مقالات > الإرهاب في خدمة أهداف سياسية

 

 

 

 

 

الإرهاب في خدمة أهداف سياسية

 

 

 

يشكل الإرهاب بمعناه ومفهومه جريمة لها عناصرها وأركانها التي تميزها عن غيرها من الجرائم مثلما يعني أيضا استخدام العنف بصورة غير مشروعة ضد مصالح محددة داخليا أو دوليا في خدمة أيدلوجية معنية، أي أن الإرهاب ليس مجرد فعل بل هو اعم واشمل حيث يشكل العامل السياسي في معظم الأحيان دافعا وسببا رئيسيا لممارسة الإرهاب مثلما تشكل أيضا عوامل أخرى دافعا للإرهاب، العامل الاقتصادي والاجتماعي والإيديولوجي والديني، وهذا يجعلنا وضع الإرهاب في مساره ومفهومه الصحيح وتحديد أسبابه وأهدافه وابعاده الحقيقية التي يعمل الذين يرتكبون الإرهاب على تحقيقها وخاصة أصحاب الأفكار المتطرفة العمياء الذين يرون أن تحقيق مصالحهم يتم عبر القضاء على الآخرين أو السيطرة عليهم، دون النظر إلى ما يمكن أن يحدثه العمل الإرهابي من خسائر في الأرواح أو الممتلكات وتهديد السلامة العامة وإصابة المجتمع المستهدف بالإرهاب بالذعر والخوف والقلق وعدم الاستقرار إلى جانب تأثيرات أخرى يمكن أن تحدث بسبب عمليات الإرهاب، فما يهم الذين يسلكون طريق الإرهاب ويمارسونه هو تحقيق أهدافهم وبخاصة السياسية منها والتي تشكل عاملا وباعثا أساسيا على ارتكاب جريمة الإرهاب بمعنى أن الإرهاب في معظم الحالات إنما يخدم أهدافا سياسية وإذا ما توقفنا عند بعض الجرائم الإرهابية التي طالت العديد من القادة السياسيين في العالم نرى أن كل جريمة لها باعث سياسي. ومن الأمثلة البارزة على الدوافع السياسية لعمليات الإرهاب المتمثلة باغتيال القادة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي، والرئيس المصري أنور السادات حيث ذكر الذين اغتالوه أن الأسباب التي جعلتهم يقدمون على عملية الاغتيال تتمثل في توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني ويأتي سبب اغتيال احد الصهاينة لرئيس الوزراء الصهيوني، اسحق رابين وفقا لما ذكره مرتكب عملية الاغتيال هو توقيعه على اتفاقية أوسلو مع القيادة الفلسطينية المتنفذة في ذلك الوقت (عام 1993). ومن العمليات الأخرى التي لها دوافع سياسية وتركت أثارا سياسية ما زالت تتفاعل حتى هذه اللحظة، عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان. حيث استخدمت هذه العملية في تحقيق أهداف سياسية ضد سورية وضد المقاومة الوطنية اللبنانية وأسفرت عن توظيف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مجلس الأمن الدولي لإصدار العديد من القرارات التي تصب في خدمة أهدافهم السياسية وكان من ابرز هذه القرارات، القرار المتعلق بتشكيل لجان تحقيق دولية ومحكمة دولية سياسية الاتجاه والتوجه تأتمر بأوامر الدولتين المذكورتين لتحقيق أهداف سياسية كما ذكرنا محورها الامعان في الإساءة إلى سورية والمقاومة ممثلة بحزب الله وهذا واضح من مسار التحقيق والاتهام الذي تم توجيهه نحو سورية والضباط اللبنانيين الأربعة لأكثر من أربع سنوات ثم عاد الاتهام ليوجه هذه الأيام نحو حزب الله.

