دور الإعلام في صناعة الحدث

 

 

شهد العالم تحولات وتطورات متقدمة في ظل ثورة الالكترونيات والتكنولوجيا المتطورة في مجال الاتصالات ووسائل الإعلام وبخاصة المرئية منها التي تعتمد على الأقمار الصناعية حيث أصبح الإعلام الناقل للأخبار والمعلومة والحدث عنصرا هاما في صناعة الحدث عبر قيامه بدور أساسي في صياغة الصورة الذهنية المحرك للسياسات العامة بمعنى أن الإعلام يقوم بدور فعال في تشكيل صورة الحدث وتأثيراته على الرأي العام سيما وانه قد تجاوز مرحلة توصيف الأحداث إلى رصد تحولاتها والتركيز على تحليلها مركزا على نقد السلبيات وأحيانا تحويل الحقائق وجعلها ملائمة لتوجهات أصحاب القرار السياسي الذي ينطق هذا الإعلام باسمهم وهنا يتم إخراج الحدث عن الواقع الموضوعي، مما يجعل الإعلام شريكا أساسيا في صناعة الأحداث والتحكم في تطورها عبر ما يوفره من معلومات تحدث تأثيرا عليها، خاصة وان أدواتها المتقدمة جعلت الاهتمام الشعبي يزداد يوم بعد أخر نظرا لدورها في بث المعلومات والاحداث التي تتعلق بالشؤون العامة وبخاصة القضايا السياسية التي تتعلق بالقرارات الكبرى ذات التأثير الحيوي في حياة الناس الذين تتكون لديهم مفاهيم ومواقف ارتباطا بالصورة المنقولة عبر الفضائيات التي هي أداة الاتصال الأهم والأكثر تأثيرا من حيث انها تقوم بنشر المعلومة والفكرة والخبر والثقافات وما يتعلق بالحضارة مثلما تجعل الصلة وثيقة بين جهة النقل أو النشر والمتلقي وتحاول تسويق أهدافها السياسية والثقافية والاجتماعية مثلما تعمل على تعبئة الجهة المتلقية في الاتجاه الذي يخدم مصالحها سواء أكانت هذه المصالح ايجابية بالنسبة للجهة المتلقية أم سلبية نظرا لأنها تروج مفاهيمها بشكل مستمر مما يبقى قطاعا واسعا من هؤلاء مرتبطا بها، فعندما يتم نشر ثقافة قائمة على القيم النبيلة والإنسانية والأخلاقية تكون النتائج ايجابية ويكون الإعلام في هذه الحالة سليما وصحيحا لأنه ينشر ويحقق القواعد الأخلاقية للعمل الإعلامي بعيدا عن التزوير والتحريض والحملات المغرضة المخطط لها والتي تستهدف تشويه الصورة عند الناس، وإذا ما انتقلنا من التعميم إلى التخصيص أي ما يتعلق بأمتنا العربية والاحداث التي تجري في أقطارها يكون الإعلام الصادق السليم هو الذي يمكن العرب من نقل ونشر ما يجسد قضاياهم العادلة في المجالات السياسية والروحية والثقافية والقومية والتراثية والحضارية ويقوم بمواجهة الإعلام المعادي الذي يشوه صورة العرب وقيمهم الحضارية ويعمل على بث الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد مثلما يعمل على إيصال  صورة مشوهة عن الأحداث التي تجري في الوطن العربي بما يخدم مصالحه، وبكل أسف هناك أيضا فضائيات عربية وافلام اعلانية عربية وأقلام تصب في ذات الاتجاه سيما أولئك الذين يحرضون بما يسهم في توتير وتسميم الأجواء في هذا القطر العربي أو ذاك مما يعرضه إلى عدم الاستقرار ويصيبه في اقتصاده وقد تصل الأمور إلى إسالة دماء أبنائه.

بمعنى أن الإعلام العربي بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية يتحمل مسؤولية كبرى في توعية المواطن العربي بالمسارات الموضوعية للاحداث العربية والتوجيه السليم للمواطنين العرب عبر وضعهم في الصورة الحقيقية للحدث ونتائجه وانعكاساته مثلما يتطلب من هذه الوسائل أيضا نقل صورة الحدث إلى العالم وهذه مهمة أساسية للإعلام العربي عليه القيام بها وتتعلق بإيصال قضايا الأمة العادلة إلى الرأي العام الدولي ويأتي في مقدمتها قضايا التحرر الوطني والقومي والتي تأتي في مقدمتها قضية الصراع مع الصهاينة الذين يحتلون ارض فلسطين العربية وأراض عربية أخرى ويهددون الأمن والاستقرار في منطقة هي من أكثر المناطق في العام حساسية وأهمية للعديد، العديد من دول هذا العالم نظرا لموقعها الاستراتيجي وللثروة المختزنة في أعماق أرضها النفطية والضرورية لهذه الدول، مثلما يتوجب على وسائل الإعلام العربية الدفع باتجاه بناء الدولة القومية الديمقراطية وهذه مهمة تاريخية يتوجب على الإعلام العربي القيام بدوره فيها من خلال البث المستمر الذي يتولى التأكيد على مصالح الأمة العربية العليا ويمارس تأثيره التعبوي على الجماهير العربية في هذا الاتجاه ويتصدى للرد وتفنيد ما يصدر عن وسائل الإعلام المعادية للعرب وبخاصة الإعلام الصهيوني والغربي وفي مقدمته الإعلام الأمريكي الذي يروج لمصالحه ومصالح الشركاء الصهاينة ويعمل على اختراق القيم العربية ويحول دون الإنسان العربي والتمسك بالثقافة الروحية والقومية وذلك من خلال غزو ثقافي مضاد مدمر لهذه القيم مثلما يعمل الإعلام المعادي على وضع بدائل للمصالح الوطنية والقومية وفرضها على الأمة.

