اضحى المشروع النهضوي العربي ضرورة للتقدم الملموس سواء على مستوى كل قطر عربي على حدة، او على مستوى المنطقة العربية بكاملها.
وما يؤكد أهمية احياء المشروع القومي النهضوي العربي اليوم أكثر من أي وقت اخر، هو تعرض المنطقة لمحاولات تطبيق مشروع صهيوني امريكي استعماري هدفه الاستيلاء على ثروات المنطقة، وتحويل العرب الى أداة في خدمة هذا المشروع الصهيوني الهادف الى السيطرة على الوطن العربي من أقصاه الى أقصاه من المغرب الى السودان والبحرين والامارات العربية المتحدة وغيرها من الدول العربية، إضافة طبعا الى اقطار ما بين النهرين من الفرات الى النيل. وتسعى هذه الجهات المعادية الى تقسيم اقطار الوطن العربي وتحقيق المشروع المسمى بالشرق الأوسط الجديد وشمال افريقيا”، إضافة الى القضاء كليا على “الثقافة العربية” والقومية العربية و”الصيرورة العربية المميزة”.
لقد اكدت التطورات ان الشعور القومي العربي قوي في نفس كل عربي ووجدانه، وان هذا الشعور يتعزز باستمرار، تذكيه روح المقاومة التي جسدتها حرب تشرين التحريرية وعززتها انتصارات المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين وسورية والعراق، وصمود أهلنا في الجولان السوري المحتل.
ومهمة حاملي الفكر القومي العربي (الأحزاب والقوى والتنظيمات الجماهيرية العربية) اليوم، تتركز على قراءة هذا الشعور القومي المتقد، وتقويته، وتعزيز الوعي القومي المناهض لنفسية الإحباط والتخاذل. كما تتركز على تعميق مضامين المشروع النهضوي القومي العربي في هذه المرحلة، وسبل النضال في اطاره، وتنظيم الحركة الجماهيرية بما يعزز اندفاعها وانطلاقها ويقوي اداءها وجدواها.
المشروع النهضوي القومي العربي لا يمكن ان يقوم به حزب واحد ولا قطر عربي واحد. هو مهمة الجميع، لان كلا منا يملك جزءا واحدا من الحقيقة. نحن العرب مجتمعون نملك الحقيقة بكاملها.
هذا منطلق أساسي على مستوى سورية العربية عبر طرحها مشروعا لحوار عربي واسع بين الأحزاب والقوى العربية على أساس القواسم المشتركة القومية دون التدخل في حياة كل قطر او كل حزب على حدة.
ما زال تحقيق المشروع النهضوي العربي منفتحا في دعوته للحوار الواسع الذي هدفه إيجاد حالة جماهيرية عربية ناهضة تشكل ضغطاً تقويمياً على سياسات الحكومات العربية، فتدعمها عندما تتفق هذه السياسات مع المصالح القومية، وتضغط عليها في حال ابتعادها عن تلك المصالح وخاصة نحو التطبيع مع العدو الصهيوني.
وبالتأكيد هناك ضعف في حركة التنظيمات العربية، حيث تتخلف عن حركة الشارع العربي الملموسة، أي ان الحدس الجماهيري يستبق العمل المنظم بشكل واضح. وربما يكون هذا ايجابياً إذا قررت الأحزاب العربية تفعيل حركتها، لكنه مؤشر سلبي اذا بقيت الجماهير بعيدة عن الأحزاب.
قضية تطوير الفكر القومي العربي وتحقيق المشروع النهضوي العربي عملية مستمرة، لكن الاحداث الحاسمة والانعطافات تفرض ضرورة ان يكون التطوير أكثر دينامية ونوعية.
ان الفكر القومي العربي هو فكر التوحيد بالدرجة الأولى، وهو مطالب ان يكون قادرا على الاتساع لكي يستوعب في اطر رؤاه كل تيارات الامة ومشاربها العقائدية والسياسية والفكرية، بل كل تنوعاتها الاجتماعية والدينية والثقافية، إضافة الى كل الخصوصيات الكامنة في مكوناتها السياسية والاثنية. وكذلك فإن التمسك بالفكر القومي العربي والمشروع النهضوي العربي والعمل من اجل تحقيقه يمثل الرد على حالة الانهيار التي اصابت الامة العربية في الصميم وبخاصة بعد التحاق أنظمة عربية بالكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية واراض عربية أخرى في سورية ولبنان وهذا الالتحاق انما يتجاهل اجرام هذا الكيان الغاصب بحق العرب كل العرب من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وليس الشعب العربي في فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر عبر تاريخه الاجرامي الدموي.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فـــــــــــؤاد دبــــــــــور