مقالات > غزة "العدوان الصهيوني يتصاعد"

 

 

 

 

لماذا سورية؟

 

تتسارع الأحداث التي تستهدف سورية في سباق مع الزمن حيث تعمل القوى المعادية لسورية وقيادتها بكل طاقاتها على خلق مبررات من اجل إضعافها وتشويه صورتها وتهديد أمنها واستقرارها، مبررات تولت أجهزة أمنية وإعلامية وسياسية معادية تسويقها في حملة مسعورة للضغط عليها سياسيا وامنيا وماليا حيث رصدت جهات معادية مبالغ مالية لتمويل القوى المضادة التي تعمل على خلق الفتن وزعزعة الاستقرار وصولا إلى استهداف النظام، وقد كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن جزء بسيط من هذه الأموال التي تدفع حيث نقلت عن برقيات سربها موقع "ويكيليكس" أن وزارة الخارجية الأمريكية قامت بتمويل جماعات سورية معارضة في إطار حملة منظمة للإطاحة بالنظام السوري لأنه يرفض القبول بالسياسات الأمريكية والصهيونية في المنطقة وجاءت تصريحات مساعدة لوزير الدفاع الأمريكي لتوضح الأسباب القديمة والمتجددة التي تجعل الإدارة الأمريكية الحالية والإدارات التي سبقتها توجه الضغوط والتهديدات والعبث بأمن سورية وتتمثل السياسة الأمريكية وفق ما أعلنته هذه المسؤولة بالأمس القريب وأثناء قيام عصابات تحركها الأجهزة المعادية بوجوب قطع علاقة سورية بالدولة الإيرانية وتعزيز علاقاتها مع دول الخليج العربي، ووقف تقديم الدعم بكل أشكاله للإرهابيين في لبنان وفلسطين والعراق والمقصود هنا بالطبع المقاومة الوطنية اللبنانية التي ألحقت الهزيمة بالكيان الصهيوني في الحرب العدوانية الصهيونية تموز عام 2006، وكذلك المقاومة الفلسطينية التي ألحقت هي الأخرى ضربة بالمخطط السياسي للعدو الصهيوني الذي كان الهدف من حربه العدوانية على قطاع غزة أواخر العام 2008 إنهاء المقاومة، هذا إضافة إلى المقاومة العراقية التي ألحقت هزيمة ساحقة بالقوات الأمريكية الغازية للعراق.

كما طالبت المسؤولة الأمريكية سورية بتوقيع اتفاقية "سلام" مع الكيان الصهيوني طبعا وفقا للمفهوم الصهيوني الذي تتبناه الإدارة الأمريكية وعندما تلبي القيادة السورية هذه الشروط يتحقق لها الأمن والاستقرار. وهي تصريحات واضحة تدل بدون شك على أسباب وأهداف ما يجري في سورية هذه الأيام وبشكل وصل إلى حد استخدام المجرمين الذين يقتلون المواطنين المدنيين مثلما يقتلون رجال الأمن والقوات المسلحة في محاولة لضرب الوحدة الوطنية في سورية وإغراق سورية في أزمة ووضع القيادة في إرباك شديد، طبعا نحن لا نتهم أولئك الذين يطالبون بالإصلاح السياسي والحرية، الحرية المسؤولة المنظمة التي تفجر طاقات المواطنين في خدمة شعبهم ووطنهم فالحرية التي تمارس بوعي وبشكل منظم خلاقة ومنتجة لان الحرية والتنظيم متلازمان وان افترقا كانت الفوضى وفقدان الأمان. ولكننا نتهم العصابات المأجورة التي تمارس الإرهاب والقتل سواء أكانت هذه الممارسة من اجل تحقيق أهداف ذاتية أم خدمة للمصالح الأمريكية والصهيونية مقابل حفنة من الدولارات الملطخة بدماء أبناء الشعب، وهؤلاء هم الذين يستمرون في التحريض والتخريب والقتل اما أولئك الذين يطالبون بالإصلاح فقد تراجع العديد منهم بعد أن أقدمت القيادة السورية ممثلة بالرئيس بشار الأسد على إصدار مراسيم إلغاء حالة الطوارئ وإلغاء محكمة امن الدولة العليا، والإسراع في طرح مشروع قانون للأحزاب رغم أن النظام السياسي في سورية يعتمد على مبدأ التعددية السياسية من خلال جبهة وطنية تقدمية قامت في سورية في السابع من نيسان عام 1972م وتضم في عضويتها الأحزاب الوطنية التقدمية ذات التاريخ والمبادئ الوطنية والقومية وتسهم هذه الأحزاب في مجموعها في وضع ومناقشة الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن. مثلما وعد الرئيس بوضع قانون للإعلام، وهذه القوانين من شأنها توسيع مشاركة المواطنين بما يعزز البناء الديمقراطي وضمان امن الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية القاعدة الصلبة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، هذا إضافة إلى الاهتمام بإيجاد فرص عمل للشباب وبخاصة حملة الشهادات الجامعية والمعاهد المتوسطة ومن الجدير بالذكر أن التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات الرسمية السورية حق كفلته الدولة لكل مواطن دون مقابل .

