|
حقنا في العودة إلى فلسطين – إلى أم الزينات مقدس –
ثلاثة وستون عاما مرت على جريمة الاغتصاب الصهيوني لفلسطين العربية وطرد الملايين من أصحابها الشرعيين، ثلاثة وستون عاما مضت على اغتصاب مسقط رأسي بلدي قريتي الحبيبة أم الزينات عروس الكرمل، مرت هذه الأعوام وكأنها الدهر كله، أيام وسنوات زاخرة بالحنين بالألم والوجع والمعاناة واللوعة، مليئة بالشوق إلى مياهها العذبة، مياه ينابيع بئر السباع، بئر الهرامس، نبع الشقاق والصفصافة والبويظه، وبالشوق إلى ظلال شجر البلوط والخروب والزيتون والتفاح، شوق إلى رائحة القنديل والبطم والسنديان، تلك الغابات والأشجار التي أتت عليها نيران العدو الصهيوني في الحريق الذي أصاب جبل الكرمل قبل أشهر، ورغم طول البعاد والفراق سنعود، سيعود الأبناء والأحفاد. نعم، ستعود هذه الأجيال إلى أم الزينات، قرية الشموخ والعنفوان لاعمارها من جديد، وزراعة آلاف الأشجار في أرضها المعطاء لتصبح خضراء من جديدبعد السواد الذي أصابها بفعل أعداء الأرض والبشر والشجر. ستعود الأجيال من شعبنا العربي الفلسطيني إلى أرضهم ومدنهم وقراهم، سيعودون إلى سهول فلسطين وجبالها وبحرها، إلى بيارات البرتقال والليمون وكروم الزيتون، إلى القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وستفشل مخططات التهويد العنصرية، التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك مثلما تستهدف تدنيس كنيسة القيامة وكل المقدسات في فلسطين، سنعود رغم جبروت القوة الصهيونية التي أصبحت تتهاوى امام ضربات المقاومة في فلسطين ولبنان، سنعود بإرادة شعبنا وامتنا العربية، سنواجه العدوان والاغتصاب جيلا بعد أخر، ولن تتراجع أجيالنا عن الكفاح والجهاد مهما بلغت التضحيات من اجل استعادة الحقوق المسلوبة وتحقيق الانتصار الذي من خلاله نعود إلى فلسطين العربية القلب والوجه واللسان والتاريخ. سيعود أهلنا المشردون من الجولان العربي السوري وكذلك أهلنا في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، لن نتوقف عن المطالبة بحقنا في العودة في حين وان، ولن يثنينا عن تحقيق هذا الحق بطش العدو وإجرامه وإرهابه وكل ما تقدمه إليه الامبريالية الأمريكية من دعم مالي وسياسي وعسكري يتمثل بأحدث أدوات القتل والإجرام التي تنتجها مصانع القتل الأمريكية. بنضال أحرار شعبنا وامتنا سنواجه مؤامرات التوطين وإلغاء حق العودة مثلما سوف نسقط كل المشاريع الأمريكية والصهيونية الهادفة إلى تصفية قضية الشعب العربي الفلسطيني . اجل، سيعود كل لاجئ فلسطيني وعربي إلى أرضه ووطنه، لأننا نتمسك بحقوقنا التي اعترفت بها الهيئة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة ولان حق العودة حق قانوني ومدني وأنساني، ولان حق العودة تتوارثه الأجيال لأنه لا يسقط بالتقادم ولان حق الشعب في تقرير مصيره بإرادة حرة فوق أرضه يعتبر حقا مقدسا أكدته كل الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، ولان هذا الحق لا يخص ملايين اللاجئين العرب فقط بل يتمسك به كل الشعب العربي الفلسطيني بأكمله كما تتمسك به امتنا العربية، مثلما أكدت عليه الشرعية الدولية التي اتخذت مجموعة من القرارات التي تؤكد على مشروعية هذا الحق ويأتي في المقدمة منها القرار الدولي رقم 194 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون الأول عام 1948م والذي أكد في البند الحادي عشر على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ومدنهم وقراهم وبأسرع وقت مكن مثلما أكد على حقهم في الحصول على التعويض عن المعاناة والآلام التي لحقت بهم جراء تشريدهم وطردهم بالقوة من هذه المدن والقرى، كما أكدت الهيئة الدولية على هذا الحق ووجوب تنفيذه بقرارات أخرى نذكر منها القرار 2025 الصادر في الخامس عشر من شهر كانون الأول عام 1965، والقرار 2792 الصادر عنها في السادس من شهر كانون الأول عام 1971م ، حيث تمت مطالبة الصهاينة بوجوب تنفيذ عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ، هذا إضافة إلى أن حق العودة للاجئين يستمد قوته من استناده إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1948م