القدس، مدينة عربية المنشأ والطابع والهوية منذ فجر التاريخ، ثم أصبحت عربية إسلامية منذ البيعة العمرية عام 637م، وهي رمز حضاري وديني مقدس عند المسلمين والمسيحيين حيث المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومكان نهاية إسراء الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وانطلاق معراجه إلى السماء، مثلما توجد فيها كنيسة القيامة المقدسة، هذه حقائق تاريخية مجسدة على ارض الواقع تدحض مزاعم اليهود والصهاينة وتوراتهم المزيفة.
جاءت التحركات الصهيونية التلمودية التي تشهدها مدينة القدس العربية هذه الأيام والتي استهدفت وتستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، حيث اقدم بن غفير على تدنيسها وهو عضو في وزارة نتنياهو الجديدة، وكان قد دنسها مرات، ومرات وهو عضو في الكنيست الصهيوني مثلما قاد هذا النجس حملات ترحيل المواطنين العرب الفلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح المقدسي. واقدمت حكومات العدو الصهيوني على هدم المنازل وتهجير المواطنين الفلسطينيين من المدينة المقدسة واقامة المستعمرات الاستيطانية التي تحيط بها وكذلك المستعمرات الاستيطانية المنتشرة في مساحات واسعة من الضفة الغربية وتلك التي تخطط حكومة الإرهابي نتنياهو على أقامتها لاستكمال تهويدها.
ان ما تسعى اليه حكومات العدو الصهيوني وبدعم من الادارات الامريكية لإنجازه في تهويد القدس، في ظل ما يجري في سورية من أحداث وبعد أن أقدمت “جامعة الدول العربية” على تجميد عضوية سورية، مما يعني تفريط بعض الأنظمة العربية بالمدينة المقدسة. وبخاصة تلك التي طبعت مع الكيان الصهيوني تحت مسمى (ابراهام) وليس ابراهيم.
وان ما تعرضت وتتعرض له مدينة القدس من إجراءات صهيونية هو صراع ديني ويشكل جزءا من عملية إبادة للسكان العرب حيث ترتكب المجازر والمذابح ويتم التهجير القسري والاعتداء على المقدسات والتراث الحضاري والديني، وإذا كانت قضية الصراع حول مدينة القدس مع الصهاينة يشكل محورا ومرتكزا أساسيا لدى شعب فلسطين الذي انتفض من اجل القدس وقاوم وضحى، ولا يزال، فإن قضية القدس تتجاوز كونها قضية فلسطينية، لأنها في حقيقة الأمر قضية عربية إسلامية ومسيحية وهي من حيث جوهرها تشكل سببا هاما من أسباب الصراع الرئيسية على المستويات السياسية والحضارية والتاريخية والدينية والاجتماعية.
القدس مدينة عربية وإسلامية مما يجعلنا نؤكد على مسؤولية كافة العرب والمسلمين في شتى أنحاء الأرض مما يحتم عليهم الحفاظ على هويتها العربية والإسلامية وشرعيتها التاريخية وعدم التخلي عنها مهما بلغت التضحيات خاصة وإنها حاضنة لمقدساتهم، ويجب عدم تحميل الفلسطينيين فقط مسؤولية الدفاع عن القدس والمقدسات حيث يؤدون واجبهم الوطني والقومي والديني.
نعم تتعرض القدس هذه الأيام لأفدح الأخطار فهل يتجه العرب والمسلمون باتجاه القدس لوقف العدوان الصهيوني عليها وعلى مقدساتها وخاصة المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة؟ وتحريرها بالقوة والقوة فقط، نعم لا تعود المدينة المقدسة إلى أهلها وأصحابها الشرعيين إلا بالدم.
ولا بد من الإشارة إلى محاولة مستميتة من قبل البعض من اجل نقل مسؤولية الحفاظ على الأماكن المقدسة بدلا من الأردن وعندها سيصبح مباحا للصهاينة أن يفعلوا بالقدس ما يشاؤون لان علاقة هؤلاء بالصهاينة واستعدادهم للسير على طريق التنازل والاستسلام معروفة وهو ما يشكل اشد الأخطار على مدينة القدس والأماكن المقدسة فيها.
وستكون القدس النار التي تحرق الصهاينة وانصارهم.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فـــــــؤاد دبـــــــــــــور