الجماهير العربية ومجابهة التطبيع

حاول العدو الصهيوني ومعه الادارات الامريكية، ولا يزال، يحاول الى جعل العلاقات العربية مع كيانه الغاصب طبيعية، حتى يستطيع من خلال ذلك تنفيذ خططه وتحقيق أهدافه في تثبيت الحق المزعوم في احتلال الأرض العربية الفلسطينية وما يحتله من ارض عربية أخرى في الجولان العربي السوري وجنوب لبنان وأهدافه الأخرى العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية لضمان هذا التثبيت. إضافة الى استقرار كيانه الغاصب ومساعدته على التوسع في المنطقة العربية المستهدفة من النيل الى الفرات والاسهام في الشراكة في ثروات الامة وبخاصة النفطية والغازية منها. ولذلك من الضرورة العمل على مجابهة ومقامة التطبيع مع هذا العدو الغاصب وعلى الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية والسياحية. ويأتي في مقدمة مجابهة العدو ومقاومة التطبيع معه منع الاعتراف بشرعية وجوده غير المشروع في ارض فلسطين العربية والجولان العربية السورية وجنوب لبنان.

وعليه فإن الواجب الوطني والقومي يحتم على الشعب العربي في كل قطر من اقطار الامة مواجهة هذا العدو بكل اشكال المقاومة وصولا لتحرير الأرض وانهاء وجوده غير الشرعي في الأرض العربية فلسطينيا وسوريا ولبنانيا.

كما من واجب كل عربي مخلص وشريف محاربة ومواجهة ومقاومة المنطلقات والسياسيات الاستسلامية والتطبيعية مع العدو الصهيوني في أي قطر عربي من اقطار الوطن وكذلك التصدي للأقلام والاعلام والسياسات الاجرامية الداعية للتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب بما تمثل اشكال التطبيع هذه من مخاطر واخطار على الامة العربية. وقد رأينا وشاهدنا ومعنا جماهير الامة العربية المخلصة مجابهة التطبيع مع العدو الصهيوني في هذه الايام عبر “مونديال” الكرة في العاصمة القطرية الدوحة كما شاهد مواقف الجماهير العربية العالم اجمع.

مع ادراكنا انه ليس من السهل التحكم بموضوع مجابهة التطبيع مع العدو الصهيوني خاصة في ظل توقيع معاهدات واتفاقيات معه فالحكومات التي وقعت مثل هذه المعاهدات وتلك التي تقيم معه علاقات مباشرة أو غير مباشرة دون التوقيع على اتفاقيات وأصحاب المصالح في القطاع الخاص التجاري والسياحي فهؤلاء جميعا يعترضون ويقاومون دعوات مقاطعة العدو الصهيوني بل يشنون حملات سياسية وإعلامية ضد منظمات مقاومة التطبيع ويروجون ويسوقون بضائع صهيونية دون النظر للمصالح العليا للأمة ودون الأخذ بعين الاعتبار طبعا بأن هذا الكيان الغاصب يمثل العدو الذي يشكل خطرا كبيرا على مصالح الأمة ووجودها وكذلك دون التوقف عند قضية ارض وشعب عربي طرده من هذه الأرض.

وتأتي هذه المواجهة الجماهيرية للتطبيع مع العدو الصهيوني رغم كل الحملات وكثافتها واتساعها ودعمها ماديا وإعلاميا من العدو الصهيوني وانصاره في الادارات الامريكية والدول الاستعمارية والانظمة العربية المطبعة، وتقوم منظمات مجابهة التطبيع العربية بتحقيق انجازات مهما كانت متواضعة حيث تقوم بتعرية الجهات المطبعة وهي ترى أن هذا العدو إضافة إلى اغتصابه الأرض والحقوق يشن العدوان تلو الأخر على الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسورية وغيرها من اقطار الوطن العربي، مثلما يمارس القتل والإجرام بكل أنواعه البشعة ضد أبناء الشعب العربي في هذه الأقطار العربية، مثلما يقوم بالتدمير والخراب واستنزاف طاقات الأمة البشرية والمادية والعسكرية ويقوم بدعم الإرهاب الذي يستهدف المقاومة في سورية ولبنان والعراق ومصر، ويزداد حقد العدو الصهيوني على الشعب العربي في الأقطار العربية حيث توجد منظمات مجابهة التطبيع أو بدونها. لانها تعمل جاهدة من اجل توعية المواطن العربي وتفعيل دوره في المقاطعة.

مثلما تخدم مواجهة التطبيع ومقاطعة العدو الاقتصاد الوطني وحماية المقدرات والإنتاج الوطني من المنتوجات الصهيونية، ولنا أن نؤكد على أن مقاطعة العدو التي تأخذ مداها وفاعليتها هي مقاطعة تلحق بالعدو أضرارا وخسائر كبيرة اقتصاديا وماديا وسياسيا. مثلما تعود كما أسلفنا بالنفع على المواطن وإنتاجه ومصانعه والعمالة العاملة في مؤسسات ومعامل ومصانع الوطن وحتى تحقق المقاطعة اكبر قدر ممكن يتوجب التنسيق بين قطاعات الشعب بأحزابه وعماله والنقابات المهنية وكل المنظمات والمؤسسات الوطنية المؤمنة حقا بحماية الوطن من أطماع العدو في الأرض والمقدرات والتوسع على حساب الأمة. وبالتالي فإننا نؤكد على أن مجابهة التطبيع مع العدو ومقاطعته تمثل حركة مناهضة لمخططات ومشاريع الحركة الصهيونية التي وضعها مؤسس الحركة في مؤتمر “بازل السويسرية في 29 آب” عام 1897م والتي تهدف إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل مثلما تشكل خطوة على طريق إضعاف العدو وتحرير الأرض المغتصبة في فلسطين والجولان العربي السوري والجنوب اللبناني. وبالتالي وضع حد لمشروع الحركة الصهيونية وإنهاء وجودها طال الزمان أم قصر. فالمقاطعة سلاح فعال وقليل التكلفة إذا ما أحسن استعماله.

ومن المؤلم ان يتم فتح أبواب اقطار عربية للعدو الصهيوني والتطبيع معه اعلاميا وثقافيا واقتصاديا  وحتى امنيا وعسكريا، وتتم هذه العملية على حساب الدم الفلسطيني المسفوح بأيدي الصهاينة واداتهم الاجرامية، في ظل استهداف القدس العربية والضفة الغربية والحصار والتجويع المفروض على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة المقاوم، كما يتم أيضا في ظل قيام العدو الصهيوني في محاولات فاشلة ضد أبناء الشعب العربي السوري في الجولان المحتل الذين يرفضون بعناد ويقاومون برجولة. هذه المحاولات التي تهدف الى اخراجهم من اصولهم السورية واقدام العدو على القمع واغتيال المناضلين.

ان العدو الصهيوني عدو للأمة العربية بأكملها وليس الشعب العربي الفلسطيني الذي هو شعب عربي ويشكل جزءا أساسيا من هذه الامة يدافع عنها بالدم في مواجهة هذا العدو.

الامين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــــــــؤاد دبــــــــــــور