الإرهاب في خدمة السياسة

 

يشكل الإرهاب جريمة مقصودة ذات دوافع سياسية تلجأ دول أو جماعات إلى ممارسته لتحقيق أهداف سياسية حين تعجز عن تحقيق هذه الأهداف بوسائل أخرى، حيث توكل هذه الدول مهمة تنفيذ الجريمة الإرهابية إلى أجهزتها الأمنية الداخلية أو الخارجية أو إلى تنظيمات تقوم بهذا الدور ويمثل الاغتيال السياسي لأفراد أو جماعات حلقة أساسية من الجرائم الإرهابية وصولا للهدف السياسي ولخلق فوضى وبث الرعب في المجتمع المقصود للضغط على قيادة هذا المجتمع ودفعها للرضوخ لقرارات أو سياسات تخدم الجهة أو الجهات التي تمارس الجريمة الإرهابية أو تقف وراءها، ولم تسلم دولة في هذا العالم من الإرهاب بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها صانعة الإرهاب وحاضنته من اجل توظيفه في خدمة مصالحها السياسية.

ومن المعروف أن الشريك الأساسي لأمريكا في المنطقة المتمثل بالكيان الصهيوني وجهاز الاستخبارات العسكرية الخارجية فيه "الموساد" من أكثر الأجهزة التي مارست الإرهاب خدمة لأهداف سياسية، كما تشكل تنظيمات وعصابات منتشرة في المنطقة والعديد من دول العالم أدوات إرهابية يتم استئجارها للقيام بالعمليات الإرهابية خدمة لمصالح الجهة الدافعة من جهة أو يشكل الإرهاب بالنسبة إليها عقيدة، ونهجا، وأسلوبا. وقد أقدمت هذه التنظيمات على تنفيذ عمليات إرهابية في العديد من أقطار الوطن العربي والبلدان الإسلامية لتحقيق أهداف سياسية، ولا يمكن لنا أن نفصل ما يجري في سورية ومنذ أكثر من تسعة شهور من أعمال قتل وإجرام وتخريب طال العديد من المؤسسات والمنشآت في سورية عن عصابات الإرهاب هذه التي توجت أعمالها الإرهابية بالاعتداء على مؤسسات أمنية يوم الجمعة 23/12/2011 في مدينة دمشق أسفرت عن استشهاد العشرات وجرح أكثر من مئة مواطن عربي سوري من العسكريين والمدنيين خدمة لأهداف سياسية أمريكية صهيونية تستهدف المنطقة بأسرها عبر سورية قيادة وشعبا التي تقف عصية في طريق المشاريع الأمريكية الصهيونية وتشكل خطرا على امن الكيان الصهيوني الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية عبر دعمها للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، وعليه كان لا بد من اتخاذ سلسلة من الإجراءات والاعتداءات والحصار وأساليب أخرى للنيل من سورية وردعها عن مواصلة سياساتها الوطنية والقومية والعمل على إفشال هذه المشاريع ووقف دعمها للمقاومة ولما فشلت هذه الإجراءات بدءا من مجلس الأمن الدولي وقراراته وجامعة الدول العربية وقراراتها والعصابات المسلحة في بعض المدن والقرى السورية التي تقتل وتخطف وتروع ، كان لا بد من استخدام التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية للاقدام على التفجيرات الانتحارية للانتقام من سورية وبث الرعب في نفوس أبناء الشعب العربي في سورية الذي اظهر للعالم كله تمسكه بوحدته الوطنية والتفافه حول النظام والتصدي للمؤامرة التي تستهدف الوطن واستعداده للدفاع عنه مهما غلت التضحيات.

