كلمة الرفيق الأمين العام - فــؤاد دبــور

 

 

الأخوات والإخوة

الرفيقات والرفاق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

عندما نسأل أو نتساءل لماذا تستهدف سورية تكون الإجابة لأصحاب البصيرة والبصر وبكل بساطة ووضوح، لأنها اختارت أن تكون سيدة نفسها، صاحبة لقرارها الوطني القومي المستقل، رافضة الرضوخ والوصاية والتبعية متمسكة بالثوابت والقيم والمبادئ الوطنية والقومية مثلما اختارت أن تكون داعمة وحاضنة للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق كما اختارت الدفاع عن حقوق العرب واستقلالية قرارهم ووحدتهم وهي تدرك ما يترتب على مثل هذه المواقف والسياسات من تبعات استمرار العدوان الأمريكي- الصهيوني سيما وان سورية تتصدى وتواجه مشروعهما الذي يهدف إلى تمزيق أقطار المنطقة والسيطرة عليها وإعادة رسم خارطتها بما يتلائم مع مصالحهما وتوجهاتهما بجعل الكيان الصهيوني القاعدة القوية في المنطقة وتمرير مثل هذا المشروع لا يمكن أن يتحقق دون احتواء أو ضرب سورية لإضعاف المقاومة أو شلها والإجهاز عليها سواء أكان ذلك في فلسطين أم لبنان أم العراق. ومن اجل تحقيق ذلك وضع هذان الشريكان خططا تحت عنوان خيارات للتعامل مع سورية منذ سنوات، ويأتي في مقدمة هذه الخيارات، الإمعان في عزلها والعمل بكل الوسائل من اجل أحداث تغيير جوهري في مواقفها ونهجها السياسي المقاوم وتوظيف ما يسمى بالمعارضة السورية في خدمة مشروعهما. وهنا يجب أن نفرق بين المعارضة الوطنية التي تطالب بإصلاحات مشروعة وبالوسائل السلمية وبين أولئك الذين يراهنون ويرهنون أنفسهم لأعداء سورية والأمة ويكون هذا التوظيف عبر تشكيل خلايا إرهاب بحيث يتم تزويدها بأسباب القوة المطلوبة وتجنيد إعلام مرئي ومقروء ومسموع من اجل تشويه صورة سورية باختراع الأكاذيب عنها وإضعافها في حال إصرار القيادة السورية على سلوكها الإشكالي وبالأخص دعم "المتمردين في العراق والإرهابيين في فلسطين ولبنان" على حد تعبيرهم.

كما يترافق مع هذه الإجراءات ضغوط سياسية تتمثل في حصار سورية ووقف الاتصالات والزيارات المتبادلة على المستويات العليا. في الوقت نفسه تقوم الإدارات الأمريكية باتخاذ إجراءات تعزز قوة الردع والدفاع الصهيوني ليصبح قادرا على صد هجمات صاروخية من جانب سورية وقوات حزب الله والمقاومة العاملة في الجنوب، والاتجاه نحو إضعاف المقاومة عبر خلق الإشكالات والأزمات والانقسامات في لبنان بما يستهدف المقاومة وعليه فقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مجلس الأمن الدولي لإصدار قرارات تصب في تحقيق هذا الهدف وجرت عملية اغتيال للرئيس رفيق الحريري وتشكيل محكمة سميت بالدولية تخدم أيضا هذا الهدف. لكن سورية وفي ظل هذه الظروف رفضت مطالب الأمريكان وحلفائهم وواجهت وبقيت صامدة متمسكة بمواقفها وبقرارها الوطني والقومي المستقل وأعلنت وبالصوت العالي رفضها الرضوخ لاشتراطات الإذعان والإذلال الأمريكية – الصهيونية الاستعمارية واختارت ممثلة بقيادتها ورئيسها الاعتماد على خيارات نهضوية قائمة على الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي يساندها في هذا الخيار الشعب كله وقد تجلت هذه المساندة بوضوح عبر خروج الملايين المؤيدة لها إلى الشوارع في كل مدن وقرى الجغرافية السورية. هذه الملايين التي أدركت بحسها ووعيها ابعاد ما يتعرض له الوطن والشعب من أعداء الخارج وأدواتهم من العصابات الإرهابية والفئات الضالة التي تبحث عن مصالح أنانية ذاتية على حساب الشعب والوطن.

