الكيان الصهيوني وأزمة الوجود
يعتبر الكيان الصهيوني كيانا مصطنعا لا
يقوم على العناصر والأسس التي تجعل منه دولة طبيعية
حيث لا أصالة ولا تاريخ بل يتشكل من مجموعات مهاجرين
تم استقدامهم من دول متعددة في هذا العالم كيان يحمل
بذور الفشل ذلك لأنه صناعة استعمارية لخدمة مصالح
الدول الاستعمارية التي صاغته وصنعته وساعدته على
اغتصاب ارض الآخرين ويأتي في مقدمة الدول الاستعمارية
هذه بريطانيا وقد رعته بعد قيامه الولايات المتحدة
الأمريكية، بمعنى أن هذا الكيان لا يمتلك مقومات
الاستمرار في الوجود لأنه اعتمد في الأصل، ولا يزال
يعتمد على الخارج الذي أمده بكل ما يحتاجه لاستمرار
بقائه من قوة مالية واقتصادية وعسكرية وبشرية ، هذا
أعطاه القدرة المؤقتة على البقاء، والاعتماد على
الآخرين بجعله كيانا غير طبيعي مما يجعل هواجس الوجود
تسيطر على الصهاينة بكل تلاوينهم السياسية والعرقية
كما يجعل قادة العدو الصهيوني يتوجسون خيفة من أي تحرك
سياسي أو تنظيمات فلسطينية وعربية مقاومة ومن امتلاك
أي قطر عربي للسلاح حتى لو كان هذا السلاح أمريكيا
مشروطا بعدم استخدامه ضد كيانهم.
وهذا يتجسد هذه الأيام في التحرك الفلسطيني نحو الأمم
المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطينية رغم عدم توفر
الشروط والعناصر اللازمة "للدولة" الأرض والشعب
والسيادة والقرار المستقل، كما تتجسد الهواجس والمخاوف
والقلق الصهيوني من امتلاك المقاومة الفلسطينية لأبسط
أنواع السلاح للدفاع عن النفس مثلما يتوجس خيفة من
امتلاك المقاومة الوطنية اللبنانية ممثلة بشكل أساسي
بحزب الله لصواريخ يمكن أن تلحق بالكيان الصهيوني
أضرارا بالغة مثلما يتخوف هذا الكيان من إمكانية
امتلاك إيران للطاقة النووية حتى لو كانت للأغراض
السلمية ويتم التعبير عن هذا التخوف في الحصار
والاستهداف الصهيوني والغربي بعامة والولايات المتحدة
بخاصة المفروض على إيران وتوجيه التهديد تلو الأخر
لها. كما يتجسد هذا القلق من سورية التي تدعم المقاومة
وترفض الانصياع للاشتراطات الأمريكية التي هي في
الواقع اشتراطات الصهيونية ، وهذا القلق والخوف من
الموقف السوري المتمسك بالثوابت الوطنية والقومية
والداعم للمقاومة يتجسد فعليا بالحرب الكونية المتعددة
الأطراف التي تستهدف سورية هذه الأيام والتي تقوم بها
الدول الاستعمارية والامبريالية الراعية للكيان
الصهيوني سواء بشكل مباشر عبر فرض الحصار والعقوبات أو
بشكل غير منظور بوضوح عبر تقديم الدعم المادي
والإعلامي والسلاح لعصابات تستهدف زعزعة الأمن
والاستقرار في سورية مثلما تستهدف نظامه الممانع.
مثلما تنتاب قادة الكيان الصهيوني الهواجس على
استمرارية كيانهم في الوجود في فقدانهم الثقة بالقدرة
على تثبيت هذا الوجود عبر استخدام القوة العسكرية
والحروب والعدوان وممارسة كل الأعمال الإجرامية ضد شعب
فلسطين صاحب الأرض المغتصبة وضد العرب عموما وعدم
القدرة على وقف مقاومة الشعب الفلسطيني لكيان احتل
أرضهم وشردهم وأقام مستعمرات استيطانية.