لقد أصبح الإرهاب هاجسا للعديد من دول العالم حيث يشكل تهديدا حقيقيا لأمن الدول واستقرارها وحتى تتم مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية فلا بد وان تتجه دول العالم نحو ميثاق الأمم المتحدة واحترام حقوق الشعوب والإقلاع عن سياسة توظيف العصابات الإرهابية لتحقيق أهداف سياسية والتي تتبعها الدول الامبريالية والاستعمارية والحركة الصهيونية. فالإرهاب ظاهرة مرفوضة أينما وقعت احداثه وتجب مكافحته واستئصاله بتعاون جميع الدول التي تحترم حقوق الإنسان من جهة وان تتوقف دول كبرى عن الحروب والاحتلالات الظالمة ومحاولات فرض الهيمنة والتسلط على بلدان أخرى لسلبها مقدراتها وثرواتها وقرارها السيادي المستقل، كما يجب أن تتوقف بعض الدول عن تمويل جماعات وتنظيمات إرهابية وتعبئتها أيدلوجيا لتستخدمها وسيلة للضغط أو التخريب وزعزعة الأمن والاستقرار ونظام حكم قائم من اجل أهداف سياسية لهذه الجهات المحمولة والداعمة لهذه العصابات.

وإذا ما توقفنا مرة أخرى عند ما يصيب سورية من أعمال إرهابية يحق لنا أن نتساءل عن الجهة أو الجهات المستفيدة مما يجري في هذا القطر العربي منذ الخامس عشر من شهر آذار عام 2011 وعن الجهة التي لها مصلحة حقيقية في الإجهاز على الدور السياسي لسورية المقاوم  للمشاريع الأمريكية – الصهيونية التي تم ترتيبها للمنطقة وبالتالي تسهيل تمريرها؟ ثم نتساءل لمصلحة من خلق الفتن  والفوضى الأمنية والحصار الاقتصادي والعمل على اغتيال الوحدة الوطنية للشعب العربي في سورية؟ ثم نتساءل إلى أين تحاول بعض الأنظمة العربية وتلك الجماعة التي تطلق على نفسها المعارضة السورية جر الوطن والشعب في سورية؟ كما نتساءل أيضا ما هو الدور الحقيقي لجامعة الدول العربية من الأزمة في سورية هل يتمثل في العمل الجاد والمخلص لمساعدة سورية للخروج من الأزمة وإفشال المخططات المعادية التي تستهدفها أم الدفع باتجاه تصعيد الأزمة والوصول بها إلى نهايات تخدم الأهداف السياسية لهؤلاء الأعداء الذين استخدموا تنظيمات إرهابية لتحقيق أهدافهم السياسية؟

على أية حال يبقى التأكيد على أن رفض الإرهاب ومكافحته يجب أن يطال رفض التسلط والهيمنة وسلب الإرادات والابتعاد عن الانتقائية وازدواجية المعايير والتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين سواء أكان هذا ما يمارسه الحلف غير المقدس الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والذي يستهدف الأمة العربية ودول إسلامية ويستهدف المقاومة التي تتصدى للعدوان الصهيو أمريكي عبر تحريك الإرهاب في سورية وذلك بتقديم الدعم للعصابات الإرهابية التي تقوم بزعزعة امن سورية واستقرارها من اجل فرض سياسة معينة عليها ضد إرادة شعبها ومصالحه الوطنية والقومية.

وأخيرا نقول: لقد علمنا التاريخ أن النصر في النهاية للشعوب صاحبة الحق اما الظالم فمصيره الفشل والهزيمة، كما إننا ندرك ابعاد الحملة الإرهابية التي تستهدف سورية بابعادها السياسية والأمنية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية صانعة الإرهاب كما ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية قبل أيام حيث قالت صنعنا حركة طالبان لمواجهة السوفيات في أفغانستان فانقلبت علينا وهكذا في أماكن أخرى. ونطمئن هيلاري كلنتون ومن معها من الصغار أينما تواجدوا جميعا في سورية أنهم مثلما فشلوا في العراق وأفغانستان ولبنان وقطاع غزة. فحتما سيفشلون في سورية وسيرتد الإرهاب عليهم وستصيبكم لعنته      لفتنته القذرة.

 

عمان 31/12/2011

Email:fuad@abpparty.org