مجلس الأمن الدولي
في ظل الهيمنة الأمريكية
اهتمت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالقضية
الفلسطينية منذ السنوات الأولى لتشكيل الهيئات الدولية
وصدرت العديد من القرارات والتوصيات بخصوصها ولكن قادة
الكيان الصهيوني وحكوماته لم ينفذوا أي قرار منها بسبب
الدعم والتغطية السياسية التي وفرتها الدول
الاستعمارية بعامة والولايات المتحدة الأمريكية بخاصة
لهذا الكيان وكذلك لم تكن هذه القرارات بمعظمها مستندة
إلى الحق والعدل بسبب هذه الحماية والدعم ، حيث عطل
سلوك الدول الاستعمارية والإدارات الأمريكية المتعاقبة
القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبخاصة
تلك التي تعترف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني كالقرار
194 لعام 1948م المتعلق بحق العودة والتعويض للاجئين
الفلسطينيين وكذلك القرار 242 لعام 1967 والذي جاء اثر
العدوان الصهيوني في الخامس من حزيران والذي أكد على
عدم جواز احتلال ارض الغير بالقوة وطالب العدو
الصهيوني بسحب قواته من الأرض العربية التي احتلت بسبب
هذا العدوان، هذا إضافة إلى العديد من القرارات التي
تتعلق بالأراضي المحتلة وبمدينة القدس بالتحديد وكذلك
بالجولان العربي السوري وبخاصة اعتبار ضم الجولان
المحتل إلى الأرض العربية المحتلة عام 1948 باطلا. أي
أن القضية الفلسطينية قد شكلت تحديا كبيرا واجهته
الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها وبخاصة مجلس
الأمن الدولي لأنه المعني بشكل أساسي بقبول ترشيح
الدول لعضوية الأمم المتحدة وفق ما جاء في ميثاقه
والذي أعطاه حق تقديم التوصية للجمعية العامة بقبول أو
رفض طلبات الترشيح وكذلك من صلاحياته أيضا إيقاف عضوية
دول أو فصل دول لأسباب معينة وفقا لاحكام المواد، 4،
5، 6 من الميثاق. ومن اجل هذا تم تقديم طلب العضوية
للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن
الدولي في الثالث والعشرين من شهر أيلول 2011 وقد هدد
الرئيس الأمريكي باراك اوباما باستخدام حق النقض
"الفيتو" لإفشال القبول بعضوية الدولة الفلسطينية لكن
الأمر لم يكن كذلك عند الولايات المتحدة الأمريكية
عندما تقدمت حكومة العدو الصهيوني للحصول على عضوية
الأمم المتحدة حيث وقفت الإدارة الأمريكية في ذلك
الوقت ومعها جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى
جانب قبول الكيان الصهيوني بالقرار 273 تاريخ الحادي
عشر من أيار عام 1949م. ونورد نص القرار لنفضح سلوك
مجلس الأمن الدولي غير المبدئي وغير الأخلاقي والبعيد
كل البعد عن العدالة والحق.
النص: "أن الجمعية العامة وقد تسلمت تقرير مجلس الأمن
الدولي حول طلب "إسرائيل" الدخول إلى عضوية الأمم
المتحدة" إذ تلاحظ أن "إسرائيل" بحسب تقرير مجلس الأمن
دولة محبة للسلام؟!! وقادرة على تحمل الالتزامات
الواردة في الميثاق وراغبة بذلك! أن مجلس الأمن وقد
أوصى الجمعية العامة بقبول "إسرائيل" عضوا في الأمم
المتحدة مع ملاحظة تصريحها بأنها تقبل دون تحفظ
الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد بأن
تحترمها منذ اليوم الأول الذي تصبح فيه عضوا في الأمم
المتحدة وإذ نشير إلى قراريها الصادرين في 29 تشرين
الثاني عام 1947 المقصود "القرار رقم 181" الخاص
بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية فلسطينية وصهيونية
واعتبر هذا القرار أن أية محاولة لتغيير التسوية
المشار إليها بالقوة يعتبر تهديدا للسلام وعملا
عدوانيا بحسب المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة.
وللعلم فقد أقدمت العصابات الصهيونية على خرق هذا
القرار وأقدمت على احتلال مساحات واسعة من الأرض
المخصصة للدولة الفلسطينية المشار إليها في القرار
طبعا دون أن يتحرك مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ضد
هذه العصابات. والقرار 194 الصادر بتاريخ الحادي عشر
من كانون الأول عام 1948 والمتعلق بحق العودة والتعويض
للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، ونعلم جميعا أن حكومات
الكيان الصهيوني رفضت مجرد الاعتراف بمسؤوليتها عن طرد
وتشريد اللاجئين من وطنهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم
بالقوة وارتكاب المجازر.
استكمال نص القرار: وإذ نحيط علما بالتصريحات
وبالإيضاحات التي صدرت عن ممثل حكومة "إسرائيل" امام
اللجنة السياسية المؤقتة فيما يتعلق بتطبيق القرارات
المذكورة، فإن الجمعية العامة، عملا بتأدية وظائفها
المنصوص عليها في المادة الرابعة من الميثاق والقاعدة
125 من قواعد سير العمل، تقرر: أولا: أن "إسرائيل"
دولة محبة للسلام! راضية بالالتزامات الواردة في
الميثاق قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة بذلك.
