العراقة في التضليل الإعلامي
يعتبر الإعلام وسيلة هامة وشديدة التأثير في صناعة
الرأي العام وفقا لنظريات سياسية وثقافية محددة، وذلك
بما له من فاعلية حاسمة في توفير المعلومة التي تصنع
القناعات عند الجماهير سيما وان وسائل الإعلام تقوم
بالدور الأهم في صياغة الصورة وتعديلها بما يخدم وجهة
النظر التي تسعى لنشرها، كما أن للإعلام أيضا دورا
أساسيا في بلورة السياسات وصياغة القرار السياسي، عبر
الأخبار والمعلومات التي يروجها الإعلام في هذا الحدث
أو ذاك خاصة في ظل التحولات والتطورات التكنولوجية
المتطورة في الاتصالات حيث الأقمار الصناعية
واستخداماتها الايجابية وكذلك السلبية التي تقوم على
خلق تشوهات وإفراز إشكالات خطيرة تؤثر في وعي الجماهير
ومواقفها السياسية من الأحداث. وهنا لا بد لنا وان
نتوقف عند كيفية استخدام القوى المعادية لامتنا
للإعلام وعند قدرتها وعراقتها في التضليل الإعلامي
بهدف تحقيق غاياتها ومشاريعها السياسية للنيل من امتنا
أو من هذا القطر العربي أو ذاك عبر ترويج الإشاعات
وفبركة الأخبار التي تصب في هذا الهدف.
وقد سلكت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الشريك
الاستراتيجي، الكيان الصهيوني، طريق التضليل الإعلامي
الموجه ضد امتنا وضد بلدان إسلامية وغير إسلامية
لتبرير سياساتها القائمة على الهيمنة على العالم حيث
وجهت إعلامها لتبرير غزوها لأفغانستان متذرعة بمكافحة
الإرهاب الذي أصابها في الحادي عشر من أيلول عام 2001م
مثلما قام إعلامها بالكذب والافتراء لتبرير عدوانها
على العراق الذي شنته في شهر آذار عام 2003م بذريعة
امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل ولكن الأهداف الأساسية
من هذه الحروب هو فقط تحقيق مصالحها المادية
والاقتصادية والسياسية التي تأتي من خلال السيطرة على
منابع النفط وطرقه مثلما هدفت إلى توفير الحماية
والأمن للكيان الصهيوني، كما تقوم بالتدخل السافر في
الشؤون الداخلية للعديد من أقطار الوطن العربي حيث
تروج وسائل إعلامها لهذا التدخل بالحرص على
الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، مثلما تعتمد أيضا
على قدرتها في توظيف العديد من القنوات الفضائية
ووسائل الإعلام الأخرى، مثل مراكز الدراسات وبعض مراكز
حقوق الإنسان في تقديم تفسيرات متحيزة للاحداث التي
تقع في منطقتنا بما يخدم وجهة نظرها وسياساتها
ومصالحها المرتبطة على الدوام بمصالح العدو الصهيوني،
وقد برز هذا التضليل والانحياز الإعلامي المستند إلى
التزوير في الوقائع والحقائق بشكل واضح في حملة الكذب
والتشويه التي مارستها وسائل الإعلام في الحرب
العدوانية على العراق، مثلما تبرز بشكل واضح هذه
الأيام في الحملة الإعلامية الشرسة لوسائل الإعلام
المقروءة والمسموعة والمرئية بشكل خاص والقائمة على
التحريض وتشويه الحقائق والوقائع والتي تقودها
الولايات المتحدة الأمريكية ضد القطر العربي السوري
الذي يواجه عصابات إرهابية يقوم الإعلام الدائر في
فلكها بإظهار هذه العصابات على انها معارضات شعبية
تتحرك من اجل الحصول على حقوقها وان النظام يمارس
القمع والقتل ضدها لهذا السبب وحقيقة الأمر بأن النظام
قد تعاطى، ويتعاطى، مع المطالب الشعبية بايجابية حيث
عمل ويعمل على إصدار القوانين والتشريعات الناظمة
للحياة الديمقراطية والحريات العامة في سورية وهذا
يجعل الإدارة الأمريكية ومن يتبعها من الدول والفئات
الضالة تزيد من رفع وتيرة التضليل الإعلامي والأعمال
الإجرامية التي تستهدف الجيش وقوات الأمن السورية
والعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في البلد وضرب
اقتصاده وإضعافه من اجل شل قدرته على مقاومة المشاريع
الاستعمارية التي تستهدف المنطقة وأقطار الأمة العربية
ولصالح القوى الاستعمارية والحركة الصهيونية ممثلة
بالكيان الصهيوني الغاصب الذي يواجه فعليا اخطارا
تتهدد كيانه من المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية
والفلسطينية وغيرها والتي توفر لها سورية الدعم اللازم
لمواجهة العدو الصهيوني واعتداءاته واحتلاله لأراض
عربية في فلسطين وسورية ولبنان، وهذا يكشف زيف الادعاء
الأمريكي والغربي من الحرص على الديمقراطية والعمل من
اجل تحقيقها..
