لقد وضع النظام السياسي العديد من القيود والضوابط على الاحزاب السياسية مما جعلها غير قادرة على العمل بحرية مما جعل إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات الرسمية للدولة أكثر صعوبة رغم ان الاحزاب أسهمت وتسهم، في تقديم الرؤى التي تسهم في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي وإخراج قوانين ديمقراطية. حيث ان هذه القوانين ترتبط الى حد بعيد بعملية التعاون بين الاحزاب السياسية والحكومات الأردنية فعندما تقدم الحكومات على إنتاج قانون ديمقراطي للأحزاب وأخر للانتخابات يعتمد القوائم الحزبية والتمثيل النسبي بالإضافة الى إزالة العقبات التي تعترض عمل الاحزاب السياسية باعتبارها مؤسسات وطنية تعمل لصالح المواطن والوطن مع علاقات تبادل بين الحكومات والأحزاب يؤدي إلى التعاون مع الدولة.
بمعنى المطلوب انتهاج الحكومات لمسار ايجابي تجاه الاحزاب مما يتيح للحياة الحزبية تقدما وتطورا وان كان هذا أيضا يرتبط بإزالة المشكلات الأخرى التي تعاني منها الاحزاب السياسية ويأتي في المقدمة منها مشكلة التمويل حيث ان التمويل القائم حاليا لا يساعد الاحزاب على القيام بدورها في خدمة.
ونؤكد على ان السلطة التشريعية التي يختار فيها الشعب نواباً يمثلونه وفقاً لقانون ديمقراطي. وهنا تظهر أهمية الاحزاب ومشاركتها في هذه المؤسسة كونها تمثل شريحة واسعة من الشعب. كما نؤكد أيضا على أهمية قيام الاحزاب بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها من مكونات الدولة وتأتي النقابات المهنية والعمالية التي تضم في عضويتها عشرات الآلاف ان لم نقل المئات ومن ضمن أعضائها أعضاء في الاحزاب السياسية تقوم بدور ناشط في إنجاحها في القيام بمهامها الخاصة بخدمة المنتسبين إليها مثلما تقوم في الوقت نفسه بخدمة الشعب فهي من الشعب واليه.
نعود للتأكيد على ان علاقة التعاون ما بين الاحزاب والدولة يتم في ظل الحياة الديمقراطية والتي ما زالت غير مكتملة تماما وخاصة بالنسبة للأحزاب ودورها في المسيرة السياسية والاقتصادية وتشريع القوانين حيث لا يؤخذ برأي الاحزاب في هذه القوانين رغم ان الأحزاب تقدم للحكومات وجهات نظر مكتوبة تتعلق بهذه القوانين وغيرها من القضايا الكبرى التي تهم المواطن والوطن وما زالت الاحزاب السياسية في دائرة الشك والتشكيك حيث تتداول أوساط سياسية وإعلامية تؤثر على قناعة المواطنين بالانخراط في الاحزاب ولنا في السؤال الذي كثيرا ما يطرح ماذا فعلت الاحزاب؟ ولكن لا يتم السؤال ماذا تستطيع ان تفعل الاحزاب وتقدم في ظل عملية التضييق والحصار والتدخل في شؤونها الداخلية ووضع القيود على عملها ونشاطاتها؟ فالأحزاب تواجه العديد من المشكلات فهي كما أسلفت تعاني الشح المالي الذي يحول بينها وبين توسيع القاعدة الحزبية المنظمة والانتشار بين أوساط الشعب والتواصل معه عبر تمويل النفقات الضرورية لدعم النشاط الحزبي ذلك لان الاعتماد على الدعم المالي المقدم من الدولة غير كاف واشتراكات الأعضاء متواضعة، وهذا يجعل الأحزاب لا تمتلك المقرات اللازمة للاجتماعات الموسعة وعقد المؤتمرات الدورية. مثلما لا تستطيع المشاركة في الانتخابات البرلمانية لانها لا تملك المال وان امتلكت القليل الذي لا يغطي نفقات الحملات الانتخابية.
كما انها تواجه أيضا مشكلات لها صلة أساسية في العلاقة والتعاون مع السلطة التنفيذية التي تتصرف بما يجعل المواطن يبتعد عن الانخراط بالأحزاب السياسية خوفا من تداعيات هذا الانخراط على مسار حياته وتتم هذه التصرفات مع الاحزاب رغم انها تعمل في ظل القانون.
اما فيما يتعلق بالأحزاب نفسها فالمطلوب تطوير برامجها وخطابها السياسي وإرساء هيكل ديمقراطي داخل الحزب وان تعمل على تحسين صورتها عند المواطنين عبر المزيد من التفاعل معهم وشرح مضامين أفكارها وبرامجها وتوجهاتها السياسية وتأكيدها على انها إنما تعمل من اجل خدمة المجتمع والوطن.
هناك مشكلات نظرية وعملية تواجه الأحزاب وتؤثر في النظرة إلى الأحزاب ولا سيما المعارضة منها، وتقصد بها عدم التمييز الواضح بين السلطة التنفيذية وبين النظام السياسي، حيث ما زالت النظرة العامة إلى ان معارضة الأحزاب للحكومة تعني في الوقت نفسه معارضتها للنظام السياسي، فالأحزاب التي تعمل وفق قانون قد حسمت قبولها بالنظام السياسي وتعمل بالوسائل الدستورية والديمقراطية السلمية، ومع ذلك فإن السلطة التنفيذية والأحزاب مدعوة لتوضيح الحدود الفارقة بين معارضة الحكومة ومعارضة النظام لكي يدرك المواطن بأن معارضة الحكومات لا تعني مناهضة نظام الحكم السياسي بمعنى ان الحكومات والأحزاب مطالبة بتعريف المواطن انها جزءاً من النظام السياسي.
كذلك لا بد من بذل جهود من جانب مؤسسات الدولة الأخرى لإظهار احترامها للمؤسسات الحزبية وتحسين صورتها عبر وسائل الإعلام الرسمية والشروع في التعامل معها باعتبارها مؤسسات شرعية ومعبرة عن التعددية السياسية في المجتمع الأردني، مثلما هناك حاجة أيضا إلى تمكين الأحزاب من تطوير الحوار السياسي والفكري مع مؤسسات الدولة بما يعود بالفائدة على إنضاج الفكر السياسي وتحسين تقبل المواطنين للأحزاب.
على الأحزاب واجب ومهمات حتى تصبح مؤثرة تتمثل في الإسهام في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يواجهها المجتمع.
مثلما يتوجب عليها القيام بالتثقيف والتوعية السياسية وهو دور وطني وكلما توسعت القاعدة الحزبية وترسخت أفكارها ومبادئها كلما أصبحت أكثر قدرة على الإسهام في تطوير الرأي العام والاهتمام بالعمل الوطني في كل المجالات الحياتية وأصبحت أكثر عطاء وتعاونا مع مؤسسات الدولة.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فــــؤاد دبــــور