البرنامج النووي الإيراني
واتفاق جنيف
كانت إيران ومنذ بداية ما يسمى بالأزمة النووية تعلن
عن قبولها بالحلول السلمية لقضية برنامجها النووي مع
تمسكها التام بعمليات تخصيب اليورانيوم داخل مفاعلاتها
النووية بما يخدم هدفها بالحصول على الطاقة النووية
للأغراض السلمية، لكن الإدارات الأمريكية ومعها دول
أوروبية وطبعا الكيان الصهيوني دأبت على حشد الطاقات
لحصار إيران وفرض عقوبات اقتصادية ومالية وسياسية
عليها لإرغامها على القبول بالتخلي عن برنامجها، لكن
إيران صمدت وقاومت واستمرت في سياساتها الرافضة لتجميد
أنشطتها النووية واستمر الصراع بين الولايات المتحدة
الأمريكية ومن معها من حلفاء وبين الدولة الإيرانية
سواء بالضغوطات السياسية عبر الوكالة الدولية للطاقة
الذرية أو عبر مجلس الأمن الدولي ولما فشلت الولايات
المتحدة الأمريكية في جعل إيران تتراجع عن تطبيق
برنامجها النووي اضطرت إلى إتباع سياسة مرنة في هذا
الصراع وقامت بتوزيع الأدوار مع الشركاء الأوروبيين من
جهة والاستعانة بروسيا والصين لعدم تفاقم الصراع مع
إيران من جهة أخرى رغم ضغوطات قادة الكيان الصهيوني
وأنظمة في الخليج العربي وجاء هذا التحرك والتغيير في
الموقف الأمريكي إدراكا من الإدارات الأمريكية وبخاصة
إدارة الرئيس اوباما للأهمية الإستراتيجية لمنطقة أسيا
الوسطى والتي تمثل إيران دولة محورية في هذه المنطقة
جغرافيا واقتصاديا ودينيا، وتدرك إيران بأن الولايات
المتحدة الأمريكية لا تستطيع ترتيب أوضاعها في المنطقة
في ظل الصراع والعداء مع جمهورية إيران الإسلامية التي
أصبحت دولة قوية ومؤثرة فيها. كما أدركت الولايات
المتحدة الأمريكية أن التدخل العسكري لوقف البرنامج
النووي الإيراني باهظ الثمن والتكاليف، إن لم نقل أن
مثل هذا التدخل قد أصبح من المستحيلات وهذا ما جعل
الإدارة الأمريكية لا تستجيب لسياسات حكومة العدو
الصهيوني العدوانية ضد إيران لذلك رأينا المباحثات
المتوالية بين إيران ودول (5+1) من اجل الوصول إلى حل
سلمي لازمة البرنامج النووي الإيراني والذي تم التوقيع
على مرحلته الأولى بين إيران ودول (5+1) في جنيف فجر
يوم الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 2013.
أن نجاح مفاوضات جنيف في نزع فتيل الأزمة النووية
الإيرانية من شأنه أن يضمن تأكيد الدور الإقليمي
لإيران ويجعلها تدخل النادي النووي باعتراف الدول
الكبرى إضافة إلى رفع العقوبات عنها ولو تدريجيا مما
يجعل اقتصادها أكثر قوة ومنعة ويعزز الثقة بعملتها،
مثلما يعزز هذا الاتفاق دور روسيا الاتحادية في
المنطقة والعالم كما يؤثر إيجابا على الحل السياسي
للازمة في سورية لصالحها حيث أن صمود سورية في مواجهة
العدوان الأمريكي – الاستعماري اثر إيجابا بالانجاز
الإيراني.
وقد يؤسس هذا الاتفاق إلى توجهات عالمية لحل الأزمات
الكبرى في المنطقة دون أن نؤكد على نجاح هذه الحلول
وخاصة في قضية صعبة ومستعصية كقضية الشعب العربي
الفلسطيني.
وأخيرا، نستطيع القول بأن من حق إيران في امتلاك
الطاقة النووية للأغراض السلمية أسوة بباقي العديد من
الدول في هذا العالم في الوقت الذي ليس من حق الكيان
الصهيوني امتلاك السلاح النووي المدمر وبالطبع تعتبر
إيران هذا الكيان عدوها الأول في المنطقة باعتباره
يشكل خطرا على كل دول المنطقة.
مثلما نقول أيضا إننا نفهم غضب قادة العدو الصهيوني من
هذا الاتفاق بذريعة أن باستطاعة إيران الحصول على سلاح
نووي يهدد وجودها الغاصب في فلسطين العربي لكننا لا
نفهم غضب أنظمة عربية من هذا الاتفاق لان إيران لا
تهدد العرب وتسعى لإقامة علاقات حسن الجوار معهم، وهذا
ما أعلنه أكثر من مسؤول إيراني . مما يرتب على هذه
الأنظمة الاستجابة إلى الدعوات الإيرانية التي تعبر عن
حسن النوايا تجاه جيرانها العرب، وإيران دولة إسلامية
معادية للصهيونية وشركاء الكيان الصهيوني الذين يمدونه
بكل أسباب العدوان.
نؤكد على أن هذا الاتفاق يشكل عنصرا ايجابيا داعما
لمحور المقاومة في المنطقة الذي يواجه المشاريع
والمخططات الأمريكية والاحتلال الصهيوني لأراض عربية
في فلسطين وسورية ولبنان ويهدد أمن واستقرار العرب
والمنطقة بأسرها، كما يؤثر إيجابا لصالح القطر العربي
السوري الذي يواجه الإرهاب ويطالب بشكل دائم ومستمر
بالحل السياسي المستند إلى الحوار مع المكونات الوطنية
للشعب العربي السوري.
فــؤاد دبـــور
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
عمان 27/11/2013
|