مكاتب الحزب > مكتب الثقافة والإعداد الحزبي المركزي > الديمقراطية المركزية

 

 

الديمقراطية المركزية

 

 

 

لا تستطيع الجماهير الشعبية وطليعتها تحقيق أهدافها القومية والاجتماعية وتنفيذ برامجها وخططها ومجابهة أعدائها بدون التنظيم والعمل المنظم. وان وحدة التنظيم يعتمد أساسا على تطبيق مبدأ "الديمقراطية المركزية" الذي يكفل وحده الإرادة والعمل، وحدة الفكر والتنظيم والذي ينظم العمل والعلاقة بين جميع هيئات الحزب ومنظماته وأعضائه، على أساس الانضباط والالتزام الطوعي والعمل المسؤول.

ان مبدأ "الديمقراطية المركزية" هو الذي يرسخ البناء التنظيمي والنشاط الحزبي والجماهيري ويؤمن صلابة البنيان الحزبي وتحقيق وحدته في اطار نظام محكم مبني على التناسق والانسجام والدقة. وهذا من شأنه جعل الحزب قادرا على صهر كل طاقات أعضائه وفعالياتهم ونشاطاتهم الخلاقة لتنمو كل إمكاناتهم الفكرية والسياسية وتجعل من التنظيم مظهرا لإرادتهم الموحدة.

إن مبدأ الديمقراطية المركزية" ينبع من مفهومين أساسيين هما: الحرية والثورة.

ان الديمقراطية تكفل حرية أعضاء الحزب في ممارسة حقهم في المناقشة والاقتراح والنقد وانتخاب القيادة التي تعبر عن ارادة الحزب وتتحمل مسؤولية قيادة نضاله. أما المركزية فهي ضرورة يمليها الحرص على وحدة الحزب تنظيميا وفكريا وسياسيا وعلى تعزيز سلطته المركزية بما يجعلها قادرة على بناء الحزب وقيادته وتنفيذ إستراتيجيته ومقررات مؤتمراته، بشرط ان تكون هذه المركزية نتاج الحرية وانتخابات حرة واعية.

ان حزبنا يؤكد على العلاقة العضوية والتوازن بين المفهومين "الديمقراطية والمركزية" والحرص على التوافق والتوازن بينهما بحيث لا يطغي احدهما على الأخر، وذلك بأن تتحول المركزية الى دكتاتورية او تتحول الديمقراطية الى نوع من الفوضى والثرثرة النظرية. وهكذا يعتبر المفهومين "الديمقراطية" و"المركزية" بعدين لمبدأ واحد لا يمكن الفصل بينهما.

وتكمن فاعلية مبدأ "الديمقراطية المركزية" في إقامة صلة عضوية بين مبادرة ومشاركة منظمات الحزب وقواعده وبين روح الانضباط والالتزام الحزبي، بين الحرية من جانب، والالتزام والانضباط من الجانب الأخر. وهذا يعني انه من حق منظمات الحزب وهيئاته المختلفة وقواعده مناقشة قضايا الحزب وفي نفس الوقت من واجبهم الالتزام بتنفيذ قرارات الهيئات القيادة المسؤولة. وهكذا فإن الديمقراطية الكاملة في إبداء الآراء ومناقشة كافة القضايا تصبح انضباطا صارما بعدد اتخاذ القرار.

ان تطبيق هذا المبدأ وتحقيق الوحدة الفكرية والتنظيمية ووحدة الإرادة والعمل يعني قيادة مجموع النشاطات الحزبية من مركز واحد هو أعلى هيئة قيادية مسؤولة فيه. وهذا المركز هو الذي يضطلع بمسؤولية وضع استراتيجية الحزب، والتوجيه والإشراف على كافة نشاطاته، وقيادة نضال مختلف منظماته، وتحديد برامجه وتكتيكه وتعميق مهماته الأساسية ومراقبة تنفيذها. ان الديمقراطية تعني ان من حق كل عضو مناقشة سياسة الحزب وقول رأيه فيها وتطبيق تجربته عليها وتوضيح رأيه في صوابها وخطئها. أما المركزية فتعني ان الاتجاه العام لسياسة الحزب تضعه الهيئات القيادية العليا وفي مقدمتها مؤتمره الأعلى.

ان القيادة الأعلى هي التي تشرف على تنفيذ سياسة الحزب وحسن تطبيقها وهي المسؤولة بالدرجة الأولى عن إدخال أي تعديل عليها. والهدف الأساسي من المركزية هو تأمين وحدة التنظيم ووحدة الاتجاه ووحدة اشكال العمل والنشاط وأساليبها، ومنع كل مظاهر الانحراف عن سياسة الحزب ووحدته التنظيمية والفكرية والسياسية وضمان الالتزام والانضباط على كافة المستويات بوحدة العمل في تنفيذ السياسة العامة للحزب.

ان الديمقراطية لا تبيح لأي رفيق – مهما كان مستوى عضويته – ان ينفذ ما يقتنع به هو اذا كان يعارض سياسة الحزب او أيا من قراراته ولا ان يشكل كتلة انقسامية داخل الحزب، وإنما تعني التعبير عن الرأي وبحرية النقاش وإبداء الملاحظات والانتقادات، لكن في النهاية يلتزم بالقرار الحزبي الذي تتخذه الأكثرية.

ان الديمقراطية الحقيقية هي ديمقراطية المشاركة العملية والعمل المشترك. انها الديمقراطية التي تتيح لهيئات الحزب ومنظماته وأعضائه المشاركة في المناقشة والنقد والتصويت والانتخاب وكذلك تتيح لهم إمكانية الاشتراك العملي في نشاط عمل الحزب التطبيقي وتوجيهه بشكل خلاق.