وإذا ما انتقلنا من الاغتيال إلى الأعمال الإرهابية الأخرى فإننا نجد أن العملية الإرهابية التي طالت مؤسسات في الولايات المتحدة الأمريكية وأسفرت عن قتل أكثر من ثلاثة آلاف إنسان في الحادي عشر من أيلول عام 2001 قد تم توظيفها سياسيا واقتصاديا حيث اعتبرها قادة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت جورج بوش ومن معه دافعا لملاحقة الإرهاب فأقدموا على احتلال أفغانستان مما يوصلهم إلى نفط بحر قزوين وطرق إمدادات النفط في المنطقة مثلما ولنفس الأسباب والدوافع مكافحة الارهاب المزعوم، قامت نفس القيادة الأمريكية بشن حرب على العراق أسفر عن احتلال كامل أراضيه طبعا كان الهدف أيضا من هذه الحرب العدوانية سياسيا واقتصاديا حيث النفط والتحكم في المنطقة وكذلك توفير الأمن للكيان الصهيوني وبالتأكيد فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بارتكاب العدوان وأعمال الإرهاب بذريعة الرد على الإرهاب ومكافحته وهذا ما أقدمت عليه الولايات المتحدة ومعها الشريك الصهيوني قبل عملية الحادي عشر من أيلول بعشرات السنين وبالتحديد اثر حرب تشرين التحريرية في السادس من شهر تشرين الأول عام 1973 حيث وضع الشريكان لائحة تحت تسمية الدول المارقة على حد زعمهم وبالطبع فإن هذه الصفة تلصق بالدول التي ترفض الدخول إلى الحظيرة الأمريكية الصهيونية وجاء القطر العربي السوري في مقدمة هذه الدول ولذلك فهو يتعرض هذه الأيام لعمليات إرهابية تخطط لها الإدارة الأمريكية والحركة الصهيونية ممثلة بقادة الكيان الصهيوني ومعهما فرنسا. بهدف زعزعة امن واستقرار سورية وإضعافها ومعاقبتها على مواقفها الوطنية والقومية حيث ترفض الرضوخ والاستسلام للاشتراطات والسياسات الأمريكية الصهيونية في المنطقة مثلما تتصدى لمشاريع الشركيين الهادفة إلى السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها وكانت الادوات جاهزة ومعدة بأسلحة متطورة تم تهريبها لهذه الأدوات التي أخذت تمارس القتل والتدمير في القرى والمدن السورية مقابل حفنة من الدولارات النجسة.

وعندما تقوم سورية الدولة بمواجهة هذه الأدوات الإرهابية تتهم هي بالإرهاب من الجهات التي تخطط وتدفع. طبعا تتجاهل أو تتناسى هذه الجهات الكيان الأكثر إرهابا في هذا العالم، الكيان الصهيوني الذي مارس الإرهاب بكل أشكاله من اغتيال وقتل وتدمير وحصار وعدوان وحروب لتحقيق أهداف سياسية إجرامية عبر التاريخ الأسود لهذا الكيان وكانت حرب تموز عام 2006 وبعدها الحرب العدوانية على قطاع غزة أواخر عام 2008 وحروب واعتداءات سابقة وأعمال إجرامية ما زالت مستمرة وبشكل يومي حتى الآن وبخاصة ضد شعبنا العربي الفلسطيني في الضفة المحتلة والقطاع مثلما تمارس الإرهاب وبشكل مختلف ضد المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون لاجئين في وطنهم وأرضهم المحتلة عام 1948 بهدف إجبارهم على مغادرة الأرض تحت ذريعة إقامة الدولة اليهودية أي أن الشريكين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني يمارسان الإرهاب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والذي يمارسه الصهاينة واليهود بشكل خاص ضد المقدسات المسيحية والإسلامية وبخاصة المسجد الأقصى المبارك حيث يحاول هؤلاء هدم المسجد بذريعة إقامة الهيكل المزعوم مثلما يمارس الشريكان عمليات إجرامية وعمليات وهجمات سياسية وإعلامية وحصار اقتصادي للنيل من امن واستقرار البلدان المستهدفة التي ترفض الخضوع لسياساتهما و ترفض التبعية لهما وتتدرع الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد ومعها فرنسا ودول أوروبية استعمارية بالإصلاحات والديمقراطية لتوجيه الاتهامات وشن الحملات المغرضة، وهي بعيدة كل البعد عن الحرص على الديمقراطية للشعوب بل انما تتخذها ذريعة للإساءة إلى هذه البلدان وتحقيق أهدافها السياسية.

لان الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية في هذه البلدان  تنبع من حاجة الشعب وإرادته وهي بالتالي قضية تخص الشعب ومصالحه الوطنية والقومية ولا يمكن أن يتم تحقيقها عبر مخططات إرهاب وقتل تقف وراءه جهات معادية لشعوب هذه البلدان. بعد هذا نستطيع القول بأن هذه الجهات إنما توظف الإرهاب في خدمة أهدافها السياسية.

 

عمان 1/8/2011

Email:fuad@abpparty.org

 

 

 

صفحة جاهزة للطباعة   |    أرسال لصديق