نعم أيها الإخوة، أيتها الأخوات

أن من يشاهد صورة الجماهير التي خرجت للتأكيد على الحالة الوطنية بأعلى تجلياتها والتي تعبر عن الالتفاف الحقيقي حول النظام وتوجهاته الإصلاحية والتي أفشلت مخططات الأعداء التي استهدفت الشعب ووحدته الوطنية التي تجلت بأبهى صورها كعقد اجتماعي ونظام سياسي واقتصادي وثقافي متكامل، مثلما تظهر هذه الصورة المعادلة التي تفرض نفسها على سورية هذه الأيام صورة التفاعل المطلوبة بين القيادة والشعب حيث التلاقي في وحدة مجتمعية أساسها الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره وحمايته من الأعداء المتربصين به. مثلما أظهرت قوة الوحدة الوطنية والسياسية للشعب الواعي والملتزم بأهداف الوطن كما اظهر وهج المشاعر الوطنية المخلصة قوة الوحدة الاجتماعية على أساس قيم الشعب ومبادئه قوة الوحدة الثقافية على أساس استلهام تراث الماضي ومنجزات الحاضر والتطلعات نحو بناء المستقبل المشرق. لقد اظهر الشعب قوة إرادة الاعتماد على الذات في مقارعة الأعداء ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تستهدف وحدته الوطنية والجغرافية قبل استهداف النظام أو عبره. وعليه كانت سورية وستبقى بلد التوجه من اجل الوحدة الاجتماعية والسياسية لمجموع الشعب بكل مكوناته وبلد التوجه القومي من اجل توحيد الأمة وإقامة الدولة القومية الواحدة. كما ستبقى سورية القاعدة والركيزة الأساسية للتصدي للمشاريع الأمريكية والصهيونية والاستعمارية. ورغم الأزمة والمحنة القاسية التي تعرضت لها سورية بفعل الحرب الكونية التي تستهدفها فإن سورية وبفضل التلاحم الوطني والتوجه القومي التحرري الوحدوي قد تجاوزت المحنة رغم وجود بعض البؤر الإرهابية هنا وهناك وبخاصة على الحدود مع تركيا ولبنان. وسوف تخرج كما عودتنا بعد كل حصار وعدوان عليها اشد وأقوى واصلب عودا كقطر عربي يملك مقومات سياسية واقتصادية وحضارية وثقافية ومبادئ وطنية وقومية وهذا ما يجعل جموع الشعب العربي في سورية والقوى القومية الحية في جميع أقطار الوطن العربي الكبير يطمئنون إلى هذا الخروج والذي تجسد، كما أسلفنا، بالملايين التي تعلن للعالم اجمع للأصدقاء قبل الأعداء بأن سورية بخير وستبقى القلعة الحصينة العصية على الأعداء، ستبقى القلعة القوية الصامدة في اشد الظروف وأقساها، ولنا ثقة كبيرة بأن سورية سوف تبقى رمزا حيا لوحدة النضال القومي ضد الصهيونية والامبريالية والاستعمار والزمر الإرهابية الضالة والمضللة وسوف تسقط مشروعهم السياسي عبر إصرارها وتمسكها بالمقاومة والمواجهة والتحدي والتصدي معتمدة على قوى الشعب في سورية وأقطار الأمة ولان سورية كذلك ولأننا نؤمن بمسيرتها ومسارها ونهجها الوطني والقومي نقف اليوم من اجل نصرتها امام الهجمة الصهيونية الأمريكية الاستعمارية المركبة، مثلما نقف لنصرتها في مواجهة العصابات الإجرامية المرتهنة لهذه القوى المعادية ونحن بذلك نكون قد انتصرنا لأنفسنا دفاعا عن مصيرنا العربي الواحد.

وفي الختام نؤكد انه ، واهم من يظن ولو للحظة واحدة أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الغرب الاستعمارية تسعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة بل تتذرع بهما كمدخل للسيطرة على المنطقة عبر إدخال دولها ومجتمعاتها في صراعات داخلية من اجل تحقيق مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني. فالديمقراطية تتحقق فقط عبر إرادة الشعب الذي يسعى فعلا للديمقراطية والإصلاح الحقيقي عبر الوسائل السلمية المشروعة وليس عبر المؤامرات وخلق بؤر الإرهاب والقتل والإجرام.

تحية لسورية المقاومة، تحية للمقاومة في فلسطين العربية، تحية للمقاومة في لبنان، تحية للمقاومة في العراق. وتحية مقرونة بالرحمة على أرواح شهداء الجيش العربي السوري ورجال الأمن الذين واجهوا قوى الشر والظلام، تحية لشهداء الأمة الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن حرية الأمة وكرامتها واستقلالها .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،