كفى تحريضاً

 

شهد عالمنا المعاصر في السنوات الأخيرة سطوة الإعلام وأهمية دوره الخطير وتأثيره في تشكيل الرأي العام في ظل تطورات وتحولات كبيرة نتيجة ثورة التكنولوجيا الالكترونية والمعلوماتية والقفزة النوعية الكبيرة في الاتصالات وبخاصة في مجال الأقمار الصناعية واستخداماتها الواسعة بحيث أصبح الإعلام يشكل موقعا استراتيجيا مركزيا في السياسات التي تهدف إلى بناء المجتمعات المختلفة بناء معاصرا في الدول المتقدمة والنامية، كما أصبح للإعلام دور شديد الأهمية في الاستقطاب ونشر الثقافة والمعلومات والأخيار التي تخدم الجهة المسيطرة على القنوات الفضائية وشبكات الانترنت مما جعل امن العديد من الدول عرضة للاختراق وترويج المعلومات ونشر الأخبار التي تخدم الجهات التي تستهدف هذه الدول سيما وانها الأكثر قدرة على امتلاك التكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة التي أصبحت المعيار الذي نقاس به كفاءة الأداء للنظم السياسية القائمة ومدى صلاحية وفاعلية الأفكار والمعلومات التي تبثها وسائل إعلامها، وكيف تستخدم هذه الجهات الإعلام في تحقيق مآربها عبر ترويج الإشاعات ضد الشعوب الأخرى خاصة إذا كانت هذه الشعوب مستهدفة حيث يتم خلق حالة من البلبلة وخلق إشكالات وتحديات خطيرة لثقافات الشعوب والقيم الإنسانية وأنماط السلوك البشري. أي أن الأقدر على امتلاك الوسائل الإعلامية المتطورة تكنولوجيا والكترونيا يستطيع توجيه هذه الوسائل لخدمة أهدافه السياسية في ظل الظروف الراهنة التي تحمل خطر قيام تشابك واختراق إعلامي خارجي معاد وبالنسبة لامتنا العربية فإنها تقع تحت سيطرة الإعلام الموجه أمريكيا واستعماريا وصهيونيا بشكل خاص حيث تعمل هذه الجهات عبر ما تمتلكه من وسائل إعلام متطورة إلى خلق فوضى من شأنها تقويض امن المجتمعات العربية وإضعافها مما يسهل على الدول المعادية تمرير مشاريعها ومخططاتها التي تستهدف الأمة العربية في كل أقطارها وتصبح المعضلة اكبر واخطر وأكثر ضررا عند تنحرف وسائل الإعلام العربية وبخاصة الفضائيات عن دورها في خدمة قضايا العرب وتبني مصالحهم خاصة في الواقع العربي الذي يشهد هذه الأيام تداعيات السياسات المعادية للأمة والتي تتناقض مع الأهداف الوطنية والقومية للأقطار العربية في ظل ظروف صعبة حلت بالعديد من هذه الأقطار جراء استمرار حالة العدوان والتآمر الصهيوني – الامبريالي الاستعماري على قوى الممانعة والمقاومة العربية الصامدة والمناضلة من اجل تحرير الأرض العربية والإنسان العربي وكذلك في ظل انحراف العديد من وسائل الإعلام العربية عن الوقائع والحقائق والتوجه نحو التضليل والتشويه ويجعلها أدوات تلحق الأضرار القاتلة بالمواطن العربي وبالتالي بالوطن مما يتناقض مع دورها الحقيقي والمفترض أن يتمثل في مخاطبة عقول الجماهير العربية بقصد إيقاظ الوجدان والوعي العربي وكشف المؤامرات التي تستهدف الأمة في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها وتأثير هذه المؤامرات ذلك لان وسائل الإعلام أن كانت عربية حقيقية يتوجب عليها أن تنقل حقيقة الاستهداف وابعاده والتوعية لمخاطره وكيفية مواجهته اما عندما يخرج الإعلام العربي عن الهدف السليم الذي يخدم الأمة فإنه بالتأكيد يصبح عامل هدم في جدار مصير الأمة ويشكل عاملا أساسيا في تقويض أمنها واستقرارها خاصة عندما يصبح أداة في تشويه الوقائع والحقائق والتزوير والتحريف مثلما هو الحال القائم هذه الأيام مع مجريات الأحداث التي تمر بها سورية العربية حيث تواجه عدوانا متعدد الأطراف والجهات المعادية خارجيا وداخليا مثلما تواجه إرهابا دمويا وعصابات مسلحة مجرمة صنعتها هذه الجهات المعادية وبخاصة الأمريكية والصهيونية والتابعين لهما من أصحاب الأحقاد والمشاريع الأنانية الخاصة سواء أكانوا من الفئات السورية الضالة أو المضللة أم من فئات تنطق باللغة العربية لكنها في خدمة أهداف ومصالح ومشاريع القوى المعادية مقابل حفنة من الدولارات الملطخة بالدم أو مقابل مواقع تبنى على جماجم أبناء الشعب ، ومن يتابع الإعلام وبخاصة بعض الفضائيات العربية الموجهة سياسيا يتذكر مقولة النازي الألماني غوبلز الذي وضع أساس التضليل الإعلامي عبر مقولة اكذب، ثم الكذب وكرر الكذب حتى يعطي الانطباع بأنه الحقيقة لكن لقد فات هذه الوسائل الضالة والغارقة في التزوير والكذب والتضليل أن زوال الحدود الإعلامية بين الدول وامتلاكها للتكنولوجيا يجعلها قادرة على فضح الأكاذيب بعد مدة ليست طويلة وهذا ما يشاهده المواطن العربي المتابع للإعلام الصادق الذي يكشف الأباطيل والأكاذيب والتزوير لشهود العيان المصنوعين في الأقبية والغرف السوداء.