والذي يؤكد في نصوصه على حق اللاجئين بالعودة إلى وطنهم وأراضيهم، وكذلك اتفاقية جنيف الرابعة الصادرة في الثاني عشر من شهر أب عام 1949 حيث تؤكد في نصوصها على عدم جواز طرد أي إنسان من أرضه ووطنه قسرا. بما يعني أن قضية اللاجئين الفلسطينيين قد ارتبطت بالإعلان عن قيام الكيان الصهيوني في الخامس عشر من أيار عام 1948م وأصبحت عنصرا أساسيا من عناصر الصراع العربي مع العدو الصهيوني الذي أقام كيانه على سلب ارض الشعب وطرده منها بالقوة وبمساعدة بريطانيا صاحبة الوعد المشؤوم المسمى بوعد بلفور نسبة إلى وزير خارجية هذه الدولة المستعمرة، وأصبح هذا الكيان كيانا عنصريا عدوانيا دمويا غاصبا وفي الوقت نفسه ولأنه يعتمد القتل والإرهاب والإجرام وعلى ما يقدمه له الآخرون من دعم وإسناد فقد حمل في طياته بذور الفشل والاندحار، والعودة إلى الوطن ليس حلما مبنيا على الرغبة بقدر ما هو مبني على حقائق التاريخ والجغرافيا فالأرض أرضنا والتاريخ يعلمنا بأن مصير الغاصب يرتبط بقيام أصحاب الحق في النضال المستمر من اجل استرداده، وشعبنا يمتلك إرادة النضال والمقاومة التي لا تتوقف بل تستمر من جيل إلى جيل. ويترتب علينا في هذا السياق أن نذكر الأجيال الحاضرة بالقليل من الحقائق التي توضح حجم المؤامرة التي تعرض لها شعبنا والمتمثلة في ملكية العرب للمساحة الأوسع من ارض فلسطين قبل قيام الكيان الصهيوني حيث امتلك العرب ما نسبته 93% من مساحة فلسطين البالغة 27000كم مربع، وجاء قرار التقسيم رقم 181 الصادر في تشرين الثاني عام 1947 ليعطي الصهاينة واليهود مساحة من ارض فلسطين تبلغ 56% أي أن هذا القرار قد منح، دون وجه حق، ما يزيد على نصف ارض فلسطين إلى غرباء عن الأرض، مساحة ما يملكه العرب من هذه الأرض تساوي 85% كما بلغت نسبة من تم تهجيرهم بالقوة من ابنا الشعب العربي الفلسطيني ما يقارب 90% من سكان الأرض المحتلة عام 1948م، وأقدم قادة العدو على هدم وتدمير ما يزيد عن خمسماية قرية ومدينة عربية لإقامة المستعمرات الاستيطانية مكانها والتي أقيمت من اجل استيعاب المهاجرين الغرباء من يهود العالم، وحتى يكتمل الطرد والتشريد لأبناء فلسطين فقد أقدمت حكومات العدو الصهيوني والعصابات الصهيونية على ارتكاب أكثر من خمسين مجزرة دموية بشعة بحق السكان العرب، أسفرت عن استشهاد أكثر من عشرين ألف مواطن عربي فلسطيني في العام 1948م وما قبله. كما انه يتوجب علينا أن نؤكد على أن أكثر من 75% من المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون الآن في الأرض المحتلة للعام 1948م هم لاجئون في وطنهم، وتعمل حكومات العدو الصهيوني وبالذات حكومة الإرهابي نتنياهو على طردهم إلى خارج هذه الأرض وفق قوانين أصدرها الكنيست الصهيوني من اجل تهويد الأرض العربية الفلسطينية وإقامة دولة يهودية خالصة على حد زعمهم. ونحن إذ نؤكد على حق العودة للشعب العربي الفلسطيني إلى وطنه وأرضه نؤكد في الوقت نفسه على الأسباب التي أوصلت العرب إلى ما هم عليه الآن هذه الأسباب المتمثلة في فرقة الأمة وتجزئتها إلى أقطار فقدت معظمها قرارها السيادي المستقل. مثلما فقدت أيضا إشراك الشعب في اختيار القوانين والتشريعات الناظمة لحياته أي فقدان الحياة الديمقراطية التي تعتمد في الأساس على الحرية بكل ابعادها مما يجعلنا ننوه إلى نضال مجموع الشعب من اجل بناء الوحدة الوطنية على قاعدة المشروع الوطني والقومي ونضاله من اجل بناء الحياة الديمقراطية القائمة على تمتع المواطنين بالحريات وحقوق الإنسان وانطلاق العمل الجاد والفاعل لتحقيق أهداف امتنا في الوحدة والحرية والحياة الأفضل والتمسك بالهوية القومية وامتلاك الجميع للقرار العربي المستقل الذي يشكل خيار الضرورة الوحيد لحماية الوجود القومي وبناء المشروع العربي النهضوي وامتلاك القوة والقدرة للدفاع عن حقوق الأمة وسيادتها واستقلالها واستعادة الحقوق المسلوبة ويأتي في مقدمتها استعادة كل ارض عربية محتلة في فلسطين وسورية ولبنان والمغرب وكل شبر من ارض الوطن العربي الكبير. وعندما نستعيد الأرض نكون قد حققنا عودة اللاجئين إلى أرضهم وممتلكاتهم.
عمان 14/5/2011 Email:fuad@abpparty.org
|
|