يتمثل الأمن القومي العربي في قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وأرضها وحقوقها وثرواتها وصيانة استقلالها وسيادتها وامتلاكها لقرارها السيادي المستقل، مثلما يتمثل أيضا في تنمية قدراتها في مختلف المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والحفاظ على الأمن الوطني لكل قطر عربي، حيث يقوم كل قطر عربي ببناء قدراته اللازمة لصيانة أمنه بإمكاناته الذاتية أو بالتعاون مع أقطار الوطن العربي الأخرى لان الأمن الوطني يتكامل مع الأمن القومي ويتم ذلك عبر التنسيق والتماسك والتوحد وبناء القدرات الضرورية واللازمة للدفاع عن الوطن والأمة، في مواجهة الأعداء الذين يستهدفون أمنها وأرضها وثرواتها وسيادتها واستقلالها ويأتي في المقدمة من هؤلاء الأعداء كل من الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب لأراض عربية في فلسطين وسورية ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية التي تستهدف الأمة العربية لتحقيق أهدافها في الاستيلاء على ثرواتها بعامة والثروة النفطية والهيمنة على قرارها السياسي بشكل خاص وكذلك حماية امن الكيان الصهيوني وإمداده بكل أنواع واشكال الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي.
ومن اجل تحقيق هذه الأهداف وغيرها أقامت الولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية لها في العديد من أقطار الوطن العربي وبخاصة تلك التي في باطن أرضها الثروة النفطية مثلما دفعت بأساطيلها البحرية في مياه هذه المنطقة وكذلك في البحر الأبيض المتوسط لحماية مصالحها وتوفير الحماية لأمن الكيان الصهيوني، مما يجعل لهذا التواجد العسكري الأمريكي تأثيرات سلبية وخطيرة على الأمن القومي العربي سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة خاصة في حال نشوب صراع بين دول المنطقة أو مع قوى دولية أخرى تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية تشكل تهديدا لمصالحها، حيث يتم استخدام ارض القطر العربي في هذا الصراع وتوريطه فيه وتعريض أمنه إلى مخاطر كبيرة لا مصلحة له فيها ويلحق هذا التوريط تأثيرات كبيرة على علاقة القطر العربي المعني مع الدول الأخرى مثلما يتأثر اقتصاديا وأمنيا وسياسيا إضافة إلى استنزاف طاقاته وموارده خاصة عندما يتحمل تبعات هذا الصراع ماليا.
كما يلقي التواجد العسكري والنفوذ الأمريكي السياسي والاقتصادي بظلال سوداء على الأقطار العربية حيث عملت وتعمل الإدارات الأمريكية على خلق صراعات داخل القطر العربي مثلما استخدمت وتستخدم قواعدها العسكرية لمواجهة أقطار عربية تستهدفها بسياساتها وأمنها مثلما حصل غزو العراق (آذار عام 2003م)، ومثلما يحصل الآن في استهداف الدولة السورية وكذلك مثلما حصل عام 2006م عندما شن العدو الصهيوني وبدفع أمريكي حربا على لبنان حيث استخدمت قوات برية وجوية من أراض عربية وتم تزويد الجيش الصهيوني بما يحتاجه من الذخائر في عدوان لبنان وكذلك العدوان الصهيوني المتكرر على غزة.
وفيما يتعلق بسورية فالدعم الأمريكي في التدريب والتسليح للإرهابيين الذين استهدفوا ويستهدفون سورية قبل أكثر من عشرة سنوات يتم من خلال التواجد العسكري الأمريكي فوق الأرض السورية من “التنف” على الحدود العراقية الأردنية السورية حتى شرق الفرات حيث نهب الثروة النفطية والزراعية السورية أو النفوذ الأمريكي حيث الدعم بمليارات الدولارات للعصابات الإرهابية التي تستهدف الدولة السورية لصالح العدو الصهيوني والمشاريع الأمريكية في المنطقة. مثلما تستهدف وحدة الأرض السورية بدعمها لمنظمة إرهابية كردية منشقة “قسد”.
كما يؤثر التواجد الأمريكي العسكري في أقطار عربية على المشروع النهضوي العربي والحيلولة دون توجه العرب نحو بناء موقفهم القومي الواحد للحفاظ على مصالحهم الوطنية والقومية ومواجهة الأعداء الذين يهددون أمنهم وأرضهم وثرواتهم.
ولا يمكن ان نتجاوز تأثيرات الوجود والنفوذ العسكري الأمريكي فيما يتعلق بالقضية المركزية للأمة العربية، قضية فلسطين وشعبها.
بمعنى ان الوطن العربي والأمة العربية قد عانت ، ولا تزال، من الوجود العسكري الأجنبي بعامة والأمريكي بشكل خاص ودفعت، ولا تزال، أثمانا باهظة بسبب هذا التواجد بشرية ومادية واقتصادية، ولحقت بها أفدح الخسائر والأضرار ولن يتحقق للعرب الأمن والاستقرار والقوة والقدرة على التحكم بثرواتهم واستعادة أرضهم المسلوبة، والحفاظ على أمنهم وسيادتهم ما دام الوجود الأمريكي العسكري وكذلك النفوذ السياسي والاقتصادي يحتل ويتسلط على ارض عربية وعليه فإن من الضرورات الحتمية العمل على إزالة هذا الوجود والنفوذ ومواجهة أخطاره وتداعياته على الأمة العربية، ويتم ذلك عبر بناء الموقف العربي الواحد ودعم محور المقاومة وتعبئة الطاقات والقدرات العربية وتوظيفها في الدفاع عن امن الأمة وحماية مصالحها.
الأميــن العـم لحزب البعث العربي التقدمي
فــــــــــؤاد دبــــــــور