مقالات > إعلام يوغل في التضليل والإجرام

 

 

 

إعلام يوغل في التضليل والإجرام

 

 

 

واجهت امتنا العربية معارك وحروبا متنوعة، منها معارك وحروب بالسلاح والتدمير وأخرى بفرض الحصار السياسي والاقتصادي لمنع التقدم والتطور العلمي والحضاري والحيلولة دون البناء الوطني والنهوض القومي، ومنها الحرب الإعلامية والتي تعتبر من اخطر الحروب لان هذه الحرب تخلق حالة من البلبلة وتفرز إشكالات وتحديات خطيرة تهدد الثقافات والقيم وأنماط السلوك البشري لأنها تستهدف العقل العربي والذاكرة العربية والرأي العام خاصة وان هذه الحرب تقوم على التضليل والتزوير وتشويه الحقائق وتلفيق أحداث غير موجودة على ارض الواقع. ويعتبر نجاح الأعداء في معركة الإعلام تدميرا للمجتمع العربي وهنا ليس المهم اسم العدو صهيونيا كان أم أمريكيا ولكن الأهم ثم الضالعون مع هذا العدو من أجهزة الإعلام العربية التي يتم تمويلها وتوجيهها لخوض معركة الأعداء لتحقيق مشاريعهم ومخططاتهم ضد الأمة العربية ممثلة بالجهات المدافعة عن الأمة والمقاومة للعدو لمنعه من تحقيق أهدافه ومشاريعه ومخططاته المعادية للأمة ولا ننسى في هذا المجال كيف تستخدم هذه القوى الإعلام لتحقيق مآربها ودس سمومها وترويج الإشاعات وتزوير الحقائق واستخدام كل وسائل التضليل والكذب والإجرام بحق العرب الملتزمين بقضايا الأمة والمدافعين عن مصالحها وأرضها وحريتها وكرامتها, الذين يناضلون من اجل استعادة وحدة الأمة العربية التي بها تستطيع الدفاع عن مصالحها وثرواتها واستعادة حقوقها المسلوبة.

ومن الطبيعي القول بأن الإعلام الذي يشارك الإعلام المعادي في ضرب أمته وان تحدث باللغة العربية وانطلق من فوق ارض عربية لا يمكننا اعتباره إعلاما عربيا. ذلك  لان الإعلام العربي هو الذي يقوم بالدور المطلوب منه والمتمثل في خدمة العرب أنفسهم والمدافع عن مصالحهم والذي يقوم بدوره في إيضاح صورة العرب الحضارية ويشارك فعليا في الدفع باتجاه وحدة العرب في مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بهم ولكن كيف للإعلام العربي أن يقوم بهذا الدور؟ هذا التساؤل الكبير الذي نطرحه امام المشهد العربي المعاش هذه الأيام حيث تداعيات السياسات القطرية التابعة للغرب المعادي للأمة والمتناقضة مع الأهداف القومية، وامام ما تشهده المنطقة العربية وبعض أقطارها من ظروف صعبة جراء العدوان والاحتلال الاستعماري والصهيوني والمشاريع والمخططات المعادية التي تقوم بتنفيذها الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية بأدوات إعلامية وسياسية بعضها ناطقة بالعربية وأخرى تدعي الإسلام ذلك لان الدعاية الإعلامية وحتى تعطي أثرها المطلوب يجب أن يتم التخطيط لها بكل دقة وبحيث تكون مرسومة وفق خطة معدة سلفا يوضع لها هيكل عام يحوي الخطط الرئيسية والأهداف الأساسية التي يجب الوصول إليها. أن الخطة الإعلامية الموجهة لا توضع من فراغ وإنما يتم الاعداد لها وتجميع كمية كبيرة من المعلومات بإشراف مجموعة من أصحاب الاختصاص في الإعلام والاتصال الجماهيري والنظم النفسية. وهذا ما نراه ونشاهده في الإعلام المعادي الموجه ضد سورية بكل اخباره وتقاريره التي تعدها هذه المجموعات التابعة للغرب الاستعماري والحركة الصهيونية والتي تمدها أنظمة عربية أصبحت معروفة بالتمويل اللازم لتمكينها من صناعة الأخبار والتقارير والصور والمشاهد الملفقة من اجل تعبئة الرأي العام في سورية وأقطار الوطن العربي لخلق الفتن وتهيئة الأجواء لها وصولا إلى سفك دماء الأبرياء عبر مجموعات إرهابية تقوم نفس الجهات بتوفير الإمكانات المادية والتسليح لها للنيل من سورية الشعب والوطن قبل النظام لان الشعب والنظام فريق واحد يرفض الرضوخ والاستسلام للسياسات الاستعمارية الهادفة إلى تطويع المنطقة العربية وإنزال المزيد من التجزئة والتفتيت في أقطار الوطن العربي لإضعافه وإفقاده مقومات القوة والقدرة على انتهاج سياسة ترتكز على القرار الوطني والقومي المستقل.

