مقالات > أين جامعة الدول العربية من القدس وغزة؟

 

 

 

أين جامعة الدول العربية من القدس وغزة؟

 

يشكل ما تتعرض له مدينة القدس العربية من إجراءات صهيونية جزءا من عملية تهويد القدس والإجهاز  على المقدسات العربية والإسلامية والمسيحية، مثلما تشكل الإجراءات ضد المواطنين العرب باستخدام كل الوسائل الوحشية ضدهم وفي مقدمتها ارتكاب المجازر والمذابح والتهجير القسري والاعتداء على المقدسات والتراث الحضاري والديني خطوات على طريق التهويد النهائي. كما يشكل الصراع حول مدينة القدس مع العدو الصهيوني مرتكزا أساسيا لدى شعب فلسطين الذي انتفض من اجل القدس وقاوم وضحى، ولا يزال، من اجلها. وقضية القدس لا تهم فقط شعب فلسطين كونها قضية عربية وإسلامية، مثلما تحتل مكانة مركزية في الاهتمامات الدولية نظرا لموقعها الذي تحتله هذه المدينة المقدسة عند المسلمين والمسيحيين وما يدعيه اليهود من تراث ديني مزعوم حيث انها في جوهرها وحضارتها عربية إسلامية عبر التاريخ.

ولطالما دأب اليهود والصهاينة على القيام بأعمال تستهدف طمس هوية المدينة العربية والإسلامية مثلما تستهدف المقدسات والتراث العربي الإسلامي وكان أخرها محاولات الصهاينة هدم باب المغاربة والجسر الموصل إلى حي المغاربة الذين قاتلوا مع القائد صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس من الصليبيين هذا الحي الذي هدمته حكومة العدو الصهيوني بعد احتلال الجزء الشرقي من القدس اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م. وجعلته ساحة لصلاة اليهود بالقرب من حائط البراق الذي يطلق عليه الصهاينة واليهود حائط المبكى، يأتي هذا الإجراء العدواني ضد باب المغاربة استكمالا للتهويد من جهة ومحاولة للتأثير على مبنى المسجد الأقصى المبارك من جهة أخرى لأنهم يعملون على استبدال الجسر بنفق قرب هذا المبنى. وأمام هذه الممارسات الصهيونية التي تستهدف المدينة المقدسة يحق لنا أن نتساءل أين هي جامعة الدول العربية من الأعمال والإجراءات الصهيونية التي تطال المدينة المقدسة وأهلها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ أليست القدس مدينة عربية وإسلامية؟ ثم إلا تقع تحت مسؤولية العرب وجامعتهم؟ الم تتحرك الجامعة العربية منذ شهرين وتعقد العديد من الاجتماعات وتتخذ العديد من القرارات ضد سورية بذريعة حماية الشعب العربي السوري الذي إنما تكون حمايته الحقيقية بابتعاد الجامعة وقراراتها عن وطنه؟ فلماذا لم تجتمع الجامعة وحتى من اجل رفع العتب أو ذر الرماد في العيون دفاعا عن مدينة القدس؟ ثم الم تسمع وتشاهد دول الجامعة الاعتداءات الوحشية الدموية على شعبنا العربي الفلسطيني وبالتحديد ضد هذا الشعب في قطاع غزة؟ الم تسمع دول الجامعة أو تشاهد عشرات الشهداء والجرحى وتدمير المنازل والمؤسسات في هذا القطاع صباح مساء من طائرات العدو الصهيوني وصواريخه ومدافع دباباته؟ لماذا لم تتحرك جامعة الدول العربية لحماية الشعب من العدوان أو على الأقل اتخاذ إجراءات سحب سفراء العدو وإغلاق المؤسسات التجارية والدبلوماسية في بعض الأقطار العربية؟ أم أن من السهل على دول الجامعة معاقبة سورية بسحب السفراء من دمشق وحصارها اقتصاديا وسياسيا ومن الصعب عليها عندما يتعلق الأمر بشريك السيد الأمريكي المدلل الممثل بكيان العدو الصهيوني؟ هل يخشى البعض فقدان منتجع هيرتسيليا في حال انعقاد مجلس الجامعة مجرد انعقاد للرد على العدو الصهيوني؟ أن الجامعة لا تملك من أمرها شيئا، بل مسيرة بأوامر السيد الأمريكي ولا يمكنها أن تتخذ إجراءات مقاطعة وحصار وقطع علاقات دبلوماسية وتجارية مع العدو الصهيوني لان هذا غير موجود في أمر العمليات الأمريكي. لذلك فليس من المستغرب أن نرى الجامعة ودولها تبتعد عن كل ما يغضب هذا السيد والشريك الصهيوني الذي يقتل ويدمر ويخرب ويعتدي على الشعب العربي في فلسطين ومقدساته. فهل كان احد منا يتوقع قيام جامعة الدول العربية الأداة الطيعية في يد الولايات المتحدة الأمريكية بالاجتماع لاتخاذ قرارات تجاه القدس تتطابق حتى مع قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر جميع الأراضي المحتلة اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967 أراض عربية؟ وهل كان احد منا يتوقع فعلا أن تقوم دول الجامعة العربية باتخاذ مواقف تحمي الشعب العربي الفلسطيني من القتل والتشريد والإرهاب؟

لقد أضحت وظيفة الجامعة التهيئة للتدخل الأجنبي في الأقطار العربية خدمة لمصالح هذا الأجنبي الاقتصادية منها مثلما حصل في ليبيا حيث طلبت الجامعة عبر قرار لها من مجلس الأمن الدولي التدخل في هذا القطر العربي لاقتسام ثرواته النفطية تحت ذريعة حماية الشعب الذي انزل به هذا التدخل خسائر بشرية وصلت إلى عشرات الآلاف وخسائر مادية جراء تدمير العديد من المدن والقرى والمؤسسات والبنى التحتية. مثلما تمهد الآن هذه الجامعة وتسهل الطريق امام تدخل أجنبي أخر في سورية من اجل إزالة سورية السياسية عن خارطة المنطقة من اجل حماية امن الكيان الصهيوني وتمرير المشاريع الأمريكية والصهيونية التي تستهدف إقامة شرق أوسط جديد تهيمن عليه القوى وتنهب ثروات الأمة.

نعود لنؤكد، كما أكدنا سابقا، بأن الدم يتجمد في عروق الجامعة عندما يتعلق الأمر بالعدوان الصهيوني على شعب فلسطين وشعب لبنان والعراق وسورية وأي قطر عربي أخر، ولكن هذا الدم يتدفق حارا وبشكل غير مسبوق عندما يتعلق بالأمر بمحاصرة سورية وتمهيد الطريق امام تدخل يودي بعشرات الآلاف من الشعب العربي السوري ويدمر المدن والقرى والمؤسسات وإلا لماذا هذا الصمت المريب امام مجريات الأحداث في القدس وقطاع غزة وامام إقدام العدو الصهيوني على حرق وتدمير المساجد؟ أم أنهم لا يرون ولا يشاهدون ولا يسمعون إلا بما يطلبه منهم السيد الأمريكي؟ ويحق لنا أن نتساءل أين جامعة الدول العربية من القدس وغزة؟

                                                                                           

عمان 30/10/2011

Email:fuad@abpparty.org

 

 

 

صفحة جاهزة للطباعة   |    أرسال لصديق