29 تشرين الثاني – يوم عالمي للتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني

يمثل الصراع العربي- الصهيوني الممتد عبر السنوات والعقود بالمجالات العسكرية والسياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية أكثر الصراعات تعقيدا وأشدها سخونة ودموية في العصر الحديث حيث يمتاز هذا الصراع باتساعه وتداعياته الخطيرة التي تطال العديد من دول العالم نظرا للتدخلات الدولية فيه حيث تدعم القوى الامبريالية والاستعمارية وفي المقدمة منها الإدارات الامريكية الكيان الغاصب لأرض فلسطين العربية وأراض عربية أخرى في سورية ولبنان مثلما تمده هذه الدول بكل أسباب القوة ومستلزمات العدوان والإرهاب مما يعطيه القدرة على الاستمرار في القتل والدمار والخراب وتثبيت الاحتلال وممارسة الجرائم الدموية البشعة ضد الشعب العربي الفلسطيني وأقطار عربية أخرى وبخاصة تلك المحيطة بفلسطين وبخاصة سورية ولبنان من جهة وأقطار إسلامية معادية له من جهة أخرى.

ونظرا للدعم الذي يلاقيه هذا الكيان من الامبريالية الأمريكية والدول الاستعمارية الكبرى المؤثرة في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي فإنه يتمرد على القرارات الدولية ولا ينفذ أي قرار منها وان كنا لا نثق بمنظمة تهيمن عليها الادارات الامريكية بدءا بالقرار رقم 194 المتضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين الصادر بتاريخ الحادي عشر من كانون الأول عام 1948م والقرار 242 الخاص بانسحاب القوات الصهيونية من الأراضي العربية المحتلة اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م، وقرارات أخرى متعددة وكثيرة وخاصة تلك المتعلقة بالقدس التي تعتبر ما قامت به حكومات العدو الصهيوني من إجراءات من شأنها أحداث تغييرات بالمدينة المقدسة وطرد المواطنين العرب المقادسة من منازلهم تهيئة لتهويد القدس العربية بالكامل بعد ضم الجزء الشرقي إلى الغربي ومن أبرزها قرار مجلس الأمن الدولي (14 تموز 1967) والقرار 799 (20/12/1992) وغيرهما.

وفي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني نطالب الفصائل والقوى الفلسطينية بالتضامن مع نفسها وشعبها عبر الاتجاه لبناء الوحدة الوطنية القاعدة الأساسية التي يرتكز عليها تضامن الآخرين مثلما نطالب أنظمة عربية بالتضامن الشعب العربي الفلسطيني وبخاصة الأنظمة التي نراها تندفع دون خجل نحو الكيان الصهيوني تنسق معه امنيا وسياسيا واقتصاديا ضد مصالح الشعب الفلسطيني والأمة العربية وحتى المنطقة بكاملها هذا إضافة إلى المعاهدات والسفارات والتطبيع السياسي والاقتصادي والسياحي مع العدو الغاصب الذي لا يتوقف عن ممارسة القتل والاعتقال والإرهاب والحصار ضد الشعب العربي الفلسطيني في كل فلسطين العربية وبخاصة الضفة الغربية وقطاع غزة. مثلما يوغل في ممارساته في الاستيلاء على أراض فلسطينية عربية يقيم عليها المستعمرات الاستيطانية ومساحات أخرى بضمها للأرض المحتلة اثر عدوان عام 1948 ومن بعده 1967م محاطة بجدار فصل، تتم كل هذه الأفعال والممارسات في الوقت الذي تقيم فيه السلطة الفلسطينية تنسيقا أمنيا مع هذا العدو، وفي الوقت الذي تعمل جهات فلسطينية وعربية على تغييب الوعي العربي مثلما تعمل على تشكيل العقل العربي تحت مقولة ما يسمى بـ “السلام” مع العدو الصهيوني الغاصب.

ندرك تماما أن مثل هذا اليوم يأتي في وقت تعيش فيه امتنا العربية واقعا أليما حيث الانقسامات الفلسطينية – الفلسطينية والصراعات العربية- العربية، وفي الوقت الذي تتعرض فيه قوى المقاومة لمشاريع ومخططات الحركة الصهيونية مع الشركاء في الإدارات الأمريكية والدول الاستعمارية إلى عدوان كوني غير مسبوق يطال بشكل أساسي الدولة السورية التي تتصدى لهذه المخططات تقاوم وتدعم من يقاوم وكما تتعرض فيه قوى المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن وجمهورية إيران الإسلامية الى عدوان تلو الاخر وإلى تهديدات بالعدوان من حكومة العدو الصهيوني ومعها الشريك الامريكي، وفي الوقت الذي تتعرض فيه قوى المقاومة إلى عمليات إرهابية تخدم العدو الصهيوني ومشاريعه ومخططاته الرامية إلى ضرب العرب في وحدتهم.

وفي مثل هذا اليوم، يحق لنا القول بأن ما يسمى بمسيرة “السلام” والمفاوضات العبثية وإقامة علاقات من بعض الأنظمة العربية مع العدو الصهيوني قد أحدثت خللا وأوجدت تناقضا في المفاهيم لصالح العدو الصهيوني، هذا العدو الذي لا يفهم إلا لغة القوة والمواجهة والمقاومة التي أثبتت نجاعتها ضده في لبنان وفلسطين، مما يعني أن طريق التحرير واستعادة الحقوق إنما يمر عبر مقاومة العدو وشركائه بكل أشكال المقاومة العسكرية والسياسية والاقتصادية وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساسها مرة أخرى نؤكد على حق الشعب العربي الفلسطيني في العودة إلى أرضه ووطنه ومدنه وقراه مثلما نؤكد على وحدة مدينة القدس عربية والتصدي لمشروعات التهويد ونؤكد أيضا على مقاومة ومواجهة العدوان الصهيوني الذي يطال فلسطين وسورية ولبنان واقطار عربية اخرى فالمقاومة وحدها طريق التحرير والنصر.

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فــــــــــؤاد دبـــــــــور