تعرف الدولة بأنها ارض وشعب وسيادة، وتضم مؤسسات وأجهزة متنوعة تمارس السلطة وفقا للدستور لإدارة شؤون الدولة بموجبه، والأحزاب السياسية في الدولة هي مؤسسة هامة حيث تشكل ركيزة أساسية من ركائز الحياة الديمقراطية فيها وترتبط عملية نشوء الاحزاب السياسية ارتباطا مباشرا بعمليات التنمية والتحديث السياسي لأنها تقوم بأدوار مثل عمليات التنظيم والتعبئة والتحريك وتسهم في خلق وعي سياسي مما يجعلها من مؤسسات بناء الدولة المدنية الحديثة وتصبح حرة وفقا للقانون في نشاطها وتأتي علاقتها وتعاونها مع الدولة في هذا السياق مما يجعلها تشارك فعليا في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما ان الأحزاب أداة تنظيمية تنظم العلاقة بين الفرد والمجتمع بكل مكوناته ومؤسساته التي هي مؤسسات الدولة والأصل ان يشارك الحزب او يساهم في انتخاب هذه المؤسسات وبخاصة المؤسسة الأهم، اعني المؤسسة التشريعية مما يجعلها قادرة على التأثير في رسم السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في الدولة استنادا إلى القوانين الناظمة للحياة الديمقراطية مثلما تتعاطى مع القوانين والقرارات سلبا او إيجابا والمعيار مصلحة الشعب والوطن، بمعنى ان دعم القرارات الصادرة من مؤسسات الحكم أو معارضتها بالطرق السلمية.
فالأحزاب إذن تقوم بدورها في إطار الدولة ومؤسساتها عبر قيامها بواجبها المنوط بها مثلما تسهم أيضا عبر قيامها بتأهيل كوادرها التي تتواصل مع جماهير الشعب لايصال أفكار ومبادئ الحزب وبرامجه لكسب أوسع قطاع ممكن من هذه الجماهير لتشكل رافعة يستطيع الحزب من خلالها الوصول الى السلطة الأهم وهي التشريعية (البرلمان) باعتبار الوصول الى السلطة من ابرز أهداف أي حزب سياسي وهذا يتطلب وجود قوانين ديمقراطية تمهد له طريق الوصول وفي المقدمة منها قانون أحزاب يسمح ويشجع المواطنين على الانتماء الى الاحزاب دون ان يترتب على هذا الانتماء أية مسؤولية او انتقاص من حقوقه المدنية وقانون انتخاب برلماني ديمقراطي أيضا يتيح لمنتسبي الأحزاب والمواطنين الداعمين لها الانتخاب بحرية تامة وفقا لقناعاته.
وما دمنا نتحدث عن طموح الحزب بالوصول الى السلطة لا بد وان نشير إلى ان الحزب الذي يصل الى السلطة ليس من حقه بالمطلق ان يصادر حقوق الآخرين بل يطبق الديمقراطية ويحترم الحريات والرأي الأخر وإلا أصبح حزبا غير دستوري وغير قانوني وأحزابنا في الأردن تعمل ومنذ أيلول عام 1992 وفقا لأحكام قانون احزاب وان تبدل أكثر من مرة وهناك هذه الأيام مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية ما زال قيد النقاش. لكن لو توقفنا عند بعض بنود هذا المشروع، نجد تدخل السلطة التنفيذية واضحا وبشكل يؤثر حتى على الحياة الداخلية للأحزاب السياسية ونظامها الأساسي. وخضوع التعديلات في هذا النظام لموافقة الجهات الرسمية المعنية مما يشكل انتهاكا لاستقلالية عمل الأحزاب. مثلما زخر المشروع العديد من المواد التي تنص على العقوبات التي تطال الاحزاب.
يتوجب على الحكومات ان لا تقدم على تجريد الاحزاب السياسية من دورها الوطني ووضع العراقيل أمام مشاركتها في الحياة السياسية بل التوجه لإشراك الاحزاب في التشاور واخذ الرأي في اتخاذ القرارات والتشريعات التي تؤثر في حياة المواطنين. وللدلالة على احترام الحكومات للأحزاب التي تعمل وفق القوانين والأنظمة المرعية يتوجب وقف ملاحقتها وعدم التطاول عليها والتدخل في شؤونها الداخلية وحتى تستقيم العلاقة مع النظام السياسي والتعاون المطلوب فمن الضروري تغيير أسلوب خطاب الحكومات وممارساتها تجاه الاحزاب بعامة وأحزاب المعارضة بخاصة.
الامين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فـــــــــــــؤاد دبــــــــــور