سورية بعد عام الإرهاب مستمر
عام مضى على المشروع الذي استهدف سورية بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت البداية في
الخامس عشر من شهر آذار عام 2011 وجاء المخطط تحت
عنوان مزعوم "الديمقراطية والإصلاح" وحقيقة الأمر أن
هذا المشروع قد استهدف سورية الدور السياسي المقاوم
للمشاريع الأمريكية الصهيونية الهادفة إلى تمرير ما
يسمى بالشرق الأوسط الجديد، حيث يتم التقسيم داخل كل
قطر من أقطار الوطن العربي لإضعافها وسلبها قرارها
الوطني والقومي المستقل ونهب ثرواتها وتحقيق امن
الكيان الصهيوني الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة
الأمريكية، وقد دفعت القوى المشاركة في هذا المشروع من
غربية وصهيونية وعربية ومجموعات سورية باتجاه إغراق
سورية بالدماء والقتل والدمار والتخريب خدمة لمشروعهم
ومخططاتهم وقد واجهت سورية قيادة وشعبا هذا المشروع
المؤامرة بكل ابعاده السياسية والإعلامية والاقتصادية
والعسكرية في كل مراحله حيث كانت تدرك هذه الابعاد مما
مكنها من التعامل مع كل مرحلة بما يناسبها من مواقف
وقرارات وإجراءات يتم عبرها تجاوز هذه المراحل مرحلة
بعد أخرى، حيث جاءت المرحلة الأولى للسيطرة على مدينة
درعا وريفها وعزل جنوب سورية عن المركز في دمشق ومعها
مدينة بانياس البحرية لتسهيل تهريب السلاح والإرهابيين
عبر البحر ومن ثم السيطرة على مدن حدودية أخرى مع
لبنان وتركيا وكذلك على ريف دمشق لاستكمال الطوق على
المركز في دمشق وإسقاطه، ولكن القيادة السورية كما
أسلفنا كانت تدرك تماما ما يخطط له أعداء سورية حيث
أحبطت المخططات وان كانت المرحلة الأصعب التي عانى
منها الشعب العربي السوري هي مرحلة الحصار الاقتصادي
الذي فرضته الدول الضالعة في المؤامرة غربية كانت أم
عربية حيث اتخذت هذه الدول إجراءات هدفت إلى استنزاف
البلد ماليا واقتصاديا وقد تجسد هذا الأمر عبر قيام
العصابات الإرهابية بتدمير وتخريب العديد من أنابيب
النفط والغاز والجسور وسكك الحديد ومحطات توليد
الكهرباء وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة كما تجسدت
أيضا بإجراءات صارمة من الدول المعادية لسورية ضد
المصرف المركزي والتجارة السورية والسياحة والعملة
الوطنية، ولكن ورغم هذه الإجراءات القاسية استطاعت
سورية الصمود امام هذه المرحلة الصعبة. مثلما استطاعت
مواجهة العصابات المسلحة التي احتلت بعض الأحياء
والقرى والمدن السورية في ريف دمشق وحمص وحماة وادلب
وغيرها وطردها أينما وجدت، بمعنى أن القيادة السورية
وأجهزة الأمن والجيش وبإسناد من الشعب قد استعادت
السيطرة على كل الأرض السورية وألحقت هزيمة بالعصابات
الإرهابية والداعمين لها وهذا باعتراف العدو قبل
الصديق وهي حالياً تقوم بمطاردة فلول الإرهابيين
وملاحقتهم وان كانت هذه الملاحقة قد تستغرق بعض الوقت.
كما استطاعت أيضا أن تحقق انجازات ديمقراطية في ظرف
صعب وبفترة قياسية حيث تم وضع سورية على طريق الإصلاح
والديمقراطية وتطوير الحياة السياسية عبر إلغاء حالة
الطوارئ وإصدار مجموعة من القوانين الناظمة للحياة
السياسية، مثل قانون الأحزاب السياسية، قانون الإعلام،
قانون الانتخابات، وقد تم بالفعل إجراء انتخابات
الإدارات المحلية في أصعب الظروف وها هي تحدد موعدا
(7/أيار/2012) لإجراء انتخابات مجلس الشعب وتوجت كل
هذه الانجازات صياغة دستور نوعي جديد اقره الشعب، هذا
إضافة إلى فتح باب الحوار مع المكونات الوطنية للشعب
العربي السوري وما زال باب الحوار مفتوحا لكل القوى
الوطنية للمشاركة فيه.