مثلما يقوم الإعلام المعادي بتسميم أفكار المجتمعات العربية وتحريضها ضد القوى العربية الوطنية والقومية واعدادها لتقبل ممارسات الجماعات الإرهابية التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في سورية وغيرها من أقطار الوطن العربي المستهدفة من أعداء الأمة. وعندما نقول سورية بالذات ونتساءل لماذا استهداف هذا القطر العربي؟ فالإجابة بكل بساطة هي لان سورية تتمسك بقرارها الوطني والقومي المستقل وترفض الرضوخ للمشاريع الاستعمارية والصهيونية التي تهدف إلى تمزيق أقطار الوطن العربي وترفض وبشكل قاطع التعاطي مع سياسات الحلول التي تخدم الكيان الصهيوني مثلما هي متمسكة بدعم المقاومة العربية التي تواجه أعداء الأمة في فلسطين ولبنان والعراق. لكن سورية قد استطاعت عبر تماسك شعبها بوحدة وطنية غير مسبوقة إفشال المخططات المعادية واستطاعت الدفاع عن امن الوطن والشعب وحشر الأعداء في مأزق امني وسياسي عميق حيث كشفت للمواطنين والناس حقيقة المشروع المعادي مثلما كشفت زيف الإعلام الموجه وحقيقة الدجل والخداع والتضليل الذي تقوم به أجهزة الإعلام المعادية المرئية والمقروءة والمسموعة والتي باتت مفضوحة امام جماهير الشعب العربي في سورية وأقطار الأمة العربية وحتى لشعوب العالم اجمع.

نعود لنؤكد لوسائل الإعلام المغرضة التي تمارس الكذب والتلفيق والتضليل بطلان المقولة بأن تكرار الكذب لا بد وان يجعل من الوهم والتزوير حقيقة ذلك لان زوال الحدود الإعلامية أصبح كفيلا بفضح الدعاية الكاذبة والتقارير المزيفة بعد مدة ليست بالطويلة وكما يقولون "أن حبل الكذب قصير" وهذا ما حصل ويحصل فعليا بالحملة الإعلامية الضالة والمضللة ضد سورية حيث تنكشف الأكاذيب والادعاءات الباطلة كل ساعة وليس أدل على عملية الانكشاف هذه من قضية المدعوة زينب الحصني التي تاجر بها الإعلام المخادع وقد أصبحت هذه القضية معروفة للجميع مثلما تم انكشاف وافتضاح العديد من الأخبار والتقارير المصنوعة في الدهاليز السوداء لفضائيات تبث السم الزعاف في اوساط الشعب العربي في سورية والأقطار العربية الأخرى. والتي كان الإعلام الوطني في سورية لها بالمرصاد حيث قام بتوجيه الصفعة تلو الأخرى لهذه القنوات التي امتهنت التلفيق والكذب وترويج إشاعات تهدف إلى بث الفتنة بين أبناء الشعب العربي الواحد.

ونؤكد أيضا، بأن سورية شعبا وقيادة قد اجتازت المحنة بالوحدة الوطنية والوعي والإدراك التام لابعاد الحرب الكونية التي تستهدف سورية وبخاصة عبر الإعلام الحاقد المعادي لسورية والأمة العربية جمعاء حيث أن مراميه وأهدافه تصب في مصلحة الأعداء الصهاينة والاستعماريين في الغرب الذي طالما حال دون الأمة وتحقيق وحدتها والذي كان السبب في ضرب وحدة العرب وإحلال التجزئة مكانها.

مثلما نؤكد على أن لنا كل الأمل في جماهير امتنا العربية في الصحوة والنهوض وتجاوز العثرات والأوضاع العربية المتردية التي جاءت بسبب أعداء الأمة والاتجاه نحو تحقيق الأماني القومية لجماهير الأمة في التوحد التي هي الطريق الوحيد لبناء القوة القادرة على مواجهة الأعداء ومشاريعهم ومخططاتهم التي تهدف إلى قيام شرق أوسط جديد يحققون من خلاله أطماعهم في إنزال المزيد من التجزئة والسيطرة على ثروات الأمة ومقدراتها.

                                                                                               فـــؤاد دبـــور

عمان 15/10/2011

Email:fuad@abpparty.org

 

 

 

 

صفحة جاهزة للطباعة   |    أرسال لصديق