“يهودية الدولة” “ودولة الصهاينة”

من اخطر القضايا التي تعيد طرحها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قضية “يهودية الدولة” مؤكدا على أن جولات وزير خارجيته إنما تهدف تنفيذ المشروع الصهيوني بإقامة “دولة يهود” أو بمعنى أدق “دولة لليهود” في فلسطين العربية وعندما نقول تعيد طرحها نقصد أن إدارات سابقة قد طرحت هذا الأمر وبخاصة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وكذلك “جورج بوش” وهذا الطرح يعبر عن العديد من الأمور يأتي في مقدمتها التأكيد على ما أعلنه الصهاينة عندما اعتبروا كيانهم “دولة” في فلسطين عام 1948م. ويعبر أيضا عن تأييد الدعوات العنصرية وحركة التطهير العرقي بحق العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين المتواجدين فوق ارض فلسطين العربية المحتلة منذ عام 1948م وكذلك شطب حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين طردهم الصهاينة الغرباء من أرضهم ومدنهم وقراهم بالقوة هذا الحق الذي كفلته الشرعية الدولية بقرارها رقم 194 الصادر عام 1948م والذي أكدت عليه الهيئة الدولية في السنوات اللاحقة. كما يعبر أيضا على شرعية احتلال ارض الغير واستيطان هذه الأرض خلافا لكل الشرائع والقوانين الدولية. مثلما يؤكد قادة الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمهم للايدولوجية الصهيونية القائمة على العنصرية ونفي الأخر وتأكيد طرده من أرضه تحت ضغط السلاح واستخدام وسائل العنف والإرهاب والقتل والتدمير. وكذلك تأييد السياسات الصهيونية تجاه العرب في فلسطين التي اتخذت طابعا عنصريا سافرا تمثل في الطرد والترحيل والتطهير العرقي الذي نتج عنه تشريد الملايين من أبناء الشعب العربي الفلسطيني خارج بلادهم وأرضهم، كما يعبر أيضا عن دعم سياسة الصهاينة تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تم احتلالها اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م وبخاصة تلك المتعلقة بالاستيلاء على الأرض وإقامة المستعمرات الاستيطانية فوقها وبخاصة في مدينة القدس العربية ومحيطها تهيئة لتهويد المدينة المقدسة وما حولها شمالا وشرقا وجنوبا.

أي أن قيام دولة يهودية فوق ارض فلسطين كدولة استيطانية تضم يهود غرباء مستوطنين جاءوا إلى فلسطين العربية من عديد دول العالم ليحلوا مكان العرب الفلسطينيين في أرضهم بعد القيام بالإبادة والطرد بالقوة والإرهاب. لن يتم في نهاية الامر مهما اوغل العدو في عدوانه وضمه لأراض فلسطينية ومهما حققت له الإدارات الامريكية من تطبيع مع أنظمة عربية.

لا نريد العودة والتذكير بالدوافع الحقيقية لصدور وعد بلفور البريطاني في 2 تشرين الثاني عام 1917 والذي جاء فيه أن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي “حسب تعبيره” في فلسطين وانها ستبذل ما وسعها لتحقيق هذا الهدف”.

في نهاية الأمر فإن ما يسمى بالدولة اليهودية في فلسطين ما هي إلا دولة وظيفية تخدم مصالح الغرب في المنطقة العربية وتبقي على التجزئة التي أوجدها هذا الغرب في الوطن العربي لتبقى الأمة العربية مجزأة وضعيفة وغير قادرة على حماية مصالحها وثرواتها التي يطمع فيها الاستعماريون وبخاصة الثروة النفطية وكذلك لتبقى جغرافيا الوطن العربي تحت سيطرة الغرب. رغم أن المهاجرين القادمين من الخارج لا تاريخ موحد لهم ولا هوية وحتى لا ثقافة واحدة وهناك انقسامات حادة بينهم عرقيا ودينيا وقد فشل القائمون على الكيان الصهيوني حتى الآن من وضع تعريف “لليهودي” مما يعني بالضرورة أن الدعوة إلى “دولة يهودية” أو “دولة لليهود” هو موقف سياسي قائم على أيدلوجية استعمارية استيطانية احلالية.

كقاعدة استند إليها الصهاينة منذ البدء بالتخطيط لإقامة كيانهم الغاصب فوق ارض فلسطين الهادف إلى تهويدها باستبدال إنسانها العربي صاحب الأرض بآخر يهودي غريب عنها قادم من الخارج وهذه السياسة مارستها الحكومات الصهيونية المتعاقبة منذ العام 1948 عبر مصادرة الأرض العربية وتهويدها من الجليل شمالا إلى النقب جنوبا.

وبالتأكيد وحتى يتحقق هدف “الدولة اليهودية” أو “دولة اليهود” فيجب أحداث تغيير جذري في بنية فلسطين ديمغرافيا، أي ممارسة التطهير العرقي بكل أشكاله وبكل الوسائل مما يؤدي إلى تفريغ فلسطين من أصحابها العرب الشرعيين المواطنين وترحيلهم بالقوة إلى خارج ارض فلسطين.

والاقدام على ضم المستعمرات الاستيطانية المقامة فوق ارض فلسطين العربية كانت، وستبقى، فلسطين عربية، وتحرير الأرض بالتمسك بالأرض والحقوق وبالمقاومة وتقديم الشهداء والجرحى والأسرى طال الزمن ام قصر.

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فــــــؤاد دبــــــــــور