مكاتب الحزب > مكتب الإعلام المركزي >الذكرى الخامسة والستون- لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي

 

 

الذكرى الخامسة والستون

لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي

انعقد المؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي في مدينة دمشق ما بين الرابع والسابع من نيسان عام 1947م حيث تم الإعلان عن تأسيسه في اليوم الأخير وقد حضر هذا المؤتمر رفاق من سورية والأردن ولبنان والعراق وفلسطين وتونس والجزائر، وقد أنجز المؤتمرون مناقشة مواد دستور الحزب ونظامه الداخلي وانتخبوا عميدا للحزب ولجنة تنفيذية من ثلاثة أعضاء، مثلما أكد الحزب على هويته الفكرية والسياسية مؤكدا على أن العرب امة واحدة وان الوطن العربي وطن واحد مثلما أكد على النضال من اجل بعث الأمة واستعادة مكانتها التاريخية بين الأمم، وجمع الحزب بين الأفكار القومية والحرية سياسيا واجتماعيا وصاغها في منطلقات ومبادئ وأهداف مركزا على القومية العربية باعتبارها بعث الأمة، مثلما طرح شعاره "امة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة" بمعنى أن الحزب قد اعتبر الفكر القومي أساسا ومنطلقا وجوهرا لمبادئ البعث وشعاراته، وقد كان ميلاد الحزب في تلك المرحلة كمنظمة قومية عربية سياسية اجتماعية شعبية بأهداف ومبادئ محددة، وحدة، حرية، اشتراكية ردا حقيقيا على نقائضها السائدة آنذاك ومؤشرا على الوعي القومي، مثلما مثل الروح العربية والتاريخ العربي والقومية العربية المعبرة عن شخصية الأمة وحركة التاريخ لها وشكل مدخلا لحل مشاكلها وإخراجها من أزماتها حيث اعتبر الحزب ومنذ انطلاقته الأولى أن واقع الفرقة والتشرذم والانقسام تمثل أهم التحديات التي تواجه امتنا العربية إضافة إلى الاستعمار والتدخلات الأجنبية في أقطار الوطن العربي والتي تهدف إلى إنزال المزيد من التجزئة والضعف وكان يهدف لجعل الأمة تمتلك قرارها السيادي وقدرتها على المواجهة مما يجعلها تخضع لمشيئة هذه الدول الطامعة في أرضها وثرواتها، ولتوفير الحماية الأمنية والاستمرارية للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية الذي غرسه الاستعماريون خنجرا مسموما في قلب الأمة العربية.

ولقد جسد البعث عقيدته القائمة على الفكرة القومية الوحدوية واقعيا من خلال قيادة قومية تمثل تنظيمات الحزب القومية المنتشرة في أقطار الوطن العربي. مثلما أولى الحزب وحدة الأمة اهتماما خاصا كونها تشكل حقا طبيعيا من حقوق هذه الأمة وبها فقط تبرز هوية الأمة ومنعتها وقوتها ومشروعيتها في البلد وتعطيها القدرة  على الدفاع عن استقلالها وسيادتها وكرامتها وحريتها وثرواتها واستعادة المسلوب من حقوقها وبدون الوحدة تبقى الأمة عرضة لاستلاب قرارها السيادي وفقدانها لسيادتها ونهب ثرواتها واحتلال أرضها بشكل مباشر كما هو الحال في فلسطين العربية والجولان العربي السوري وأراض عربية أخرى من الوطن العربي وبشكل غير مباشر عبر إقامة القواعد العسكرية الأجنبية فوق ارض وفي مياه العديد من أقطار الوطن العربي.

ولان الوحدة هي قدر الأمة ومبعث قوتها فقد ناضل البعثيون، وما زالوا وبلا كلل، في سبيل تحقيقها دون التوقف عند الصعاب والمعيقات والعقبات المتعددة سواء الداخلية منها أو الخارجية، ولان مبادئ الحزب قد أطلقت ومنذ تأسيس الحزب وفي السنوات التي سبقت التأسيس في بداياته ردا على الاستعمار والتجزئة والتخلف وسلب الإرادة والحرية، فقد طرح مبدأ الحرية مترافقا مع الوحدة على اعتبار أن حرية الإنسان العربي وحرية الأمة تنطلق من مفهوم أن الإنسان الحر هو القادر على العطاء والأمة الحرة هي التي تمتلك قرارها السيادي المستقل وتكون قادرة على الدفاع عن استقلالها وأمنها وأرضها وسيادتها وثرواتها، وقد أكد الحزب على التلازم بين مبدأ الحرية والتحرر من الاستعمار والقوى الداخلية المرتبطة به مثلما جاءت الاشتراكية مرافقة للوحدة والحرية في فكر البعث من اجل إعطاء الوحدة العربية بعدا تقدميا وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص وتوفير الحياة الكريمة لكل أبناء الأمة العربية أصحاب المصلحة الحقيقية في تحقيق مبادئ الحزب. هذه الأفكار والمبادئ ورؤى البعث إنما جاءت بهدف النهوض بالأمة العربية لتأخذ مكانها التاريخي والطبيعي في هذا العالم.

