|
حمى الله سورية
تشهد سورية منذ أكثر من ثلاثة أشهر تحركات متعددة الأهداف والتوجهات فمنها ما هو حراك مشروع يمثل إرادة صادقة في الإصلاح والتقدم والنهوض ومنها حراك عصابات إرهاب وقتل وإجرام تعمل وفق توجيهات خارجية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإضعاف النظام وتقسيم الشعب والوطن بما يخدم أسيادهم الذين يحركونهم بما فيهم أصحاب النوايا الشريرة الذين يعيشون في الظلام ويقفون ضد مشيئة وهج نور الإصلاح والحياة الأفضل التي طالما سعى إلى تحقيقها النظام. وقد أدرك الشعب العربي في القطر العربي السوري بوعيه ابعاد وأهداف الفئات الضالة التي تحركها القوى الخارجية أو نوازع الشر النابعة من الأفكار السوداء ابعاد المؤامرة التي تستهدف وطنه مما دفع الملايين من أبنائه إلى الخروج وبزخم كبير إلى الشوارع في العديد من المدن والقرى السورية يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شهر حزيران يعبرون عن رسالة تضامن مع القيادة السورية ممثلة برئيسها الذي أعلن عن حزمة إصلاحات ديمقراطية مثلما يعبرون عن رسالة وحدة وطنية والتفاف حول قيادتهم مظهرين الاستعداد التام للدفاع عن وطنهم الذي تستهدفه قوى الشر والظلام الخارجية منها والداخلية، سيما وان الرئيس بشار الأسد قد أعلن في اليوم الذي سبق (الاثنين 20/6/2011) إصلاحات سياسية غير مسبوقة تتمثل في إصدار قوانين وتشريعات لتطوير بناء دولة المؤسسات وترسيخ سيادة القانون إضافة إلى قوانين ناظمة بشكل خاص للحياة البرلمانية والحزبية والمسار الإعلامي المقروء والمسموع والمرئي واحترام حقوق الإنسان وتعزيز الحريات الديمقراطية والحد من الفساد وملاحقة الفاسدين. لكن الفئات والزمر والعصابات الإرهابية لم تتوقف أعمالها ذلك لأنها لا تتحرك من اجل الإصلاحات كما تدعي بل هي قامت من اجل هدم السد والحصن المنيع الذي أقامته القيادة السورية لمنع اختراق الوطن وسيادة الشعب وامتلاكه للقرار الوطني والقومي المستقل الذي يجعل سورية سيدة نفسها بدلا من الرضوخ والاستسلام للسياسات الأجنبية المعادية لتطلعات الشعب والأمة مما يجعلها ترفض التبعية لهذه السياسات التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأساسي للحركة الصهيونية وكيانها الغاصب لفلسطين العربية وأراض عربية أخرى في سورية نفسها ولبنان تلك السياسات التي تعمل في خدمة المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي الاستيطاني الهادف إلى السيطرة على المنطقة ومقدراتها وثرواتها النفطية منها والمائية. وتستهدف هذه السياسات بشكل خاص سورية لأنها اختارت أن تكون حاضنة للعرب الذين يدافعون عن حقوقهم وأرضهم وأوطانهم وحرياتهم وكرامتهم امام الهجمة الامبريالية والصهيونية والاستعمارية الممثلة بالعديد من دول الغرب الأوروبي، وسورية تدرك بأن هذا الاحتضان والدعم للمقاومين العرب في مواجهة العدوان سوف يجعلها تتحمل الكثير من ظلم الآخرين وعدوانهم سواء أكان هؤلاء من خارج الوطن العربي أم داخله وظلم ذوي القربى اشد، لكنه قدر سورية، الجغرافيا والتاريخ والفكر والمبادئ والعقيدة، كما أثبتت القيادة السورية إدراكها لمسؤولياتها الوطنية والقومية حيث تمسكت رغم شدة العدوان وامتداداته بثوابتها الوطنية وهويتها القومية، لهذه الأسباب وغيرها تواجه هذه الأيام، مثلما واجهت من قبل، معركة متعددة الأطراف هي الأصعب والأقسى في تاريخها المعاصر حيث تتكالب عليها قوى الشر والظلام لإسقاط نهجها وسياساتها الداعمة للمقاومة العربية والإسلامية في فلسطين ولبنان والعراق. ولأنها أيضا تشكل القاعدة والمرتكز والبوابة المغلقة العصية على الاختراق وصولاً إلى السيطرة على المنطقة بكاملها والتي هي هدف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية والشريك الصهيوني، لذلك لا نستغرب الهجمة الشرسة التي تتعرض لها سورية من قبل الدول الغربية، لكن المستغرب وقوف فئات تدعي العداء للصهيونية والامبريالية وتقف في الخندق الصهيوني الأمريكي المعادي لسورية والأمة حتى لو كانت لهم أهداف أخرى