د. غليون.... شكرا على برهانك
شكرا، د. برهان غليون على تصريحاتك التي كشفت فيها عن
توجهاتك السياسية مع مجلسك المسمى بمجلس اسطنبول في
حال، لا سمح الله، وصلت إلى الحكم في سورية خاصة عندما
سألتك صحيفة "وول ستريت جورنال" حول العلاقات
الإستراتيجية الحالية بين سورية وإيران وحزب الله
والمقاومة وحول الجولان العربي – السوري المحتل. وكان
جوابك فيما يتعلق بإيران "العلاقات الحالية بين سورية
وإيران غير عادية وغير مسبوقة في تاريخ العلاقة
الخارجية لسورية...). وعليه فإننا سوف نقطع علاقاتنا
العسكرية مع إيران، طبعا وهذا هدف طالما سعت الإدارات
الأمريكية والكيان الصهيوني من اجل الوصول إليه، ولكن
لماذا يا سيد برهان غليون؟ لان إيران ومنذ قيام الثورة
الإسلامية وسقوط الشاه قد أسقطت مفاهيم الولاء للغرب
والصهيونية وأقدمت على قطع العلاقات الدبلوماسية
والنفطية والتنسيق المخابراتي مع الكيان الصهيوني
وبذلك تكون قد وضعت نهجا سياسيا جديدا ضد الأمريكان
والصهاينة ووقفت بكل قوة واقتدار مع حق الشعب العربي
الفلسطيني في تحرير أرضه واستعادة حقوقه المشروعة،
مثلما تعتبر هذا الكيان خطرا يهدد المنطقة بأسرها،
وإيران يا سيد غليون تقدم الدعم بكل أشكاله لفصائل
المقاومة التي تقاوم العدو الصهيوني وتعمل على إفشال
المخططات والمشاريع الأمريكية والصهيونية المعادية
للعرب والمسلمين وهذا ما يجعل الإدارات الأمريكية تحشد
دولا غربية لمحاصرة إيران وتطلق والكيان الصهيوني
تهديدات بشن حرب على إيران بذريعة سيرها على طريق
امتلاك الطاقة النووية مما يهدد المصالح الأمريكية في
المنطقة ويأتي في مقدمة هذه المصالح امن الكيان
الصهيوني.
اما فيما يتعلق بحزب الله، فهو الحزب الذي تم استهدافه
مرة تلو الأخرى من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان
الصهيوني ومعهما فرنسا في استصدار القرار 1559 لعام
2004 الذي ينص على تجريد حزب الله من سلاحه، طبعا وقد
استهدف هذا القرار سورية والمقاومة الفلسطينية. ذلك
لان حزب الله قد حرر معظم ارض جنوب لبنان والبقاع
الغربي من الاحتلال الصهيوني في شهر أيار من عام
2000م، وواجه الحزب بكل قوة وعزم واقتدار الحرب
العدوانية التي قامت بها إدارة الرئيس الأمريكي جورج
بوش عبر الأداة الصهيونية في الثاني عشر من تموز عام
2006م وقد افشل الحزب ومقاتلوه والقوى الوطنية
المقاومة وسورية أهداف هذا العدوان المتمثلة في حماية
امن الكيان الصهيوني وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد
وفق ما أكدته وزيرة خارجية بوش كوندليزا رايس في لبنان
أثناء العدوان، وما زال حزب الله يشكل أداة ردع
للعدوان الصهيوني ومن اجل هذا يا د. برهان غليون سوف
تعمل على محاربة حزب الله وتجعل منه حزبا ضعيفا غير
قادر على مواجهة العدو والدفاع عن امن لبنان ومصالحه
وهذا طبعا يشكل خدمة للسياسات الأمريكية والعدو
الصهيونية والقوى الاستعمارية والجهات المرتبطة بها في
لبنان وخارجه اما فيما يتعلق بحركة المقاومة حماس،
ومعها فصائل المقاومة الأخرى فإنك يا سيد غليون سوف
تعمل على قطع العلاقات معها حفاظا على أمن الكيان
الصهيوني لان فصائل المقاومة إنما تقاوم العدو
الصهيوني واحتلاله للأرض العربية في فلسطين.