وبمناسبة ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي والذي يشكل حزبنا، حزب البعث العربي التقدمي امتدادا طبيعيا له، فإننا نؤكد على رفاقنا العمل على تحقيق أهداف البعث وأفكاره ومبادئه عبر النضال الدؤوب بكل عزيمة ذلك لأنها كانت ولا تزال، تشكل قاعدة النهوض بالأمة. كما إننا نؤكد بأن على رفاقنا في كل أقطار الوطن العربي التمسك بمبادئ الحزب وأفكاره ونؤكد أيضا على التمسك بخيار المقاومة الشعبية في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالأمة مثلما نؤكد على نشر ثقافة هذه المقاومة التي أثبتت نجا عتها وقدرتها على تحقيق الانتصارات ضد أعداء الأمة مثلما أثبتت انها طريق النصر والتحرير.

كما نؤكد على التلازم والتكامل بين المشروع القومي العربي الحضاري الذي يحمله حزب البعث والإسلام الصحيح، إسلام المحبة والوئام والعدل والمساواة وان علينا أن نعمل جميعا على الحيلولة دون استغلاله إرهابا وقتلا وتدميرا وتحطيما للشعوب والدخول من خلاله تحت مظلة ومتاهات الدول الاستعمارية والامبريالية ومشاريعها التي تهدف إلى خلق الصراعات والخصومات والاقتتال بين أبناء الأمة الواحدة والمجتمع الواحد وتفريغ الثقافة القومية والدينية من مضمونها.

ولا بد من إثراء هذين البعدين المتلازمين للأمة بالمضمون الحضاري والديمقراطي، حيث أن البعث قد أكد على الديمقراطية وأهميتها عبر نصوص دستور الحزب فقد جاء في المبدأ الثاني من هذا الدستور التأكيد على قدسية حرية الرأي والاجتماع والاعتقاد. مما يعني أن الديمقراطية خيار حزبي داخلي ترتكز عليه الإرادة الشعبية والمصلحة الوطنية والقومية.

لطالما ناضل البعثيون على امتداد الوطن العربي وتصدوا للمشروعات الاستعمارية والصهيونية بكل ابعادها السياسية والاقتصادية طوال مسيرة الحزب الطويلة الممتدة منذ انطلاقته في السابع من نيسان عام 1947م وحتى الآن عاملين على نشر الوعي القومي في أقطار الوطن العربي معتمدين التلازم بين النضال الوطني والقومي لتحقيق أماني الشعب العربي في الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة والتنمية وتوفير أسباب الأمن والاستقرار لهذه الأقطار. لم توقفهم أو تحول بينهم وبين النضال الهجمات والمشاريع والمخططات المعادية غير المسبوقة ضد الأمة العربية بعامة وضد سورية البعث والعروبة وحاملة لواء القومية العربية بخاصة، سورية التي تتعرض ومنذ زمن طويل إلى استهداف هذه القوى المعادية وأدواتها من الحكام العرب وحكام في الإقليم وعملاء مرتزقة من الداخل ويأتي هذا الاستهداف بسبب حملها للعقيدة القومية التي تشكل خطرا على مصالحهم من جهة أخرى ولأنها تواجه أيضا مشاريعهم ومخططاتهم المعادية ولأنها تدعم المقاومة العربية ضد احتلالهم وأطماعهم ولأنها تناضل وتعمل من اجل تحرير الأرض العربية المحتلة في فلسطين والجولان ولبنان وكل ارض عربية محتلة ورغم الواقع العربي المرير الذي تعيشه امتنا العربية فإن الأمل في الخروج من هذا الواقع يرتكز على التمسك بمبادئ البعث وفكره والنضال من اجل تحقيق هذه المبادئ حيث تعتبر أن مسؤولية كل بعثي هي وقبل أي شيء أخر تجسيد فكر الحزب ومبادئه قولا وعملا والنضال بجد وإخلاص من اجل تحقيق مبادئ البعث باعتبارها طريق الخلاص والتقدم والقوة للأمة كما انها طريق تحقيق الانتصار على أعداء الأمة العربية والحفاظ على استقلالها وتوفير الحرية والكرامة واستعادة حقوقها المسلوبة من الأعداء.

عمان 10-4-2012