لكن هذا لا يغير من الواقع شيئا. هذا الواقع الذي يؤكد دون شك وبشكل واضح على أن سورية تواجه مشروعا معاديا لها وللأمة عبرها، مشروعا أمريكيا صهيونيا غربيا استعماريا بشكل مباشر أو عبر صناعة خلايا أزمة داخلية وعصابات إرهابية مما يرتب على العرب كل العرب المخلصين لامتهم الوقوف إلى جانب سورية وليس في الخندق المعادي مثلما يفعل العديد من الناطقين باللغة العربية وبخاصة الذي يوجهون فضائيات الشر والتحريض والتزوير وتشويه الحقائق أن لم نقل قلب هذه الحقائق، كما لا يشك احد إلا من أصابه عمى البصر والبصيرة في ابعاد المؤامرة التي طالما استهدفت سورية بدءا بالحصار الذي فرضه الكونجرس الأمريكي الموالي للحركة الصهيونية ممثلة بمنظمة "ايباك" ومحاولات تطويق سورية عبر استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي الخاضع لتوجيهات ورغبات الإدارات الأمريكية وعلى رأسها القرار 1559 الصادر عن المجلس في شهر أيلول من العام 2004م والذي استهدف سورية والمقاومة الوطنية اللبنانية، وما تبعه من قرارات أوجدت محكمة دولية لمحاكمة سورية سياسيا اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري هذا أن لم نقل بأن عملية الاغتيال بحد ذاتها جاءت في سياق الحملة على سورية والمقاومة الوطنية اللبنانية وإلا كيف نفهم توجيه الاتهام باغتيال الحريري بعد دقائق فقط من العملية؟ ثم كيف نفهم قيام رئيس لجنة التحقيق الدولية الألماني ميليس بالبحث عن أدلة مزورة وشهود زور مصنوعين في الغرف السوداء لإثبات التهمة التي تحولت بقدرة القادرين الذين يقفون وراء هذه المحكمة نحو توجيه الاتهام بعد أربع سنوات نحو المقاومة اللبنانية التي هزمت الأمريكان وأداتهم الصهيونية وعندما بدأت الأحداث في سورية عادت الجهات التي تدير مؤامرة المحكمة لضم سورية مرة أخرى إلى لائحة الاتهام؟ وقائع كثيرة تدل بكل وضوح على محاولة إضعاف سورية وإيقاعها في شباك أعداء الأمة من اجل تسهيل تنفيذ المخطط الموضوع للمنطقة تحت اسم الشرق الأوسط الأمريكي الجديد. انه واهم من يظن ولو للحظة واحدة أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الغرب الاستعمارية تسعى إلى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة بل هي تتذرع من اجل السيطرة على المنطقة عبر إدخال دولها ومجتمعاتها في صراعات داخلية من اجل تحقيق مصالحها ومصالح العدو الصهيوني. فالديمقراطية تتحقق فقط عبر إرادة الشعوب التي تسعى فعلا للديمقراطية والإصلاح الحقيقي عبر الوسائل السلمية المشروعة وليس عبر حياكة المؤامرات وخلق بؤر الإرهاب والقتل والإجرام، أمام المشهد، يحق لنا أن نتساءل، هل يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تغير أو تتغير من دولة امبريالية غازية ترتكب كل أنواع القتل والعدوان، من اجل تحقيق أطماعها في السيطرة على ثروات الشعوب؟ وهل يمكن أن تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم الدعم بكل أشكاله للكيان الصهيوني وتوفير كل أسباب الأمن لهذا الكيان والتوقف أيضا عن انتهاج سياسات تهدف إلى تصفية قضية الشعب العربي الفلسطيني؟ وهل يمكن أن تتوقف عن التوجه نحو تمزيق المنطقة العربية على أسس طائفية ومذهبية عرقية؟ وهل، وهل؟ وأخيرا، نؤكد على أن مؤامرات الأعداء سوف تفشل، لان سورية لم، ولن تسقط في شباك الأعداء بل ستبقى عصية على السقوط بفضل تمسك شعبها بوحدته الوطنية التي أصبحت نظاما سياسيا وثقافيا واجتماعيا حيث تشكل هذه الوحدة الوطنية القاعدة الصلبة التي تتكسر عليها مؤامرات أعداء الداخل والخارج، كما ستبقى سورية كما عهدناها متمسكة بثوابت الشعب الوطنية والقومية وتعمل فعليا من اجل تحقيق رغباته وتطلعاته نحو الإصلاح والبناء، مثلما ستبقى الحصن المنيع الصامد في مواجهة أعداء الأمة العربية كما ستبقى الحصن الدافئ لقوى المقاومة العربية وبخاصة في فلسطين ولبنان والعراق والداعمة لها بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات. وحمى الله سورية
عمان 26/6/2011 Email:fuad@abpparty.org
|
|