وقد فقدت القوى الكونية الضالعة في المشروع الذي
يستهدف سورية أعصابها امام هذه الانجازات التي حققتها
سورية قيادة وشعبا، مما جعلها تدفع أدواتها للقيام
بعمليات إرهابية طالت إحياء مدنية في دمشق وحلب وأودت
بحياة العشرات من المدنيين وقوات حفظ النظام مثلما
أسفرت أيضا عن مئات الجرحى وتدمير العديد من المساكن
والمؤسسات حيث جاءت هذه العمليات الدموية البشعة بعد
مضي عام على تحرك العصابات المسلحة وبعض القوى التي
تسيرها وبعد مضي عام من قيام استخبارات الدول المعادية
لسورية غربية كانت أم عربية تابعة، جاءت هذه العمليات
رسائل لإثبات الوجود وللرد على الهزيمة والفشل اللذين
لحقا بمخططهم ورفع معنويات فلول المهزومين كما تشكل
هذه العمليات أيضا محاولة يائسة لمعاقبة المواطنين
الذين نزلوا بالملايين إلى الساحات في المدن السورية
دعما للإصلاحات ودفاعا عن الوطن وإصابتهم بالهلع
والخوف ولكن الشعب رد عليهم بالمزيد من الصمود
والمواجهة والتمسك بأمن وطنه وقيادته.
ندرك تماما بأن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان
الصهيوني والتابعين في أوروبا والمنطقة سوف يستمرون في
محاولاتهم زعزعة امن واستقرار سورية، مثلما ندرك
بالمقابل بأن سورية الدولة بكل مكوناتها ستبقى عصية
على مخططاتهم وتعمل على إفشالهم بقوة وعزم واقتدار
اعتمادا على الوحدة الوطنية كما سيبقى الجيش العربي
السوري ومعه القوى الأمنية سدا منيعا في وجه المؤامرات
والمخططات والمشاريع المعادية، مثلما نثق بأن منظومة
دولية جديدة مساندة لسورية وداعمة لها في مواجهة
الهجمة العدوانية قد ولدت من رحم الصمود السوري
الأسطوري غير المسبوق وعلى رأس هذه المنظومة روسيا
الاتحادية والصين الشعبية وإيران ومجموعة الدول
الصاعدة.
ونستطيع القول بكل ثقة بأن سورية قد انتصرت على
أعدائها الخارجين والداخلين وكسبت المعركة المتعددة
الأطراف والابعاد السياسية والاقتصادية والمالية
والإعلامية والعسكرية ذلك لأن الشعب العربي في سورية
قد أدرك ابعاد المخططات التي استهدفت وطنه وتستهدفه
بأمنه ووحدته الوطنية وحياة ومستقبل أجياله ومواقفه
الوطنية والقومية المتمسكة بالثوابت والداعمة للمقاومة
العربية التي تواجه الصهاينة والأمريكان وكل الضالعين
في المشاريع المعادية للأمة العربية وهذا جعله يلتف
حول قيادته ويساند جيشه الذي واجه، وما زال يواجه
العصابات الإرهابية سواء تلك التي في الداخل أو التي
تتسلل عبر الحدود. مثلما أدرك هذا الشعب المناضل
والمقاوم وبشكل واضح وملموس تحالف ما يسمى بالمعارضة
غير الوطنية بالخارج مع أعداء الوطن وخاصة الكيان
الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والتي طالما
طالبت حلف الناتو بالتدخل العسكري لقتل الشعب وتدمير
الوطن الذي يتصدى بكل شجاعة وتصميم لمخططاتها المعادية
لإسقاط النظام.
مرة أخرى لنا كل الثقة بأن سورية ستبقى صامدة ومنيعة
على الأعداء وهي تدفع ثمن مواقفها المبدئية ودفاعها عن
الأمة العربية جمعاء بعامة وعن فلسطين العربية بخاصة.
عمان 19/3/2012
Email:fuad@abpparty.org
|