ثانيا: تقرر أن تقبل "إسرائيل" عضوا في الأمم المتحدة،
هل نحن بحاجة إلى تعليق على مثل هذا القرار؟ مجلس
الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة تعتبر ان الكيان
الغاصب لأرض الآخرين وطردهم وارتكاب المجازر والقتل
والتدمير الذي شمل أكثر من 450 قرية عربية فلسطينية
"دولة" محبة للسلام، وهل بعد الكفر ذنب؟!
طبعا لم تضع الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت شرط
التفاوض مع الفلسطينيين للقبول بالكيان الصهيوني
"دولة" كاملة العضوية في الأمم المتحدة مثلما طلبت
إدارة اوباما من الفلسطينيين ولم تقترح فرنسا في ذلك
الوقت قبول الكيان الصهيوني عضوا مراقبا كما هو الحال
مع طلب السلطة الفلسطينية، والدولتان تعلمان بأن
الأولى، "دولة" اغتصاب وقتل وإجرام ولا علاقة لها
بالسلام ولا تلتزم بالقوانين والمواثيق الدولية وحقوق
الإنسان، وتعلم الدولتان بأن الشعب العربي الفلسطيني
له كل الحق في أرضه ووطنه وفي إقامة دولة مستقلة وذات
سيادة كاملة فوق أرضه. لكن نحن نعرف بأن الإدارة
الأمريكية بالذات لا تملك قرارها المستقل في السياسة
الخارجية وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني
والعرب حيث ينكشف حينها الانحياز التام للصهاينة
وكيانهم والعداء التام للعرب وذلك بتأثير اللوبي
الصهيوني الذي يقوم بدور هام وفعال في توجيه السياسة
الأمريكية الخارجية هذا اللوبي الذي يعد امتدادا
موضوعيا لليهود ونوعيا لأيدلوجيتهم الصهيونية حيث
يستند في قدرته على التأثير في القرار السياسي
الأمريكي تجاه الصهاينة دعما وتجاه العرب عداء على
إمكانياته المالية لشراء ذمم أعضاء الكونجرس وكذلك على
نفوذه في الإعلام والجامعات والمراكز الصناعية الهامة،
مثلما يتعاون هذا اللوبي ممثلا بشكل أساسي في منظمة "الايباك"
مع المجموعات المسيحية الأصولية (المسيحية الصهيونية)
التي تعتقد بأن "إسرائيل" قوة ضرورية لخطة الرب في
فلسطين واستنادا إلى هذه العقيدة يطالبون الإدارات
الأمريكية بتقديم كل أشكال الدعم للكيان الصهيوني
ليصبح قويا عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
وإذا ما توقفنا عند موقف الرئيس باراك اوباما المنحاز
للصهاينة والمعادي لشعب فلسطين ليس في موضوع الدولة
فقط بل في تقديم كل أشكال الدعم السياسي الذي كان وراء
تراجع جولد ستون عن تقريره الذي أدان فيه همجية ووحشية
العدوان الصهيوني على قطاع غزة أواخر عام 2008م مثلما
لعبت دورا أساسيا في تبرئة الصهاينة من عدوانهم على
أسطول الحرية وقتلهم لتسعة من المشاركين الأتراك حيث
اعتبر التقرير الذي تم اعداده حول هذا العدوان أن حصار
الصهاينة لشعبنا في قطاع غزة قانوني، وهذا بالتأكيد من
سخريات القدر وهو لا يصدر إلا عن ضمائر سيئة فقدت كل
شعور إنساني. كما تقدم هذه الإدارة بالذات خدمة
تاريخية للكيان الصهيوني ومشروعه التوسعي بالسكوت أن
لم نقل دعم إقدام حكومة الإرهابي نتنياهو على بناء
آلاف الوحدات السكنية في المستعمرات الاستيطانية حول
مدينة القدس العربية، في الوقت نفسه فإن الإدارة
الأمريكية تشن حربا إعلامية وسياسية وتزود الإرهابيين
في سورية بالمال والسلاح من اجل زعزعة الأمن
والاستقرار في سورية وضربا للشعب والوطن والنظام خدمة
للمصالح الصهيونية المرتبطة بالمصالح الأمريكية.
اوباما ومنذ أن حصل على ترشيح حزبه الديمقراطي بذل كل
جهد يمكن من اجل استجداء اليهود وأصواتهم عبر زيارته
للكيان الصهيوني ولبس القلنسوة اليهودية أو عبر خطابه
غير المسبوق بالنفاق امام مؤتمر لجنة العلاقات
الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" وها هو اليوم يعلن دون
خجل بأنه سوف يعارض حصول الفلسطينيين على "دولة" تكون
عضوا في الأمم المتحدة مع علمه بأنها دولة رمزية ليس
إلا، اوليس اوباما بلغة الصهاينة ممثل كيانهم في مجلس
الأمن الدولي؟!
نعود لنؤكد على انه من الخطأ الكبير التعويل على مجلس
الأمن الدولي والأمم المتحدة من اجل استعادة الحقوق
الوطنية والقومية وإنما يجب على العرب بعامة
والفلسطينيين بخاصة انتهاج طريق النضال والمقاومة
لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المسلوبة وصولا إلى
إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة
الكاملة فوق كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس.
عمان 1/10/2011
Email:fuad@abpparty.org
|