نقول هذا ونحن نعرف تماما تفوق الإعلام الغربي وأدواته وإمكاناته بحيث يكون هذا التفوق حافزا لتطوير قدرات الإعلام العربي والذي يجب أن لا ينخرط في ترويج أهداف الإعلام الغربي مثلما يحصل أحيانا، ونحن في هذا الحال لا نظلم ولكن نشير إلى أمور واقعة وبكل أسف وألم بخاصة فيما يتعلق  بالأحداث الجارية في سورية حيث تعترف الصحافة ووسائل الإعلام الصهيونية بالتحريض ضد سورية وتعمل على إشعال نار الفتنة عبر عناوين الصحافة وتحليلاتها أو نشرات الأخبار المرئية وأكاذيبها.

ونحن جميعا نعرف أن الصهاينة وإعلامهم يعمل فقط على نشر ما يخدم مصالح الكيان الصهيوني عبر إتباع كل أساليب التزوير والتضليل وإعلامهم يبتعد عن المهنية والمبادئ الأخلاقية والقانونية.

طبعا نفهم دور الإعلام الصهيوني في بث الأكاذيب والقيام بعمليات التحريض ولكننا لا نفهم بل نرفض وندين الإعلام العربي بكل وسائله المتنوعة عندما يحرض ويضلل ويعمل على إشعال الفتن عبر تشويه الحقائق الواقعة على الأرض في الوقت الذي نحترم فيه الإعلام العربي عندما يتصدى لهجمات وأباطيل إعلام الأعداء عبر نقل الصورة الحقيقية لمجريات الأحداث حتى ولو كانت مؤلمة ذلك لأننا ندرك أن الخطاب الإعلامي الملتزم بقضايا الأمة وأمالها وتطلعاتها يتم التعبير عنه بعلمية وواقعية ومبدئية ويعمل جاهدا على تصويب السلبيات بمهنية ومحاصرتها من اجل الوصول إلى ما يخدم المصالح الوطنية والقومية للعرب خاصة عندما يتعلق الأمر بالرد على الإعلام الغربي الذي يتمتع بانتشار هائل في الوطن العربي مما يعطيه القدرة على التأثير في تشكيل صورة الحياة السياسية والاقتصادية العربية حيث يتأثر قطاع واسع من الموطنين العرب بهذه الصورة التي يتم من خلالها تشويه الواقع العربي في أذهانهم ونفوسهم مثلما يؤثر على الرأي العام العالمي وعليه فإننا  نؤكد على دور الإعلام العربي في نقل الصورة الحقيقية للواقع  والاحداث التي تجري في أقطار الوطن وحتى يقوم الإعلام العربي بدوره المطلوب، يتوجب دعمه بكل الوسائل اللازمة من مال وخبرات وتوفير المعلومات والحقائق بكل موضوعية، وابعاده عن الانحياز لجهات أو حتى أشخاص يعملون على ترويج وجهات نظرهم ومصالحهم والتي قد تكون على حساب المصالح الوطنية والقومية، بمعنى أن يتم توجيه الإعلام العربي من جهات سياسية لها مشاريعها الخاصة التي لا تتوافق مع مصالح الشعب وكذلك من جهات لديها قدرة عالية على دفع الأموال وتعمل على ترويج مصالحها حتى ولو كانت أيضا على حساب مصالح الشعب والوطن نقولها بصراحة يجب أن يكون الإعلام حرا يدافع عن مصالح الشعب والوطن والأمة ويوصل المعلومة والخبر والصورة والتحليل السليم للحدث والوقائع إلى المواطن.

أي إننا نؤكد على رسالة الإعلام العربي التي تهدف إلى إبراز الحقيقة ومخاطبة الرأي العام الوطني والقومي والعالمي بلغة العصر وإيصال ما هو حقيقي وسليم كما أن عليه أن يقف يخدم القضايا العربية العادلة للأمة.

فـــؤاد دبـــور

عمان 9/4/2011