلة حيث المستعمرات اليهودية التي استهدفتها صواريخ المقاومة كرسالة احتجاج والدعم اللامحدود الذي قدمه ويقدمه للصهاينة مقابل منحه اصوات اليهود في معركته الانتخابية، كما إننا نتذكر خطاب النفاق والاستجداء والذل غير المسبوق الذي ألقاه أمام مؤتمر المنظمة الصهيونية الأمريكية "ايباك". اثناء حملته الانتخابية أيضا. مثلما نتذكر تصريح رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو الذي أعلن فيه ان إدارة اوباما تساند موقفه الرافض لتجميد الاستيطان في مدينة القدس وما حولها لمدة أشهر والذي طالبت به السلطة الفلسطينية من اجل قبولها باستئناف المفاوضات مع العدو الصهيوني، هذا رغم ان وقف الاستيطان منصوص عليه في خارطة الطريق وكان مفروضا ان تلتزم به حكومة العدو بعد ان تكون السلطة قد أنجزت البند الأول المتعلق بالإجهاز على المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها وقد أنجزت السلطة بالفعل هذا البند لكن حكومات العدو الصهيوني تتصرف وفقا لمصالحها ومصالحها فقط ولا تلزم نفسها بتنفيذ ما يتناقض وهذه المصالح رغم توقيعها على نصوص الاتفاقيات. وتدرك حكومة نتنياهو ان إدارة اوباما سوف تبطل مشروع السلطة الخاص بالاستيطان المقدم لمجلس الأمن الدولي لأنها تثق بالشريك الأمريكي الذي طالما ا حبط وافشل من قبل العديد من مشاريع القرارات وبالذات الخاصة بالاستيطان الصهيوني واليهودي لأرض فلسطين العربية وكذلك ارض الجولان العربي السوري المحتل ووصل الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشاريع خاصة بالاستيطان مرتين في شهر واحد حيث استخدمت هذا الحق ضد مشروع قرار أوروبي يشجب الاستيطان اليهودي في الجزء الشرقي المحتل من مدينة القدس اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م وكان ذلك يوم السابع من شهر آذار عام 1997م وكان الاستخدام الثاني ضد مشروع قرار عربي يدعو حكومة العدو الصهيوني بالتوقف عن أعمال البناء في المستعمرة الاستيطانية اليهودية في جبل أبو غنيم في القدس وكان ذلك في الحادي والعشرين من شهر آذار عام 1997م وكانت ذريعة الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت ان مثل هذه القرارات لا تخدم قضية السلام. طبعا، ذرائع غريبة عجيبة، فهل مصادرة الأرض العربية بعد طرد أصحابها وتشريدهم خارج وطنهم وإقامة ا لمستعمرات الاستيطانية عليها يخدم ما يسمى بعملية السلام؟!! هل كانت السلطة الفلسطينية بحاجة فعلا لتقديم مشروع محكوم عليه بالفشل سلفا لتكتشف انحياز إدارة اوباما إلى الكيان الصهيوني؟ أم ان السلطة الفلسطينية كانت على درجة من السذاجة بحيث صدقت ان باراك اوباما الحائز على جائزة نوبل "للسلام" للعام 2010م يمكن ان يعمل من اجل "سلام" لا يخدم مصالح الكيان الصهيوني؟ ثم هل كانت حكومة الإرهابي نتنياهو ستجمد الاستيطان حتى لو قامت الإدارة الأمريكية بتمرير القرار؟ لقد انسجمت إدارة اوباما مع نفسها وسياساتها المنحازة للكيان الصهيوني كما هو الحال مع الإدارات الأمريكية التي سبقتها والتي سوف تأتي لاحقا ما دام العرب غير موحدين وغير حادين بالتمسك بحقوقهم المشروعة ولا يبنون مواقفهم وعلاقاتهم مع الدول الأخرى وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على أساس احترام هذه الدول لمصالحهم. نعود لنؤكد بأن طريق المقاومة والمقاومة وحدها هي ما يوصل شعبنا وامتنا إلى استرداد حقوقها المغتصبة والحفاظ على استقلالها وكرامتها وثرواتها وليس انتظار قرارات مجلس الأمن الدولي. فـــؤاد دبـــور عمان 26/2/2011 |
|