ان اهم ما تنطوي عليه الديمقراطية الحزبية هو ان يشارك جميع الأعضاء في مناقشة سياسته العامة وفي وضع استراتيجية وتكتيكه وتحديد شعاراته ومواقفه وانتخاب هيئاته القيادية وتحديد مدى انطباق هذه الشعارات والمواقف مع أهداف الحزب وسياسته العامة، وفي تحقيق التفاعل بين الهيئات العليا والمنظمات الدنيا والقواعد الحزبية، أي ان يتحرك الحزب بإرادة واحدة كرجل واحد. ولكن هذه العلاقة بين الهيئات العليا والدنيا، وبين الأعضاء القياديين والعاديين لا يمنع من كشف الأخطاء، والنواقص والانحرافات ونقدها وإبداء الرأي فيها وتطبيق الديمقراطية عليها، لان ذلك مسؤولية حزبية يجب ممارستها وهو واجب حزبي لكل منظمة او عضو كائنا من كان مرتكبها لأنه ليس هناك قيادي او هيئة او منظمة فوق النقد وفوق الحزب.

ومن هنا يتضح ان دور المنظمات الدنيا والقواعد ليس مجرد تلقي الأوامر والتعليمات والقرارات من الهيئات والمنظمات الأعلى وتنفيذها آليا، لان ذلك يعني انعدام الفعالية والمشاركة الحزبية وانعدام التفاعل بين المنظمات والهيئات العليا والدنيا. بل ان دور القواعد والمنظمات الدنيا مناقشتها وإبداء الرأي فيها ودراستها وملاحظة ما هو واقعي وايجابي فيها ويجب تنفيذه، وما هو خاطئ غير واقعي يجب إعادة النظرية فيه واقتراح تعديله او الغائه بما يتفق وظروف هذه المنظمة او تلك، وبالتالي تكييف المهمات والتعليمات في ضوء الظروف المحلية والخاصة وفي ضوء الإمكانات الواقعية لكل منظمة.

ان دور الهيئات القيادية في القيادة والإشراف والتوجيه والمراقبة والمتابعة لا يعني تدخلها في الأمور التفصيلية او إتباع اسلوب التلقين ومجرد إصدار الأوامر وقتل روح المبادرة لدى المنظمات والقواعد التي يجب ان يكون لها رأيها خاصة فيما يتعلق بالشؤون المحلية ضمن نطاق عملها، شرط ان لا يتناقض ذلك او يتعارض مع روح الديمقراطية المركزية ومع الخط السياسي العام للحزب.

ان ممارسة الديمقراطية المركزية داخل الحزب لا يمكن ان تتم ما لم تستند إلى فهم صحيح لمعنى الديمقراطية ومعنى المركزية، ولطبيعة العلاقة بينهما وما لم تستند الى استيعاب ووعي أهمية هذا المبدأ وكيفية ممارسته عمليا.

ان تطبيق هذا المبدأ لا يتعلق فقط بالناحية التنظيمية ولكنه يشمل كل مظاهر البناء الحزبي. وان ممارسة هذا المبدأ بشكل صحيح يعتبر أهم شروط بناء الحزب وتربية أعضائه وتثقيفهم وتكوين الكوادر القيادية وتطويرها واختبارها. وهذا شرط لاستمرار الحزب وحياته وبنائه وتوطيد وحدته الفكرية والسياسية والتنظيمية وهو شرط نشاطه العملي في أوساط الجماهير وعلى صعيد المجتمع بنجاح.

أما أهم الأسس التنظيمية التي تقوم عليها الديمقراطية المركزية في حزبنا فهي:

1.  احترام حرية العضو في المشاركة في حياة الحزب ومصيره وذلك بالاشتراك في انتخاب هيئاته القيادية والاسهام في مناقشة شؤونه وسياساته.

2.  انتخاب القيادات العليا من القواعد بمعزل عن التكتلات المصلحية والانتهازية والعلاقات المختلفة في المجتمع، بحث يكون الانتخاب مرتبطا بالأهداف الأساسية للحزب ويتيح للقواعد الحزبية تقرير مستقبل التنظيم الحزبي.

3.  القيادة المركزية كاملة الصلاحيات في غياب المؤتمر – وعلى القيادات تقديم تقارير عن أعمالها الى المؤتمرات وتعد مسؤولة مسؤولية كاملة أمام هذه المؤتمرات.

4.  رأى الأكثرية في أية مؤسسة حزبية هو رأي الحزب في كل أمر يدخل في نطاق اختصاصها ورأي الأكثرية هو المقياس الوحيد لمصلحة الحزب، وحزبية الموقف، وعلى كافة الأعضاء تبني هذا الرأي والدفاع عنه خارج التنظيم.

5.  احترام الأكثرية لرأي الأقلية – ويمنع بتاتا ان يجعل أي رأي يبديه العضو في أي جلسة نظامية لأية مؤسسة حزبية أساسا لاتهامه او سببا للتهجم عليه.

6.  الالتزام بالقرار الحزبي بحيث تلتزم القيادات الأدنى بقرارات القيادات الأعلى، وتلتزم المؤتمرات الأدنى بقرارات المؤتمرات الأعلى، وكل خروج على هذا الالتزام يعرض للمسؤولية الحزبية.

وتاليا سوف نلقي المزيد من الضوء على جوهر كل من الديمقراطية والمركزية، وعلاقتهما ببعضهما وعن تطور مفهوم هذا المبدأ في الحزب.