سياسة اردوغان بالذات وللذات

شهدت الأعوام الأخيرة دخولا تركيا برئاسة اردوغان الى قلب الاحداث والأزمات التي واجهت المنطقة بعامة واقطار عربية بخاصة، ومثلت جزءا أساسيا من هذه الاحداث في سورية، حيث أسهمت بشكل أساسي في العدوان على هذه الدولة الجارة سواء عبر تدريب وتمرير العصابات الإرهابية التي مارست ابشع أنواع القتل والتدمير والخراب، ام عبر التدخل المباشر عسكريا حيث احتلال أراض سورية والعديد من المدن والقرى في محافظة حلب وادلب ومنطقة دير الزور والحسكة والقامشلي شرق نهر الفرات. وما زالت تقوم بعمليات قتل وتدمير وخراب تمثل بقطع المياه عن المواطنين السوريين وكذلك حرق مزروعاتهم والاستيلاء على معظم انتاج مادة القمح الضرورية لحياتهم. ويعتدي اردوغان بجيشه وقواته الجوية على مدن سورية يهدد باجتياح بري للأراضي السورية واحتلالها.

وكذلك في العراق: حيث العدوان الجوي والبري الذي ما زال مستمرا على شمال العراق ووصل هذا العدوان الى المحافظات الوسطى، يقتل ويدمر ولا يحترم لا حق الجوار ولا القوانين الدولية.

وفي لبنان: أقدمت السلطات الأمنية اللبنانية أثر احداث يوم السادس من حزيران وما بعده على اعتقال عشرات الأشخاص الذين مارسوا التخريب في المؤسسات المدنية والحكومية وبخاصة في طرابلس وبيروت، وكذلك الاعتداء على الجيش اللبناني وقوى الامن. وقد اعترف هؤلاء بأنهم مدفوعون من تركيا ويحصلون على المال مقابل هذه الاعمال التدميرية، محاولة زرع الفتن وصولا الى حرب أهلية في لبنان تخدم أطماع اردوغان تركيا في لبنان وسورية. وبالتأكيد فإن مثل هذه الفتنة انما تخدم العدو الصهيوني والسياسة الامريكية، حيث طالما سعى هذان الطرفان العدوان لخلق مثل هذه الفتنة والحرب الاهلية في لبنان للنيل من المقاومة اللبنانية وبخاصة حزب الله الذي يشكل خطراً وجودياً على الكيان الصهيوني.

ويسعى اردوغان عبر تصريحاته المتوالية هذه الايام للقاء مع الرئيس الاسد قبل الانتخابات الرئاسية في شهر حزيران من العام القادم 2023 خدمة لمصالحه الخاصة، سورية تربط اللقاء معه بالانسحاب التام من كل الاراضي السورية التي يحتلها جيشه ووقف دعم العصابات الارهابية الموالية له واخراجها نهائيا من سورية. لان معظمها مستورد من الخارج وعن طريق اردوغان. وكذلك بعد الانتخابات الرئاسية وليس قبلها. من اجل مصالحه الذاتية يتلاعب بالاقتصاد التركي ومصالح الشعب ومن اجل مصالحه الذاتية يحتضن الاخوان المسلمين من مصر من فلسطين من سورية وليبيا ومن اجل مصالحه الذاتية يتخلى عنهم.

ونسأل ومن اجل مصالحه الذاتية اين القادة الذين عمل معهم وعملوا معه من عبد الله غول (رئيس جمهورية سابق) الى احمد داود اوغلو غيرهما من القيادات في حزب العدالة والتنمية؟

وعليه من يضمن ان يقيم علاقة ومصالحة مع سورية تخدم الشعبين الجارين التركي والسوري لا ضمانة الا ما يخدم مصالحه الذاتية.

وبعد هذا كله لم تصل “طموحات” بل أطماع اردوغان الى نهايتها بعد، لكن ما يحول دون تحقيق مثل هذه الطموحات السلطانية صعوبات وعقبات بالداخل التركي. حيث يواجه اردوغان مراكز قوى ترفض سياساته وفي المقدمة منها الأحزاب السياسية المعارضة، وكذلك يواجه أيضا حزب العمال الكردستاني ورفاق دربه الذين ابعدهم فشكلوا أحزابا معارضة لسياسته وبخاصة حزب الاستقلال بزعامة احمد داود اوغلو. كذلك قطاع واسع من الشعب التركي الذين يرفضون نهجه وسياساته حيث يمارس اقصى واشد أنواع الشخصنة والديكتاتورية وتجلت هذه المعارضة في خسارته لبلديات كبرى مثل إسطنبول وانقرة وغيرهما.

ونؤكد لاردوغان بأن سورية العربية عقبة كبيرة تضع حداً لأوهامه في السلطنة العثمانية وسيخرج من سورية عاجلا وليس آجلا مذموماً مدحورا. أما الى اين الى الكيان الصهيوني حيث يعمل ويسعى لإقامة اوثق العلاقات مع هذا الكيان سياسيا، اقتصاديا، تجاريا، عسكريا، استخباراتيا وفي مجالات أخرى. وهذا ما أكدته اتصالاته ولقاءاته مع قادة الكيان الصهيوني ولن يحقق أحلامه العثمانية رغم كل ما يقوم به من تدخلات في العديد من اقطار الوطن العربي حتى لو استعان بالعدو الصهيوني.

 

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــــــــــؤاد دبـــــــــور