نستطيع ان ندين العدوان الأمريكي على الحدود السورية العراقية، لكن المهم والاهم هو ضرورة التوقف عند نهج الإدارات الامريكية تجاه المنطقة والمعايير المزدوجة في سياساتها التي تعمل على تدمير المشروع النهضوي العربي وحضارة الأمة ووحدة أقطارها، حيث يواجه الوطن العربي اختراقا أمريكيا غير مسبوق في حجمه ونوعيته وفي كل الاتجاهات والأشكال، اختراق اقتصادي سياسي، امني، إعلامي ثقافي، عسكري. بمعنى أن هناك مشاريع سياسية واقتصادية وعسكرية يتم رسمها للمنطقة تعتبر اخطر المشاريع ضد امتنا العربية لخدمة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الوطن العربي.
واستنادا إلى ذلك فإن امتنا العربية تعيش مرحلة دقيقة بالغة الخطورة والتعقيد من خلال التحديات التي تواجهها ولعل من اخطر هذه المشاريع والتحديات ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد، بابعاده السياسية والاقتصادية والثقافية، والذي يهدف إلى التسلط والهيمنة على امتنا وسلبها استقلالها وثرواتها وقراراها السيادي المستقل.
وكذلك مشروع الاسهام مع العدو الصهيوني في تهويد القدس وقد تمثل هذا الامر في قرار الرئيس الأمريكي الاسبق دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب واقدامه على نقل السفارة الامريكية الى المدينة العربية. واعتبار الجولان العربي السوري المحتل صهيوني الهوية. وزاد في دعمه للكيان الصهيوني باتخاذه قرارا بدعم سياسي وامني وعسكري لهذا الكيان. ودعم قدراته العسكرية بكل أنواع الأسلحة الامريكية الحديثة المتطورة. كما زاد الرئيس ترامب من دعمه للارهاب والعدوان على القطر العربي السوري والحدود العراقية باستخدام قوات أمريكية برية وجوية في شرق نهر الفرات وقاعدة “التنف” على الحدود العراقية السورية الأردنية وتدخله السافر في منع الدولة السورية من استعادة محافظات الجنوب من العصابات الإرهابية دعما لامن الكيان الصهيوني.
وها هو الرئيس بايدين يمارس الدور نفسه حيث شن الطيران الحربي الأمريكي الصهيوني عدوانا جويا على قاعدة عسكرية سورية والمقاومة العراقية على الحدود الشرقية قرب مدينة “البوكمال” قبل أيام قليلة.
ويعنينا التوقف عند أهم المحطات الضرورية لمواجهة هذه السياسات والمشاريع الامريكية الصهيونية وذلك من خلال:
- وعي وفهم واستيعاب طبيعة هذه المشاريع وابعادها ومخاطرها.
- الحرص الشديد على بناء الوحدة الوطنية في كل قطر عربي ومقاومة كل طرح فئوي أو عرقي أو طائفي أو مذهبي بشتى الوسائل ويأتي في المقدمة منها الفكر القومي الوحدوي.
- نشر فكر المقاومة وثقافتها وقيمها كطريق لمواجهة المشاريع واسترداد الحقوق العربية المسلوبة.
- الاعداد والاستعداد للمواجهة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والفكرية والثقافية والإعلامية (ونشدد على الإعلامية) مما للإعلام من مخاطر.
- مواجهة حالة الأمركة التي طالت العديد من الأنظمة العربية ومنظمات حزبية تدعي الإسلام وفي المقدمة منها المنظمات التكفيرية المتطرفة.
ونؤكد على مواجهة السياسات الأمريكية وابعادها وتأثيراتها على امتنا خاصة وان هذه السياسات قد أحرزت نجاحا في أنظمة عربية أصبحت تابعة في سياساتها ومواقفها لهذه السياسات وقد تمثل هذا الأمر بوضوح في تغييب الإرادة العربية الموحدة ومن ثم تهميشها وتشتيت الجهد العربي في الدفاع عن قضايا الأمة بل وصلت الأمور إلى حد قيام بعض هذه الأنظمة العربية بتعميق الخلافات العربية – العربية وممارسة أبشع أنواع التبعية عبر قبولها بأن تصبح أداة لضرب المشروع المقاوم لأعداء الأمة الصهاينة والأمريكان والاستعماريين عبر ما يسمى بالتطبيع مع العدو الصهيوني وفي مجالات متعددة.
وقد الحق هذا الدور افدح الخسائر وأشدها بالأمة العربية حيث استنزاف القوة العربية الموجهة للعدو الصهيوني واستنفاذ المال العربي والجهد والطاقة العربية لضرب العرب استنزاف طاقاتهم ومواردهم، حيث يتم إنفاق مئات المليارات من الدولارات لصالح العدو الأمريكي الصهيوني في الوقت الذي يعيش فيه الإنسان العربي واقعا اقتصاديا واجتماعيا مترديا رغم امتلاك الأمة للثروة والقوة والقدرة والاقتدار على مواجهة كل الأخطار الخارجية والقضاء على الفقر والبطالة والتخلف بمعنى أن امتنا العربية قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر سيما وانها تمتلك مقومات تؤهلها لان تصبح تكتلا سياسيا واقتصاديا وعسكرياً كبيرا وقويا يجعلها تخرج من دائرة التبعية للامبريالية والاستعمار ويعطيها القدرة على استرداد المسلوب من الأرض العربية في فلسطين وسورية (الجولان ولواء الاسكندرون) . وهذا بالطبع يتطلب اتفاق العرب ولو على الحد الأدنى من التنسيق للدفاع عن مصالح الأمة العربية، وان يعود القادة الذين ابتعدوا عن مصالح الأمة الحقيقية إلى وعيهم ونبذ الخلافات لدفع الشرور المعادية أمريكية كانت أم صهيونية أم تركية (ممثلة بحكومة اردوغان) عن سورية ولبنان والعراق وفلسطين ومصر وكل قطر عربي مستهدف من الامبريالية والصهيونية والاستعمار.
لن تتوقف الإدارات الامريكية عن مشاريعها وتطلعاتها الاستعمارية ولن تتخلى عن شراكتها الكاملة مع العدو الصهيوني ولكن علينا واجب المقاومة والمواجهة عبر الصمود. وها هي سورية الصامدة عبر عشر سنوات تواجه حربا شبه عالمية لكنها تثبت بالصمود والصبر والمقاومة، إمكانية هزيمة قوى الشر والمشروع الأمريكي – الصهيوني وأدواته التابعة في المنطقة بأسلحتهم وعصاباتهم الإرهابية. وقد نجم عن الصمود والصبر تحرير العديد من المدن والقرى والمحافظات من العصابات الإرهابية.
نلحظ الآن في الساحة الدولية أن الولايات المتحدة الأمريكية تتراجع في العالم كقطب مهيمن. ونؤكد مرة أخرى انها لن تعترف بتراجع سلطتها ولن تتخلى عن نهجها السياسي المعادي للشعوب. ونؤكد على ان المعركة الدائرة في سورية والعديد من اقطار الوطن العربي هي معركة وجود ومصير لكن نؤكد أيضا على ان سورية بشعبها وقيادتها ووحدتها الوطنية قلعة صمود وستبقى قائدة للنضال العربي القومي التحرري.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فـــــــــؤاد دبــــــــــور