الإدارات الامريكية والدم الاوكراني

 

تدفع إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن نحو احداث صراع دموي في أوكرانيا، داخليا، نحو حرب أهلية بين أبناء الشعب الاوكراني وخارجيا مع روسيا الاتحادية. مدعومة من الكيان الصهيوني ودول أوروبية، وقد تتطور احداث الصراع لتتسع أيضا بقيام دول مقاومة للسياسات الامريكية – الصهيونية الغربية، الصين، إيران، ومحور المقاومة بالمشاركة في المواجهة ان حصلت.

وتحاول الجهات الغربية الضغط على أوكرانيا لإدخالها في حلف الناتو بحيث يصبح هذا الحلف على الحدود الروسية مما يشكل تهديدا عسكريا لأمنها الوطني وتعتبر “دوبناس” الحدودية ساحة الصراع.

للدولة الأوكرانية ذات المساحة الشاسعة موقعا جغرافيا واقتصاديا وصناعيا هاما حيث تجاور روسيا الاتحادية وبيلوروسيا وبولونيا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا والبحر الأسود ويبلغ عدد سكانها أكثر من (50) مليونا. وقد أصبحت عضوا بارزا في منظومة الاتحاد السوفياتي بعد الثورة البلشفية تحت اسم جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية وضمت قسما من بولونيا (القسم الغربي) بعد سلخه بالقوة عام 1941 مثلما تم إلحاق شبه جزيرة القرم ذات الأهمية الجغرافية الخاصة حيث تقع على البحر الأسود المنفذ البحري الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط وتم هذا الضم بقرار من القيادة الروسية عام 1954 وذلك نظرا لأهمية هذا البلد الذي حولته القيادات الروسية السوفياتية إلى بلد صناعي متطور بحيث أصبح البلد الثاني بعد روسيا في منظومة دول الاتحاد السوفياتي مما جعله يتعافى من الدمار الكبير الذي لحق به جراء الحرب العالمية الثانية وساعد الروس في تطوير الزراعة فيها وتم تزويدها بالطاقة اللازمة كالنفط والغاز من روسيا لتصبح فعليا تنتج صناعات مدنية وعسكرية، مثلما أصبحت ممرا لانابيب النفط والغاز المصدر من روسيا إلى دول أوروبية غربية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي اعلنت القيادات البوارجوزية الرأسمالية المتنفذة استقلالها وانتهجت سياسة التبعية للغرب حيث أوصلت هذه السياسة البلد إلى حالة من التراجع الاقتصادي والتجاري والاجتماعي . هذا، وقبل سنوات أوجدت الامبريالية الغربية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاستعمار الأوروبي أزمة خطيرة في هذا البلد تستهدف من خلالها وعبرها روسيا الاتحادية في توقيت لافت حيث الأحداث في المنطقة المسماة بالشرق الأوسط بعامة وسورية بشكل خاص وان  كانت هذه الأزمة ليست الأولى في مسيرة الدولة الأوكرانية حيث حصلت أزمات كان أوضحها أزمة عام 2005م وقد حركت هذه الدول زمراً مختلفة من التيارات المسماة بالقومية وكذلك البرجوازية الأوكرانية ومنظمات  يهودية تتحكم بمؤسسات مالية وإعلامية موالية للكيان الصهيوني ومدعومة من الموساد وشاهدنا دور اليهودي “اوليفار” القادم من الكيان الصهيوني حيث قام بدفع الأموال للمتمردين الذين أسهموا في الانقلاب على النظام الشرعي القائم وكذلك ظهور اليهودي الفرنسي “هنري ليفي” خطيبا في ساحات العاصمة. “كييف”. هذا اليهودي الذي لعب دورا هاما في مجريات الأحداث التي طالت أقطار عربية شهدت صراعات داخلية تصب في مصلحة الكيان الصهيوني.

وقد مثل هذا التحرك والتمرد والانقلاب عدوانا سافرا على روسيا في أهم البلدان المجاورة لها والتي تمثل منفذها إلى العديد من دول العالم وتقيم معها علاقات اقتصادية وتجارية وجاء هذا التمرد تحت غطاء أمريكي أوروبي وبخديعة سياسية ارتكبتها هذه الأطراف التي وقعت ممثلة بوزراء خارجية العديد منها اتفاقا مع الرئيس الأوكراني من ابرز ما جاء فيه إجراء انتخابات رئاسية في البلد ولكن وبعد اقل من 24 ساعة ثم الانقلاب على الرئيس وعزله، لا يفوتنا أن نؤكد وفقا للمعلومات المتسربة من أوكرانيا على مشاركة عدد كبير من الإرهابيين الذين شاركوا في القتال والأعمال الإرهابية في سورية وبخاصة من الشيشان والمرتزقة. كما أن الإعلام المرتبط بالصهاينة والغرب قد مارس نفس الدور الذي مارسه إعلام أنظمة عربية واستعمارية من تشويه للحقائق في سورية.

نستطيع القول بأن شبه جزيرة القرم التي كانت روسية في الأساس وسكانها بمعظمهم من الروس ومن الناطقين باللغة الروسية قد انحازوا إلى روسيا التي استطاعت أن تحفظ الأمن في هذه المقاطعة الهامة وتسودها الآن حالة من الاستقرار وتم ذلك رغم كل الضغوطات التي مورست على القيادة الروسية بقيادة “فلاديمير بوتين” الرجل القائد الذي عمل على إعادة هيبة الدولة الروسية بعد فقدانها في أوائل التسعينات من القرن الماضي أعاد الهيبة داخليا وخارجيا مستندا إلى استثمار حقيقي لما تملكه روسيا من صناعات متطورة عسكرية ومدنية والى مصادر الطاقة من النفط والغاز والقدرة العسكرية وامتيازه بالقدرة على اتخاذ القرار دون تردد وهذا ما شاهدناه بشكل أساسي في مواقفه من الأزمة الأوكرانية حيث اتخذ القرارات والسياسات الضرورية للدفاع عن مصالح روسيا الحيوية وبخاصة في شبه جزيرة القرم وفي شرق أوكرانيا، وهو يعمل وبنجاح في منع ذهاب أوكرانيا جزئيا “غرب أوكرانيا” أو كليا باتجاه الغرب مما يعني تهديد حقيقي لروسيا الاتحادية . ونحن على قناعة تامة بأن روسيا الاتحادية ستواجه الأزمة المتجددة أقوى واشد بأسا ولن تتأثر بل ستؤثر فيما إذا نفذت إدارة الرئيس بايدن ومعها التابعيين من الدول الأوروبية التهديد بالحصار الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري على روسيا وتستطيع روسيا القيام بالرد الموجع عليهم  ولروسيا أيضا علاقات واسعة مع العديد من الدول المؤثرة اقتصاديا وسياسيا وماليا في العالم وعلى رأسها الصين وإيران ومحور المقاومة.

وتمتلك روسيا العديد من الأوراق التي تجعلها تخرج منتصرة من هذه الأزمة وتطوراتها تأتي الورقة العسكرية في النهاية وليس البداية، من هذه الأوراق.

ونختم بقول القائد الألماني بسمارك “أن القضاء على روسيا يتم فقط عبر أوكرانيا” وكان ذلك قبل عشرات السنين، نؤكد مرة أخرى وبدون الدخول بالمزيد من التفاصيل بأن الغلبة ستكون لروسيا الاتحادية والهزيمة للامبريالية الأمريكية التي هزمت في أفغانستان والعراق وفي سورية وفي العديد من بقاع العالم.

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــــــــؤاد دبـــــــــــور