نعود لنؤكد على أن العناصر التي يعتمد عليها الصهاينة
في كيانهم الغاصب ليست ذاتية بل هي عناصر خارجية سواء
عبر تزويد الدول الداعمة لها لجيشها باحدث أنواع
الأسلحة وبكل أشكال الدعم الأخرى وبخاصة توفير الأمن
والحماية للكيان عبر القيام بشن حروب على العرب مثلما
حصل في العدوان الأمريكي المباشر على العراق في شهر
آذار من عام 2003م حيث كان من أهم أهداف هذا العدوان
توفير الحماية للكيان الصهيوني أو عبر استصدار قرارات
من مجلس الأمن الدولي تستهدف المقاومة وسورية ومن
أبرزها القرار 1559 الصادر في شهر أيلول عام 2004م أو
استخدام حق النقض ضد أي إدانة من مجلس الأمن الدولي
لممارسات الصهاينة العدوانية، أو عبر الضغط الذي
مارسته لإلغاء تقرير جولد ستون الذي أدان العدوان
الصهيوني الدموي ضد الشعب العربي الفلسطيني في قطاع
غزة، أو عبر الضغط على لجنة التحقيق الدولية في
المجزرة البشعة التي ارتكبها الصهاينة ضد أسطول
الحرية. ومن سخريات القدر أن تعتبر هذه اللجنة المزيفة
الحصار المفروض على القطاع حصارا شرعيا، كل هذا الدعم
الأمريكي والجهد الأمريكي السياسي والعسكري لا يزيل
الهواجس من نفوس الصهاينة، وهذا أمر طبيعي عند قادة
كيان قام خارج الأسس والمنطق الموضوعي لمجرى تاريخ
نشوء الدول.
ويمكننا أن نتوقف عند حقائق واقعية تؤكد ان الصهاينة
يعيشون فعليا هواجس الوجود ومن أبرزها:
1-
الانتصارات التي أحرزتها المقاومة ضد الكيان الصهيوني
وبخاصة إجبار قادة الكيان الصهيوني على الانسحاب من
معظم الأرض المحتلة في جنوب لبنان وانتصار المقاومة في
حرب تموز عام 2006م في الحرب ضد لبنان ومقاومته
وانتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على الحرب
العدوانية 27 كانون الأول عام 2008م، وقدرة المقاومة
على توجيه ضربات موجعة متعددة ضد العدو الصهيوني والتي
كان أخرها عملية "ايلات" وعملية تل أبيب.
2-
فشل المشروع الأمريكي في تحقيق أهدافه السياسية في
المنطقة والمتمثلة بإعادة رسم خارطتها وفرض السيطرة
عليها.
3-
ازدياد قوة المقاومة والدول الداعمة لها رغم ما تتعرض
له هذه الدول من مؤامرات وضغوطات.
4-
الهجرة اليهودية المعاكسة والتي تعتبر مؤشرا على
انعدام الثقة باستمرار وجود هذا الكيان.
5-
تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الكيان
الصهيوني والتي يتم التعبير عنها هذه الأيام
بالاحتجاجات الكبيرة.
6-
ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية في صفوف الجيش
الصهيوني.
7-
غرق الكيان الصهيوني وقادته وحكامه في الانحلال
والفساد والرشوة.
8-
الخلافات الحادة بين قادة الكيان الصهيوني ومكوناته
السياسية والاجتماعية وتزايد مسلسلات الفضائح التي
تلقي بظلالها على الكيان.
9-
مظاهر عدم الاطمئنان التي تعبر عنها شخصيات ومؤسسات
دراسية وبحثية وإعلامية وسياسية في الكيان الصهيوني.
كل هذا يؤكد على هواجس الصهاينة وقلقهم على كيانهم،
وبدورنا نؤكد على أن مثل هذا الكيان المصنوع بقرار
استعماري والمستند إلى ركائز واهية في طريقه إلى
الزوال طال الزمان أم قصر. وهذا يدفعنا إلى اختيار
طريق المقاومة وتصعيدها للتعجيل في موت هذا الكيان.
عمان 4/9/2011
Email:fuad@abpparty.org
|