ونذهب أخيرا إلى الجولان العربي السوري المحتل اثر
عدوان الخامس من حزيران عام 1967م ، تقول يا سيد غليون
حول هذا الموضوع "نأمل أن تفضي الشروط السياسية
والجغرافية إلى طرق مناسبة لتحقيق مفاوضات حول سبل
استعادة الجولان، فهو عارض مهم لسيادة واستقرار سورية
وسيعود بدون شك، ولا ندري ما الذي جعلك متأكدا من هذه
العودة، ونعتمد على علاقاتنا الخاصة بالاتحاد الأوروبي
والقوى الغربية ولم تحدد هذه القوى الأخرى يا سيد
غليون وهي بالتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية،
لمساعدتنا إلى استعادة الجولان بالسرعة الممكنة. لكن
نسألك يا سيد غليون عن أي مفاوضات مع العدو الصهيوني،
هل مفاوضات استعادة الجولان بالكامل وحتى خطوط الرابع
من حزيران عام 1967 أم ماذا؟ انت تعرف تماما، إذا كنت
تتابع الشؤون السورية وانت في باريس، أن كل المفاوضات
حول استعادة الجولان مع العدو الصهيوني قد فشلت بسبب
تمسك القيادة السورية بالانسحاب الصهيوني من كل الأرض
العربية السورية المحتلة وحتى خطوط الرابع من حزيران
ولكن العدو الصهيوني كان يرفض هذا الانسحاب التام وهذا
ما أكدته مباحثات الرئيس المرحوم حافظ الأسد مع الرئيس
الأمريكي كلينتون في السادس والعشرين من شهر آذار عام
2000م مثلما فشلت كل المفاوضات اللاحقة غير المباشرة
وكان الوسيط في هذه المفاوضات الأصدقاء الأتراك الذين
تعول عليهم في ضرب سورية عسكريا حتى يوصلوك إلى الحكم
وتنتهج السياسات المطلوبة منك والتي قدمتها علنا كورقة
اعتماد مسبقة للصهاينة والأمريكان والأوروبيين
والأتراك الحاكمين وجامعة الدول العربية التي تدعمك
عبر قراراتها المتلاحقة في تعليق عضوية سورية وفرض
الحصار عليها سياسيا واقتصاديا وهذه السياسة التي
تعتمدها جامعة الدول العربية بمعظم دولها ومعها سياسة
استقدام التدخل الأجنبي الذي سوف يدمر سورية ويودي
بعشرات الآلاف أن لم نقل مئات الآلاف وفق ما قاله
جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في إحدى
جلساته الخاصة مع الاتباع والعملاء.
سيد غليون، هل شاهدت ما جرى في العراق اثر الحرب
العدوانية الأجنبية على هذا القطر وما لحق به من خسائر
مادية وبشرية؟ وهل رأيت نتائج التدخل الأجنبي في ليبيا
قبل عدة أشهر حيث لحق بهذا القطر التدمير والخراب وقتل
عشرات الآلاف من أبناء الشعب العربي الليبي؟ إذا كنت
قد شاهدت وعلمت وتطلب من الدول الأجنبية المعادية
للأمة العربية والإسلامية أن تقوم بنفس العمل في
سورية، فإننا نتقدم لك بجزيل الشكر نيابة عن الشعب
العربي السوري.
دعنا نتوقف عند الحلفاء المنخرطين في مجلسك الاسطنبولي
من الإسلاميين، وما قلت عنهم في مؤلفاتك، "أن فكرة
الدولة الإسلامية أو الأمة الإسلامية قد وصلت إلى طريق
مسدود فهل غيرت رأيك فيهم؟ أم انك قد غيرت رأيك فقط
بالإسلام بالشكل الموجود في إيران الذي قد هزم على حد
تعبيرك، وان الإسلام التركي هو النموذج . ثم دعنا
نتوقف أيضا عند ما قلته في كتابك المحنة العربية:
الدولة ضد الأمة، وفي الصفحة 102 بالتحديد حول دول
الخليج العربي والجزيرة العربية، وبالحرف "اما في
الخليج فإن العوائد النفطية الهائلة لا تزال تشكل
مانعا كبيرا امام إمكانية طرح مسألة الهوية السياسية،
بل امام نمو أي نزعة قومية حقيقية في حجرها، باستثناء
التماهي مع نمط استهلاك مادي قائم بالأساس على ارتفاع
القوة الشرائية وتنمية مرض الشره الفردي والتنافس على
تكوين الثروات الشخصية".
نترك هذه الأفكار والتوصيف لدول الخليج العربي لأصحاب
الشأن يا سيد غليون ثم كتبت عن الديمقراطية والحرية،
فأي ديمقراطية وحرية تريدها للشعب العربي في سورية؟ هل
هي ديمقراطية الإيعاز لمجموعات من التابعين لك في
القاهرة بالاعتداء على معارضة سورية وطنية نوعية جاءت
إلى مقر الجامعة العربية في القاهرة لإبداء وجهة نظرها
في حل الأزمة في سورية؟ أم ديمقراطية الاعتداء على وفد
من الفنانين والفنانات والمثقفين السوريين امام مقر
الجامعة العربية؟ وعن أي حرية تتحدث حرية الدم والقتل
التي تمارسها العصابات الإرهابية بتمويل من حلفائك؟
على أية حال، أقول لك شكرا ، د. برهان غليون لأنك
أفصحت وبشكل واضح عن سياساتك ونهجك بالقول والعمل
وكشفت أوراقك التي قدمتها للسادة في أوروبا وأمريكا
وتركيا ومجلس الجامعة العربية، وشكرا لأنك جعلت كل
مواطن عربي في سورية وخارجها يتعرف على الطريق الذي تم
رسمه لك لتسير عليه في حال وصولك إلى الحكم في سورية
كما تحلم واعتقد جازما بأن حلمك وحلم أسيادك بعيد
المنال، خاصة وان حلم إسقاط سورية وشعبها ونظامها
طالما راود قادة الكيان الصهيوني وبالأمس القريب صرح
وزير الحرب الصهيوني باراك ومعه وزير الخارجية ليبرمان
بأن الكيان الصهيوني يتحقق بإسقاط النظام في سورية.
عمان 11/12/2011
Email:fuad@abpparty.org
|