مقالات >   ذكرى الخامس عشر من أيار- ويستمر الصراع

 

 

 ذكرى الخامس عشر من أيار- ويستمر الصراع

 

 

تظل القضية الفلسطينية بكل إبعادها وتعقيداتها القضية المركزية للأمة العربية مثلما يظل الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب يحظى باهتمام كل مواطن عربي شريف في المشرق والمغرب مما يجعلنا نتوقف في هذا الوقت بالذات، ذكرى زرع الاستعمار للسرطان الصهيوني فوق ارض فلسطين العربية قلب الوطن العربي في الخامس عشر من أيار عام 1948، أمام هذه القضية وتحديد معالم الصراع مع الحركة الصهيونية والقوى الاستعمارية والامبريالية الداعمة لها وذلك من اجل الإبقاء على هذا الصراع حيا في الأذهان ورفع وعي الأجيال العربية بإبعاد الصراع السياسية والمادية والاقتصادية والثقافية والحضارية والدينية والعسكرية لاستحضار متطلبات مواجهة العدو الصهيوني وذلك لان وعي الصراع بكل أبعاده وتداعياته يحدد معالم إدارته بشكل سليم وطبيعته كصراع مع مشروع استعماري توسعي إحلالي عنصري عدواني يهدف إلى تثبيت وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ومن ثم السيطرة على مقدرات الأمة والتحكم بها سياسيا واقتصاديا وثقافيا ومن خلال الصراع مع العدو يكون الصراع مع المشاريع الامبريالية وبخاصة الأمريكية منها "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الهادف إلى الإبقاء على الوطن في حالة من التجزئة التي أوجدتها اتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية البريطانية الفرنسية في السادس عشر من أيار عام 1916، ومن خلالها يبقى العرب في حالة من الضعف والوهن والتخلف يفقدهم  قرارهم السيادي المستقل والعمل المشترك فيما بينهم ويسهل على القوى الامبريالية التحكم بثرواتهم ونهبها وبخاصة الثروة الإستراتيجية المتمثلة بالنفط. بمعنى أن الصراع مع الكيان الصهيوني صراع مع القوى الامبريالية والاستعمارية التي أوجدته وأمدته بكل أسباب الاستمرار في الوجود، وتعتبر الأرض العنصر الأساسي في هذا الصراع حيث تشكل جوهره مثلما تعتبر القوة والبطش والإرهاب والقتل وارتكاب المجازر الدموية والحصار والدمار وسائل الحركة الصهيونية فيه، وقد استطاع الصهاينة باستخدام هذه الوسائل ودعم الاستعمار والامبريالية لهم تحقيق بدايات مشروعهم المتمثلة في إقامة كيانهم الغاصب فوق ارض فلسطين العربية انطلاقا من العدم الجغرافي والتاريخي والبشري والاقتصادي، حيث وفرت لهم القوى الاستعمارية العناصر اللازمة لتجاوز هذا العدم عبر تجزئة الوطن العربي وتقطيع أوصاله جغرافيا وسياسيا واقتطاع ارض فلسطينية لإقامة الكيان. بمعنى أن الكيان الصهيوني قد نشأ وترعرع في أحضان الدول الاستعمارية والامبريالية وان كنا لا نعفي أنظمة عربية من التقصير في مواجهة المشروع الصهيوني ان لم نقل التواطؤ.

وعندما نتوقف في الخامس عشر من أيار عند قيام الكيان الصهيوني فلا بد لنا وان نتوقف أمام مجريات الأحداث المتعلقة بالصراع العربي – الصهيوني ونستحضر ما يسمى بعملية "السلام" حيث نجد احداثا كثيرة قد جرت في إطار هذا الصراع في مقدمتها ما هو عسكري حيث الطابع الغالب على هذه الأحداث متمثلا بالحروب والعدوان والعنف والقتل والإرهاب وما هو سياسي حيث التوتر الناجم عن الشك العميق وعدم الثقة الذي يسود بين الأطراف التي تسعى للتفاوض تحت مظلة مشاريع التسوية سواء أكان هذا الطرف هو الطرف الصهيوني يتبع تكتيكا دائما ومعه الشريك الأمريكي صاحب هذه المشاريع أم الأطراف العربية التي راهنت على مسار التسوية ويأتي في مقدمتها السلطة الفلسطينية، سيما وان الطرف الصهيوني يقابل مشاريع التسوية بتصعيد العدوان وارتكاب المجازر والتوسع في الاستيطان واستهداف المقدسات وبخاصة المسجد الأقصى المبارك، وشاهدنا على ذلك مجريات الأحداث والعدوان الصهيوني المرتفع الوتيرة بعد اتفاق أوسلو (13 أيلول عام 1993) والعدوان على جنين ومخيمها بعد إطلاق ما يسمى بمبادرة السلام العربية (آذار عام 2002) ومن بعدها خارطة الطريق ومؤتمر أنا بولس وما شهدته المنطقة من عدوان (حرب تموز، 2006) على لبنان والحرب العدوانية على قطاع غزة (كانون الأول عام 2008) وعدوان صهيوني أمريكي استعماري بأدوات من أنظمة إقليمية وعربية يستهدف سورية المقاومة، سورية الدولة، سورية الأرض والشعب والمقدرات، سورية الموقف المتمثل بمواجهة العدوان الصهيوني والمشاريع الامبريالية. وتهديدات لإيران الإسلامية التي تدعم المقاومة بكل أشكال الدعم.

مثلما نتوقف عند مجريات الأحداث الجارية هذه الأيام حيث تقوم الإدارة الأمريكية بتحرك مكثف لجر السلطة الفلسطينية بتغطية من أنظمة عربية إلى مفاوضات مباشرة لمصلحة الصهاينة حيث يطرح الاعتراف بيهودية الدولة "ما يعني طرد أكثر من مليون وثلاثماية ألف مواطن فلسطيني وتعلن بكل صفاقة اعتبار مدينة القدس العربية عاصمة موحدة للكيان الصهيوني تبقى ذكرى الخامس عشر من أيار حية في الأذهان على طريق تحرير الأرض واستعادة الحقوق.

 

فـــــؤاد دبــــور

30/4/2014

 

 

صفحة جاهزة للطباعة   |    أرسال لصديق