ونقول، أن ما يجري في أقطار عربية وبخاصة في سورية يؤكد مدى الحقد والعداء الذي تكنه الجهات الصهيونية والامبريالية لسورية وطنا وشعبا ونظاماً بسبب مواقف هذا القطر الوطنية والقومية ورفض الاستسلام والخنوع والخضوع للمشاريع والسياسات المعادية، للأمة العربية جمعاء على اعتبار أن هذا القطر العربي يمثل القاعدة الأساسية التي تستند إليها المقاومة العربية التي تواجه الاحتلال والعدوان الأمريكي للعراق والاحتلال والعدوان الصهيوني في فلسطين ولبنان حيث يقوم العدو الصهيوني بممارسة سياسة القتل والإجرام والإرهاب بأبشع صورة مثلما يستهدف هؤلاء الأعداء كل بقعة في الوطن العربي الكبير. ولان الجهات التي توجه الإعلام وبالذات الناطق باللغة العربية هي جهات معادية فقد بقيت عيون هذا الإعلام عمياء عن صورة الالتفاف الشعبي للجماهير العربية السورية حول قيادتها هذا الالتفاف الذي يعكس فعلا الحالة الوطنية المتميزة بأبعادها ومعانيها والذي جاء معبرا عن إقدام هذه القيادة على تحقيق رغبة هذه الجماهير الشعبية المخلصة لوطنها في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي الذي تجسد في إصدار العديد من القوانين والتشريعات اللازمة لتحقيق هذا الإصلاح من قانون الانتخاب إلى قانون الأحزاب وأخر للإعلام وتشكيل لجان للحوار ووضع الأسس لمكافحة الفساد وتطهير القضاء والحرص على استقلاليته، مثلما اصدر الرئيس بشار الأسد مراسيم تتعلق بإلغاء قانون الطوارئ وإصدار مرسوم العفو العام، هذا إضافة إلى مجموعة مراسيم تتعلق بالشؤون الاقتصادية وتخفيف الأعباء عن المواطنين في العديد من المجالات وبخاصة المعاشية منها، مثلما يتعامى هؤلاء الحاقدون عن عمد وسبق الإصرار صورة الوحدة الوطنية للشعب العربي السوري التي تجلت بكل ابعادها السياسية والاجتماعية، كما لم يشاهدوا أيضا صورة التفاعل بين القاعدة الشعبية والقيادة التي عبرت عنها الملايين في المدن والقرى السورية من أقصى الشمال إلى الجنوب ومن شرق البلاد إلى غربها، كما أغمض هؤلاء عيونهم الحولاء عن التوجه القومي والعمل الدائم الذي تمارسه القيادة السورية من اجل توحيد الأمة بحيث تصبح قادرة على مواجهة التحديات والأخطار المتمثلة بالمشاريع والسياسات المعادية للأمة.

نقول للذين يوجهون ويديرون معركة الإعلام الموجه والقائم على الكذب والتزوير كفى تحريضا ، كفى تضليلا ، لن تنالوا من الشعب العربي في سورية ولن تنالوا من الأمة وسوف تفشلون في تضليل الشعب العربي في أقطار الوطن والذي كشف زيف إعلامكم. ونؤكد لكم بأن الشعب العربي في سورية سوف يسقط المؤامرة التي تستهدفه بوحدته الوطنية وبالوعي الذي يمتلكه هذا الشعب الذي يشكل القاعدة القوية والمرتكز الأساسي للدفاع عن الوطن في مواجهة القوى المعادية خارجية أكانت أم داخلية وسوف يتجاوز هذا الشعب المناضل والمقاوم عبر التاريخ المحنة باقتدار وان سورية الغد ستكون هي سورية الأقوى والأقدر على مواجهة التحديات والأخطار التي تستهدفها وتستهدف عبرها كل الأمة.

                                                                                                                   

عمان 20/6/2011

Email:fuad@abpparty.org