|
انتصارات السادس من تشرين 1973
مثلت حرب تشرين التحريرية في السادس من تشرين الأول عام 1973 منعطفا تاريخيا في مسيرة الأمة العربية وذلك عبر تجسيدها لحضور العرب وقوتهم والأثر الفعال للتضامن العربي في انتصارات هذه الحرب حيث قاتل الجنود العرب من الغرب إلى الشرق معا وامتزجت الدماء مؤكدة حقيقة الأمة العربية الواحدة مثلما أعادت الثقة إليها بالنفس ونقلت الأمة من الضعف والانهزام إلى القوة والقدرة والاقتدار عبر تحقيقها انتصارات عسكرية وسياسية على طريق استرداد المسلوب من الأرض والحقوق، كما شكلت هذه الحرب عاملا هاما في إعادة الأمل في الواقع العربي وحافزا للصمود والتصدي لأعداء الأمة بعامة وللصهاينة الغاصبين للأرض والحقوق بخاصة، لان حرب تشرين التحريرية لم تكن مجرد معركة عسكرية فقط بل كانت معركة سياسية واقتصادية واختبارا تاريخيا لإرادة الأمة العربية وحيويتها وتضامنها ووقوفها في صف واحد تواجه العدو الغاصب لأرضها والطامع في ثرواتها وسيادتها واستقلالها وتهويد مقدساتها، امام هذا الواقع المعادي للأمة المتمثل في العدو الصهيوني والشريك الاستراتيجي لهذا العدو الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الاستعمارية بعامة وبريطانيا التي أسهمت أسهاما كبيرا في إنشاء الكيان الصهيوني على ارض فلسطين العربية بخاصة التقت الإرادات العربية وتجسد الحضور القومي وسال الدم العربي من اجل درء الخطر عن الأمة واستعادة المسلوب من أرضها وحقوقها. وكانت سورية الجناح الشمالي لهذه الحرب حيث قامت بدور متميز عبرت فيه عن مشاعر وتطلعات أبناء الأمة العربية جمعاء في التحرير واستعادة الكرامة والحقوق وقد تجسدت في سورية وحدة وطنية في أبهى مظاهرها مثلما تجلت وحدة قومية أيضا في أبهى صورها، حيث توحدت الصفوف وتعاون الجميع للدفاع عن الوطن والأمة. ولكن وذكرى حرب تشرين تطل علينا هذه الأيام، أين العرب من تلك الأيام؟ أين العرب وجامعتهم وأنظمتهم العربية من سورية التي قدمت وضحت وقاتلت؟ أين التضامن العربي؟ ها هي سورية اليوم تتعرض لحرب كونية تستهدف الدولة والشعب ومؤسساته وتستهدف الإرادة المستقلة لهذه الدولة وتستهدف الدور المقاوم والمدافع عن الأمة، أين الجناح الجنوبي لحرب تشرين التحريرية الشمالي هذه الأيام؟ ثم نتساءل عن التضامن العربي البناء من اجل الدفاع عن الأمة وتحقيق مصالحها واستعادة حقوقها والحفاظ على سيادتها واستقلالها هل الهجمة على سورية من أنظمة عربية تسلح وتدرب وتمول وتعمل على إدخال الإرهابيين إلى سورية العروبة والمقاومة والشهادة والتضحية ومواجهة أعداء الأمة في حرب السادس من تشرين ومثلت إرادة الأمة في تلك الحرب تخدم الأمة؟ أين نحن من ثقافة المقاومة التي أكدتها تلك الحرب؟ نقول هذا والأمل يحدونا في المقاومة التي تصدت وما زالت، للعدو الصهيوني والامبريالي في الثاني عشر من تموز عام 2006م وكذلك في الحرب العدوانية على شعبنا في قطاع غزة في أواخر عام 2008م. والمقاومة التي واجهت الاحتلال الأمريكي للعراق في الحرب العدوانية عام 2003م هذه المقاومة التي ما زالت تمسك بالزناد وتعمل ليل نهار لتبقى جاهزة للرد على العدوان ومواجهة الأخطار والتحديات والمخططات الصهيونية الأمريكية الاستعمارية التي تستهدف الأمة بل المنطقة بأسرها. نعود لنؤكد على أهمية التضامن العربي الذي حقق انتصارات تشرين ونأمل في عودة الذين خرجوا من العرب من هذا التضامن الوقوف مع النفس والخروج من التبعية مع أعداء الأمة إلى جادة الصواب والشعور بالمسؤولية في حماية الأمة من الأخطار المحدقة بها والتي تهدد حاضرها ومستقبل أجيالها وان يتجهوا فعليا نحو اتخاذ سياسات ومواقف جادة ومخلصة للدفاع عن الأمة امام. ما يحيكه أعداء الأمة من مشاريع ومخططات تستهدف هوية الأمة وأرضها وثرواتها وسيادتها وقرارها السيادي المستقل، ولتبعث الأمة من جديد شعلة تشرين تضيء الطريق امام الأجيال تنير لهم درب التضحية والشهادة والفداء من اجل الوطن والكرامة والحرية والسيادة. من اجل التصدي للعدوان والإرهاب الذي يستهدف لا سورية وحدها فقط بل الأمة كل الأمة. الإرهاب الذي يمارس أبشع أنواع القتل والتدمير ويعمل على إلحاق اكبر الخسائر والأضرار البشرية والمادية والاقتصادية في سورية في العراق في لبنان وفلسطين وغيرها من أقطار الوطن العربي. وعندما نركز على سورية لأنها الأبرز هذه الأيام في مواجهة الإرهاب حيث تقوم قواتها الباسلة في التصدي لهذا الإرهاب تدعمها جماهير الشعب المخلصة للوطن المؤمنة بسيادته وحريته وسيادة الأمة وحريتها لأنها تدرك بأن الاستهداف للأمة عبر سورية المدافعة عن الأمة الرافضة لتصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني الغاصب والتي تجسد هذا الرفض بشكل عملي عبر دعم قوتها وقوة المقاومة التي تواجه العدو في لبنان وفلسطين. ولهذه الأسباب وغيرها تتعرض سورية السادس من تشرين. سورية الصمود والمقاومة إلى الحرب الكونية الأمريكية الصهيونية الغربية ومن يدور في فلك هؤلاء الأعداء من أنظمة إقليمية وعربية. لكن. هذا العدوان مهما اشتد واتسعت الأطراف المشاركة فيه لن يجعل سورية ومعها كل جماهير الأمة العربية المخلصة والمؤمنة بعروبتها وقوميتها. لن يجعلها تتراجع عن مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث والإصرار على بناء سورية وتنميتها وتعزيز وحدتها الوطنية ولن تجعلها تتخلى عن مواقفها الوطنية والقومية. وستبقى سورية رافعة مشعل العروبة والقومية والوحدة، وستبقى متمسكة بالهوية العربية وستبقى مقاومة وداعمة للمقاومة العربية مدافعة عن الوطن والأمة. فـــؤاد دبـــور عمان 9/10/2012 Email:fuad@abpparty.org
|
|