مكاتب الحزب > مكتب الثقافة والإعداد الحزبي المركزي > العلاقة بين الديمقراطية والمركزية

 

 

العلاقة بين الديمقراطية والمركزية

 

 

 

الديمقراطية والمركزية مفهومان يقوم عليهما بناء الحزب وأسلوب نشاطه. وهذان المفهومان يتعارضان ومتحدان في نفس الوقت، بمعنى ان كلا منهما يعارض الأخر وفي نفس الوقت يتممه ويشكل معه وحدة لا ينفصل طرفاها عن بعضهما. فالديمقراطية التي تعبر عن الحرية لا غنى عنها وكذلك لا غنى عن المركزية التي تعد ركن النظام والالتزام والانضباط.

ان تحقيق الديمقراطية في ظل المركزية دليل على العلاقة الجدلية والارتباط العضوي بين المفهومين، التعبير عن هذه العلاقة في حياة الحزب هو بالارتباط العضوي والمتين بين تحقيق المشاركة الفعالة الواسعة والعميقة لجميع هيئات ومنظمات وأعضاء الحزب في مناقشة مختلف الشؤون الفكرية والسياسية والتنظيمية وفي نشاطه العملي (الديمقراطية) وبين تحقيق الانضباط والتزام ووحدة الارادة والعمل بين صفوفه وعلى مختلف المستويات (المركزية).

وقد أكد الحزب على ضرورة التوازن بين المفهومين بحيث لا يطغى احدهما على الأخر، سواء بأن تتحول المركزية الى نوع من الدكتاتورية وممارسة الارهابية وأساليب الاكراه والضغط والتسلط والاستبداد، او ان تتحول الديمقراطية الى نوع من التسيب والفوضى وفقدان الشعور بالمسؤولية، وان يتحول بالتالي عن مبدئيته وان تتسرب الى صفوفه الافكار والممارسات الليرالية والبرجوازية بما يؤدي الى تفككه وفقدان وحدته الفكرية والتنظيمية والعملية. كما أكد على ضرورة التمسك بمبدأ "الديمقراطية المركزية" وجوهرها وعلى  ضرورة تطبيقية بروح خلاقة وثورية.

ولما كانت الظروف والشروط الموضوعية والمهام التي يواجهها الحزب ويخضع لها ليست ثابتة، ولما كانت الظروف الذاتية للحزب والمتعلقة بمستوى نضجه وقوة بنائه الفكري والسياسي والتنظيمي والاجتماعي ليست واحدة، فإن تطبيق مبدأ الديمقراطية المركزية يختلف وفقا لهذه الظروف. فعمل الحزب في مرحلة النضال السلبي تختلف عنها في مرحلة النضال الايجابي، لان ظروف النضال تختلف. ومن هنا فإن مراعاة وحدة الديمقراطية المركزية وعلاقة  التوازن بين مفهومي المبدأ، ومراعاة العلاقة الجدلية والارتباط العضوي بينهما، لا تعني التطبيق الجامد للمبدأ دون أي مراعاة للظروف الموضوعية والذاتية. ففي مرحلة النضال السري مثلا قد لا يمكن اجراء الانتخابات على كافة المستويات وتقديم التقارير الدورية. وباختصار فإن واقع بناء الحزب الفكري والسياسي والتنظيمي ومستوى نضجه وظروفه الذاتية والأزمات التي يواجهها قد تجعله مضطرا لان يقلص نظام هذا المفهوم او ذاك من "الديمقراطية المركزية".

ولزاما علينا بسبب ذلك ان نفهم ان علاقة التوازن بين المفهومين ليست ثابتة او جامدة وإنما هي قابلة للتغيير على ضوء الظروف التي يعيشها الحزب، فمن الممكن مثلا ومراعاة لظروف العمل تعليق مادة من النظام الداخلي وإصدار التعليمات التنظيمية اللازمة بهذا الخصوص بما يضمن سير العمل على افضل وجه ممكن. ولكن بنفس الوقف يجب ان لا يتحول ذلك الى حزب من الفوضى والتسيب وعدم الشعور بالمسؤولية يؤدي الى تفكك الحزب او نوع من الدكتاتورية  والإرهاب.

ويجب التأكيد باستمرار على وحدة مبدأ الديمقراطية المركزية والتطبيق الواعي لهذا المبدأ وينبغي التأكيد على روح وجوهر هذا المبدأ الذي يتجلى بتحقيق وترسيخ وحدة الارادة  والعمل ببذل الجهد والحيوية لتقوية بنيانه وتعزيز صلته بالجماهير وزيادة نفوذه في اوساطها.

ان مبدأ الديمقراطية المركزية يجب ان يعبر في كل الظروف عن وحدة الحزب وحيويته ونشاطه, وزيادة فعليته وتدعيم دوره كفصيل طليعي قائد وذلك ممن خلال توثيق صلته بالجماهير  وانه تنظير وانه تنظيم موحد , بقيادة موحدة . كذلك يجب ان يعبر عن نفسه بمستوى الوعي الحزبي ومستوى الممارسة النضالية وتطبيق مبدأ النقد والنقد والنقد  الذاتي لأنه   ضمانة الحزب للحفاظ على نقائه وتطوير نفسه ورفع مستواه بشكل دائم.

وحتى يكون الحزب على مستوى ما يطرحه من اهداف يناضل في سبيلها, فان عليه ان يعمل على رفع مستوى وعي اعضائه فكريا وتنظيما وسياسيا وعلى مستوى نضالهم,وان يزيد من فقاليتهم ويقوى لديهم روح المبادرة ويربي فيهم روح التقدير   الاحترام لأسس الحياة الحزبية والعمل الجماهيري.

ان الحزب لا بد ان يواجه ظواهر سلبية وأوضاعا غير طبيعية, وهو بدون تطبيق مبدأ الديمقراطية المركزية في حياته وبشكل صحيح, فان هذه الظواهر والأوضاع قد تهدد وجوده كله .

ان عدم تطبيق هذا المبدأ وما يتفرع عنه من مبادئ اخرى, من شأنه ان يجعل الحزب يعيش في اوضاع غير طبيعية حيث تبرز الظواهر المرضية من تكتلات شخصية او إقليمية او طائفية, وهذا  يشير الى انعدام الديمقراطية وانعدم المركزية او الى وجود خلل في التطبيق أو الى وقوعه تحت سيطرة مجموعة ما , ويحرمه من كفاءات قواعده وتجاربها ويعطل ارادة هذه القواعد ويمنع اسهامها في حياته.

ان تطبيق مبدأ الديمقراطية المركزية لا يقتصر فقط على حياة الحزب ولكنه ايضا يشمل علاقته وعمله بين الجماهير مما يؤدي الى تقويته ورفع مستوى نشاطه ومستوى نضال الجماهير الى اعلى وهذا من شأنه تقوية وحدة الحزب والجماهير وتوطيدها على أسس تكفل حشد جميع الطاقات والإمكانيات الشعبية  وتنظيمها بقيادة الحزب  من أجل تحقيق اهداف الحزب  والجماهير في التحرر والتقدم والوحدة وبناء الاشتراكية .