العروبة والفكر القومي العربي

 

لأن العروبة انتماء والقومية العربية طموح وهدف يشكل رافعة أساسية للأمة من اجل استعادة وحدتها القومية وقوتها ومنعتها وقدرتها على مواجهة مشاريع ومخططات الأعداء مثلما تشكل القومية العربية القاعدة الأساسية التي من خلالها تستطيع الأمة استعادة المسلوب من أرضها وثرواتها واستقلالها وحريتها وكرامتها عبر إقامة الدولة العربية الواحدة التي هي حلم الجماهير العربية وطريقها إلى الخروج من الأزمات التي تعصف بها، وهي أيضا المادة الأساسية للفكر القومي العربي الذي يؤسس إلى تحقيق وحدة الأمة العربية وصون هويتها ويشكل الأرضية السليمة لصوغ المشروع النهضوي العربي حيث إطلاق طاقات وإمكانات الأمة وجعلها قادرة على مواجهة أعداء الأمة ودرء الأخطار المحدقة بها والتصدي لاستغلالها والهيمنة على ثرواتها وسلب قرارها السيادي، من اجل كل هذا تقوم القوى المعادية للأمة ومعها قوى أخرى داخلية بشن حملة عدائية ظالمة ضد الفكر القومي العربي متجاهلة مشاريع الاستعمار لتجزئة الأمة وتحويلها إلى كيانات هزيلة غير قادرة على القيام بالمهام الوطنية والقومية التي تخدم مصالح الأمة العربية وبخاصة الوقوف أمام التحديات والأخطار التي تستهدف الأمة مثلما تستهدف هذه الهجمة أيضا الإجهاز على الوعي القومي المترسخ في أذهان ووجدان القطاع الأوسع والأكبر من جماهير امتنا العربية ذلك لأنه أيضا فكر التوحيد والتنوير والخلاص وعليه فأعداء الأمة يسعون إلى منعه من الاتساع والانتشار لأنه عندما ينتشر يستوعب جماهير الأمة العربية بطوائفها ومذاهبها وتنوعاتها الاجتماعية والدينية والثقافية، وعليه نرى ونشاهد الحملة المحمومة لإسقاط القومية العربية والفكر القومي العربي وقاعدته الأساسية المتمثلة بالقطر العربي السوري كونه الحصن الأهم الذي يواجه استهدافات الأمة العربية وكونه منارة وقاعدة إشعاع ونشر الفكر العربي. ولذلك أقدمت الجهات المعادية على حربها العدوانية الكونية ضد هذا القطر وقيادته المتمسكة بالفكر القومي العربي.

نؤكد على دور الأحزاب التي تعتمد الفكر القومي والقومية والعربية والوحدة العربية وتتمسك بها بالعقيدة والمبادئ التي من شأنها إخراج الأمة من حالة التشرذم والتجزئة والتبعية لبعض من أنظمتها إلى حالة القوة والمنعة والقدرة على بناء الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية القائمة على الوحدة الوطنية كقاعدة أساسية لكل هذه الأهداف.

هذا إلى جانب انتهاج هذه الأحزاب البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية كطريق تسير عليه، إضافة إلى المبادئ القومية كمنطلقات أساسية لها، فالأحزاب القومية في الفكر والعقيدة تعتمد تشخيص الواقع العربي المجزأ والمتخلف مما يتطلب ضرورة التغيير إلى واقع الوحدة بدلا من التجزئة والتقدم والتطور بدلا من التخلف والاستقلال في القرار السياسي السيادي بدلا من التبعية.

كما تعتمد التلازم بين المسألة الاجتماعية والاقتصادية والحرية والوحدة مثلما يقوم الفكر القومي العربي أيضا على المفهوم العميق والسليم للمواطنة والعدالة والمساواة بين المواطنين كافة.

أي ان الفكر القومي العربي يستند إلى الديمقراطية الحقة باعتبارها عنصرا أساسيا للنهوض العربي ومن خلالها يكفل للمواطنين حقهم بالحرية والحياة الكريمة.

ندرك الصعوبات القائمة التي تعترض طريق تحقيق وحدة الأمة في ظل الصراع القائم مع العدو الصهيوني والامبريالية والاستعمار وخروج أنظمة عربية بعيداً عن هذا الصراع. حيث عملت الجهات المعادية وتعمل على خلق نزاعات داخلية على أسس عرقية وطائفية ومذهبية ودينية مما يؤثر سلبا على النضال الوحدوي كما يؤثر أيضا على الإيمان عند البعض بالعروبة والهوية القومية العربية.

ومن المؤلم ان نقول بأن هناك من يضع العراقيل امام الأحزاب القومية التي حملت ولا تزال تحمل شعلة القومية والوحدة العربية متجاهلة عن قصد وسبق الإصرار كل المجريات والعناصر المؤثرة في دورها ونؤكد لهم بأننا نتمسك بمبادئنا وتاريخنا ولن تحول عراقيلهم دون مسيرتنا النضالية ونشر الفكر القومي العربي.

رغم ذلك ندرك ضرورة النضال الوحدوي ومقاومة العوامل السلبية  التي تحول دون استنهاض الأمة وحشد طاقاتها لمواجهة مشاريع أعداء الأمة وسياساتهم ومخططاتهم التي تستهدفها في استقلالها ووحدتها وثرواتها ويتطلب هذا النضال الإرادة الجماعية لجماهير الأمة المؤمنة بأمتها وعروبتها من اجل الخلاص من الواقع المرير السائد في وطننا العربي عبر تحقيق أهداف الأمة العربية في وحدتها وقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية بما يحفظ استقلالها وثرواتها وحريتها وكرامتها واسترداد المسلوب من ارضها والحفاظ على استقلالها وسيادتها وثرواتها وقرارها السيادي.

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــؤاد دبــــــور