يشكل الاقتصاد العربي جزءاً من العمل القومي المشترك، أهميته وضرورته السياسية المعروفة التي تتصل بوحدة المصير القومي، فإن التطورات السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية الراهنة تعزز التوجه بضرورة تكثيف الجهود من اجل تعزيز وزيادة أوجه التعاون الاقتصادي العربي.
حيث تواجه الاقتصاديات العربية، حالياً وفي المدى المنظور، تحديات ومصاعب كثيرة، بدءاً من غياب التعاون العربي، وعدم الاستقرار السياسي، والفساد، والمديونية العامة، والاحتلال لبعض الاقطار، والحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة امريكياً على اقطار عربية وبخاصة القطر العربي السوري ولبنان وكذلك على شعبنا العربي الفلسطيني صهيونياً وامريكيا وتدني مستوى التعليم والثقافة، وانخفاض مستويات النمو الاقتصادي.
وهذا يدعو العرب اليوم أكثر من أي وقت مضى الى تعزيز القناعة بأهمية التعاون الاقتصادي وتكامله، حيث يحسن استغلال الموارد المادية والبشرية، ويسهم في رفع إنتاجية العمل، وتقليص التكاليف وتحسين النوعية، ويوفر فرصا انسب للإفادة من منجزات الثورة العلمية التقنية. وعليه فإننا نثمن التعاون الاقتصادي بين الاقطار العربية الاربعة سورية، الاردن، مصر ولبنان.
كما يشكل التعاون الاقتصادي العربي سياجا منيعا وحاميا لمشروع التنمية العربية، ويعدّ مقدمة واساساً لبناء دولة الوحدة المنشودة، ولذلك على الهيئات القطرية والقومية المتخصصة اعتماد التخطيط الاستراتيجي أداة لتحديد الأهداف التنموية العربية المشتركة في المدى البعيد، ومنهجاً للتنسيق والتكامل في الجهد الاستثماري والتنموي، بين الدولة والقطاع الخاص وبين الحكومات العربية فيما يخص تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية. كما يعتبر إيلاء مفهوم التنمية المستدامة في الوطن العربي وضرورة تشجيع البحث والاستثمار في المصادر المتجددة للطاقة-حيث مصادرها متوافرة وبكثرة في المنطقة العربية- يعتبر هدفاً ومرجعاً في جميع الأنشطة الاقتصادية العربية. اذ بدأ العالم عملية تحول (لا رجوع عنه) نحو اقتصاد المعرفة وما يسمى الاقتصاد الجديد، وبما يمثل من ثورة فكرية وتعليمية وتكنولوجية ونظمية، ان كل هذا يضع نصب اعيننا تحديا مزدوجا، تحدي الاستفادة الاقتصادية المثلى من الموارد العربية البشرية منها، والزراعية والمعدنية والبترولية، وتطوير صناعاتها وقطاعاتها الإنتاجية بالاستناد الى هذه الصناعات، وتحدي الدخول بوتيرة منتظمة في عصر الاقتصاد الجديد، عصر المعلوماتية وتقانة الاتصالات وتصنيفاتها الحيوية وغيرها.
ولهذا يكون تضامن العرب توجههم الصادق نحو التكامل الاقتصادي والتنسيق هو الضمانة لحماية المصلحة القومية العليا، وقد بات تدعيم الامن القومي العربي من اهم الضرورات وخاصة من الناحية الاقتصادية حيث نستطيع به ان نواجه تحديات التنمية القومية وتحديات التحرير.
ان تفعيل التعاون الاقتصادي العربي وصولا الى الفضاء الاقتصادي العربي الموحد على أسس موضوعية، وتطوير سلاسل الإنتاج، وبناء القاعدة الاقتصادية الصلبة، وتفعيل منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى وتحسين شروط نجاحها سوف يكون مقدمة لإقامة السوق العربية المشتركة وهي خطوة على طريق العمل لتحقيق الوحدة العربية الشاملة، التي ستقف سداً في وجه التحديات العالمية والإقليمية، وتحد من المشروعات التي تهدف الى زعزعة استقرار المنطقة أمنياً واقتصادياً، كمشروعات الشرق الأوسط الجديد، ومشروعات أخرى ذات طابع امبريالي. فالوحدة الاقتصادية العربية تعزل الكيان الصهيوني عن جواره اقتصادياً، وتضمن عدم التعامل معه كونه جسماً غريباً عن المنطقة لا بدّ ان ينفصل عنها ويضمحل آجلاً ام عاجلاً، وهذا يتطلب من انظمة عربية التراجع عن التطبيع مع هذا العدو.
ان عملية دفع القوى الاقتصادية العربية والتعاون الاقتصادي الى اعلى المستويات يؤسس لعمل عربي مشترك- والتنمية الشاملة داخل الوطن العربي ولا بدّ أن تمر في إطار اقتصاد السوق، والعدالة الاجتماعية كونها ضرورية لنجاح التعاون الاقتصادي العربي وتحسين آفاقه المستقبلية.
إن توافر الإرادة القوية لإنشاء تجمع اقتصادي عربي موحد، وبوجود وعي عربي جمعي على جميع المستويات يغلّب المصالح العامة الاستراتيجية على المصالح الخاصة والقطرية الضيقة، هو الضامن والكفيل لهذه الامة كي تكون على قدر كاف من القوة والمنعة الاقتصادية والسياسية والامنية وحتى العسكرية والمقدرة على مواجهة اعداء الامة من صهاينة وادارات امريكية وغيرهما.
ونؤكد على اهمية الانفتاح الاقتصادي والتجاري بين القطرين العربيين الاردن وسورية لما فيه مصلحة الشعب العربي الواحد في القطرين.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فـــــــــــؤاد دبــــــــــــور