وفي ظل هذا الاستهداف والتضليل والتزوير ونشر الإشاعات
وتشويه الحقائق تزداد أهمية الإعلام العربي الملتزم
بقضايا الأمة العربية لإظهار الحقائق والوقائع الصحيحة
ومن اجل التعبير عن مقومات الفكر العربي وما يتضمنه من
ثقافة وطنية وقومية عربية أصيلة وتاريخ عريق وحضارة
إنسانية مثلما تزداد أهميته أيضا ليكون ناطقا ومعبرا
عن حاجات المجتمع العربي وخدمة مصالح الجماهير العربية
وكشف زيف الإعلام المعادي والتصدي له عبر كشف أغراض
وأهداف أعداء الأمة وتعرية دور هذا الإعلام المعادي
القائم على التضليل مثلما أن على الإعلام العربي
النظيف أن يقوم بكشف المؤامرات التي تستهدف الأمة.
وبالطبع يكون هذا الإعلام الملتزم غير مقيد بالمزاج
الرسمي العربي المحكوم بعوامل وضغوطات خارجية يستجيب
لها إضافة إلى ضرورة ابتعاد هذا الإعلام عن تأثيرات
الخلافات بين أنظمة عربية عندما تتم المواجهة مع
الأعداء الذين يستهدفون الأمة بكل مكوناتها وأقطارها،
بمعنى إننا نؤكد على أهمية أن يكون الإعلام العربي
ملتزما بقضايا الأمة وأمالها وتطلعاتها ومعبرا بواقعية
ومبدئية عن الحدث سواء أكان هذا الحدث وطنيا أم قوميا
أم عالميا.
اما النهج الإعلامي الذي يتسم بالخلل والتشويه
والتحريض على العرب بعامة وعلى أقطار عربية تواجه
مشكلات بخاصة فإنه يتطلب من كل مواطن عربي واع مدرك
لابعاد هذه الحرب الإعلامية وعي حقيقة أهدافها والقيام
بتعرية هذا الإعلام الحاقد وكشف أهدافه المعادية
للأمة، كما يتطلب من الجميع إدراك حقيقة هذا الإعلام
والتوقف عندما ينشره ويبثه من إشاعات وتحريض للنيل من
هذا القطر العربي أو ذاك ونخص بالذكر هذه الأيام كما
أسلفنا سورية العربية المتمسكة بالثوابت الوطنية
والقومية والمدافعة عن قضايا الأمة العربية، مثلما
يتطلب من الجميع تمحيص الأخبار والتصدي للتزوير وفضح
ابعاده وعدم السقوط في خديعة هذا الإعلام الضال
والمضلل.
وبكل أسف نقول بأن هناك فضائيات ووسائل إعلام عربية قد
خرجت على قانون الشرف الإعلامي والمهنية الصادقة وذلك
عبر بثها مشاهد وصور غير واقعية وغير حقيقية مما يوقع
المشاهد العربي في دائرة الخداع ولو لوقت من الزمن إلى
أن تتكشف الحقائق والوقائع كما هي . ونقول، على أصحاب
الأقلام وقنوات البث العربية الالتزام بشرف المهنة وان
تخدم الأمة العربية وكل من يخرج عن هذا المسار يكون قد
أساء لنفسه ولوطنه وشعبه وأمته سواء أكان هذا الخروج
مقصودا أم غير مقصود فالنتائج المتمثلة بإلحاق الضرر
بالأمة واحدة.
عمان 11/9/2011
Email:fuad@abpparty.org
|