طبعا، هذه الإجراءات الإصلاحية لا تحول دون ممارسات القوى المتربصة بسورية والتي ما زالت تمارس الإرهاب لأهداف سياسية تستهدف مواقف سورية الوطنية والقومية وعدم رضوخ القيادة السورية لسياسات الصهاينة والشركاء في الولايات المتحدة الأمريكية والتابعين لهما في المنطقة من فئات حاقدة. ويرى هؤلاء بأن سورية تشغل المركز الصلب الذي تنكسر عليه مشاريعهم ومخططاتهم كما يرون في سورية الداعم الأساسي لقوى المقاومة العربية وبالتالي يجب إسقاط المركز حتى تسقط الفروع وتصبح المنطقة تحت السيطرة الأمريكية الصهيونية ويتم تمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد، كما يرى هؤلاء بأن قوة سورية وصمودها وأمنها واستقرارها يشكل نواة لقيام مثلث مواجهة في المنطقة بعد سقوط النظام المصري الذي ارتبط بالسياسة الأمريكية والصهيونية وتعويض الخسارة عن هذا النظام يتم عبر ضرب سورية وإزاحتها من امام المشروع الأمريكي الصهيوني وهذه السياسة المؤامرة تكشف عنها بوضوح مجريات الأحداث وتطوراتها ووقائعها والفئات المنخرطة بها التي تخدم مصالح وأطماع أعداء سورية والعرب في الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية، وقد استغل هؤلاء الأحداث التي جرت في المنطقة لإشعال الفتنة في سورية واستهدافها تحت شعار الإصلاح والحرية وراحوا يمارسون أعمال القتل وإراقة الدماء والتي تتنافى مع الشعارات التي يختبئون وراءها.

نعود للقول، بأننا نفهم المعارضة على انها تلك التي تعارض الممارسات الفاسدة من اجل اجتثاثها وتعمل من اجل الإصلاح السياسي والاقتصادي، معارضة وطنية ترفض وبشكل قاطع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للوطن وتبقي على الاختلاف شأنا داخليا يمكن إيجاد الوسائل المشتركة للوصول إلى الحلول التي تخدم المواطنين، ومعيار وطنية هذه المعارضة هو رفض وإدانة بل ومقاومة العصابات التي تضرب امن الوطن والمواطنين، المعارضة التي تحافظ على الخصوصية الوطنية بعيدا عن التشويش والتشويه والتي تخدم أعداء الوطن والشعب، كما أن العمل بمعناه الوطني هو الذي يعزز الروح الجماعية وتعميق الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع.

لنا كل الثقة بأن سورية المستهدفة لأنها ثابتة على الثوابت الوطنية والقومية المبدئية ستدحر المؤامرة وستبقى قلعة منيعة شامخة لن ترهبها المؤامرات ولن تتوقف عن مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني ولن تتوقف عن تقديم كل الدعم والإسناد للمقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وذلك انطلاقا من الإيمان بوحدة المعركة ضد أعداء الأمة. كما ستبقى سورية كما عهدناها عبر تاريخها النضالي الطويل محافظة على دورها في النضال الوطني والقومي تتصدى ببسالة لأعداء الأمة وأعوانهم ممن يستهدفون الأمة كلها عبر تحطيم القاعدة والمرتكز الأساسي المتمثل في سورية ولكن سيفشل الأعداء وستبقى سورية قلعة للصمود والمواجهة وستبقى الأمة العربية صخرة صلبة تنكسر عليها مؤامرات الأعداء ولن ترضخ الأمة ولن تستسلم لمخططات هؤلاء الأعداء، وسيقف كل حر من أبناء هذه الأمة مع سورية في مواجهة مؤامرة استهدافها لان الدفاع عن سورية يشكل دفاعا عن الأمة.

فـــؤاد دبـــور

عمان 24/4/2011

 

 

صفحة جاهزة للطباعة   |    أرسال لصديق