سورية العربية وهي تواجه العدوان والمحن

كانت سورية، ولا تزال بشعبها وقيادتها، دولة عربية معنية بالدفاع عن حاضر العرب ومستقبلهم بجدارة واقتدار رغم الثمن الباهظ الذي دفعته، وما زالت، تدفعه من دماء أبناء شعبها واقتصادها ولم تكن هذه الهجمة وليدة اللحظة بل هي امتداد لهجمات بدأت منذ عشرات السنين حيث اتسمت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بالتوتر بسبب مواقفها المتباينة مع النهج السياسي الأمريكي تجاه العرب الذي يصب في مصلحة الكيان الصهيوني سيما وان سورية قد رفضت التنازل عن أرضها المحتلة في الجولان العربي السوري اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م وسيبقى هذا الجزء الغالي جزءاً من الوطن السوري، مثلما رفضت كل مشاريع التسوية الأمريكية للصراع العربي- الصهيوني التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب العربي الفلسطيني، مثلما أن التوتر قائم مع الولايات المتحدة لأسباب سياسية أخرى يأتي في مقدمتها دعم سورية للمقاومة في فلسطين ولبنان، وكذلك بسبب علاقاتها الإستراتيجية مع إيران الداعمة أيضا للمقاومة والرافضة للسياسات والمشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة.

هذه المواقف الوطنية والقومية الثابتة وضعت سورية في دائرة استهداف القوى المعادية امنيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا عبر تسليح مجموعات إرهابية مارست كل أنواع القتل والإجرام والتدمير للمؤسسات الوطنية وممتلكات المواطنين. لكن سورية تواجه هذه الهجمات بقوة وإرادة وعزم وهي تدرك أن اختيارها لنهج سياسة المقاومة والدفاع عن حرية شعبها واستقلالها وعن حرية العرب حملها ويحملها الكثير من الأعباء مما يجعلنا نؤكد على واجب كل عربي شريف ومخلص لقضايا أمته أن يقف إلى جانب سورية بكل ما يستطيع وبخاصة تعرية الهجمة الإعلامية الكاذبة والمضللة وتوعية أولئك الذين يعرضون سورية لخطر التدخلات الأجنبية من اجل حفنة دولارات محرمة أو استنادا إلى أحقاد سوداء. وجاءت قمة هذه الأحقاد في الحصار الظالم الأخير عبر ما يسمى بقانون قيصر.

وعندما نطالب العرب الشرفاء بالوقوف مع سورية في مواجهة العدوان وكارثة الزلزال المدمرة المؤلمة ورفع الحصار الظالم، ذلك لأننا نعرف تماما بأنها تشكل قاعدة للصمود والحلقة الأقوى المستعصية على الأعداء الذين يبذلون جهودا جبارة لكسر صمودها حتى يتسنى لهم احكام السيطرة على المنطقة وتمرير مشاريعهم الهادفة إلى تجزئة الأمة وإضعافها ليسهل عليهم مصادرة ثرواتها من جهة ولتوفير الأمن والحماية والديمومة للكيان الصهيوني الغاصب من جهة أخرى.

إننا نؤكد بأن سورية العربية في هذا الوقت بالذات تواجه الأعداء ومشاريعهم، مثلما تواجه نتائج الزلزال وتداعياته على الارض وعلى ابناء الشعب العربي السوري ويتم ذلك عبر التحرر من النفوذ الاستعماري والذي يتطلب التوجه نحو العمل العربي المشترك لخدمة الأهداف النضالية للأمة العربية في المرحلة الراهنة التي تعيشها أقطار امتنا العربية والتي تتطلب وعي ابعاد وأخطار المخططات الاستعمارية والصهيونية وهذا الوعي يتطلب وضع الخطط والمشاريع لنهوض عربي قائم على ترسيخ المفهوم القومي كرابط حقيقي بين أبناء الأمة العربية وإعطاء الجماهير المؤمنة بعروبتها وقوميتها المجال لان تكون أداة حقيقية للانتقال بالأمة نحو الغد الأفضل غد التحرر والوحدة والتقدم والتطور والنمو، غد الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة، غد القوة واستعادة القرار الوطني والقومي المستقل، غد تحرير الأرض والإنسان العربي، غد يرتبط بالتطور العلمي والحداثة ومواكبة ركب الحضارة والتكنولوجيا، غد الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والتضامن وتضافر الجهود لمواجهة المحن عدوانية كانت ام طبيعية.

ونعود هنا، لنؤكد على أن المعركة الدائرة الآن في سورية والعديد من أقطار الوطن العربي هي معركة وجود ومصير، كما نؤكد على أن المشاريع التي تهدف إلى تفتيت أقطار الوطن العربي الذي سبق وجرت تجزئته حقيقة قائمة يسعى أعداء الأمة إلى انجازها بمعنى انها ليست من باب المؤامرة الموهومة كما يدعي البعض. نعم، تستطيع امتنا العربية بما تملك من مقدرات ومقومات تجاوز المحن والصعاب وهذا أكده لنا تاريخنا عبر العصور، وستبقى سورية بشعبها وقيادتها ووحدتها الوطنية قلعة الصمود والصخرة الصلبة تتكسر عليها مؤامرات الأعداء.

 

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــؤاد دبــــــور