يعتبر الأمن القومي ركنا أساسيا وهاما في بقاء الأمم وهو يشمل الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بما يعني امتلاك الدولة القدرات والإمكانيات العسكرية وقرارها السياسي المستقل وامتلاكها القدرة الاقتصادية والمادية الكافية وبما يمكنها من الدفاع عن أمنها الوطني والقومي وعن مصالحها وحقوقها وأرضها وسيادتها.
وبالنسبة للأمة العربية وحتى تمتلك الأمة القدرة على الدفاع عن أمنها القومي ومصالحها وحتى تقيم أمنها القومي الحقيقي يتوجب أن تكون العلاقات العربية بين كل أقطار الأمة علاقات تنسيق وتعاون وتكامل مشترك في المجالات كافة (العسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية).
وان تترجم هذه العلاقات بصيغ عمل مشترك توضع في التنفيذ التكامل الاقتصادي والامني والسياسي وغيرها من الاتفاقيات العربية التي أجهزت عليها مؤسسة ما يسمى بجامعة الدول العربية التي سقطت في اختبار الأمن القومي بل لم تحافظ على ميثاقها ودورها في حماية هذا الأمن وذهبت بعيدا في النيل منه مثلما حصل مع العراق عندما تعرض للعدوان الأمريكي، وما هو حاصل الآن مع القطر العربي السوري الذي يتعرض لعدوان صهيوني- أمريكي ارهابي اسهمت فيه “جامعة الدول العربية” عبر اتخاذها قرارات تجميد عضوية سورية الدولة المؤسسة لهذه الجامعة.
وعندما نؤكد على أن القطر العربي السوري يشكل المرتكز والقاعدة الصلبة للأمن القومي العربي إنما نستند إلى ما هو قائم من خلال البنى والمواقف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات المتوترة أن لم نقل علاقات الصراع التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية والشريك الصهيوني ومعهما اردوغان ضد الدولة العربية السورية. بما يعني عدم امتلاك الأمة القدرة على الدفع بالعدو الذي يستهدف فرض إرادته على الأمة ومقدراتها والإبقاء عليها مجزئة وفقدانها القدرة أيضا على تهيئة الظروف للنهوض والتقدم وتحقيق طموحات أبناء الأمة في التحرر والحرية والوحدة والسيادة والاستقلال والعيش الكريم.
وفي ظل العدوان والتهديد الدائم لاستقلال العديد من أقطار الوطن العربي وسلامة أراضيها وهذا ما هو ماثل في المشهد العربي اليوم حيث تواجه العديد من أقطار الوطن العدوان الخارجي وأدواته في الداخل من الإرهابيين والقوى المرتبطة بالعدو الذي يستهدف امن الأمة العربية وحتى تحافظ الأمة العربية على أمنها فلا بد من أن تدرك أقطارها كافة التهديدات والتحديات التي تواجهها وتحديد مصادر هذه التهديدات كخطوة أساسية نحو صياغة إستراتيجية أمنية قومية. لكن ومن المؤسف والمؤلم أن نقول بأن احد الخصوم الأساسية في استهداف امن الأمة ما يجري من عدوان على سورية العربية تسهم فيه إلى جانب أعداء الأمة أنظمة عربية معروفة للجميع.
لان سورية دولة عربية مقاومة ومواجهة للمشاريع العدوانية التي لا تستهدفها فقط بل تستهدف الأمة بكاملها وتستهدف بشكل خاص تصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني الغاصب وعلى حساب حقوق الشعب العربي الفلسطيني وحقوق العرب في أرضهم وثرواتهم وسيادتهم على هذه الأرض حيث تهدف القوى المعادية لإزاحة العقبة المتمثلة بالدولة السورية عن الطريق وصولا لتحقيق المشاريع والمخططات الموضوعة لإضعاف الأمة العربية والنيل من أمنها وسيادتها واستقلالها. وعليه فإن سورية ، وهي تصمد وتدافع وتدفع الثمن الباهظ بشريا وماديا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وما يلحق بها من دمار وخراب وبأيدي إرهابية مدعومة من دول في الإقليم مثل تركيا، اضافة طبعاً الى اعداء سورية من الدول الاستعمارية والكيان الصهيوني. إنما تدفع هذه الأثمان دفاعا عن أمنها الوطني وامن الأمة العربية بما يعني أن صمود سورية ومواجهتها للعدوان الكوني منذ اكثر من احدى عشرة سنة ونصف إنما هو صمود للأمة العربية ويعني أيضا الحفاظ على ما تبقى من امن هذه الأمة المستباح ليس من الأعداء فقط بل من الذين يفتقدون إلى أدنى الروابط مع الأمة العربية ويقومون بإقامة كل انواع العلاقات مع العدو الصهيوني ويشاركون في الحصار على الدولة العربية السورية.
ولا ننحاز ولا نتجاوز الحقيقة عندما نقول بأن محاولة حصار الدولة السورية إنما يعني تحقيق أهداف العدو الأمريكي – الصهيوني والدول الاستعمارية بتحقيق مشاريعهم الهادفة إلى إسقاط الأمة والهيمنة على مساحاتها الجغرافية وثرواتها النفطية بشكل خاص.
ونؤكد على ان أمن سورية إنما هو مركز هام لأمن الأمة العربية وسيادتها واستقلالها وبناء المشروع القومي العربي النهضوي. وستبقى سورية من اهم مرتكزات الامن القومي العربي ولا تتغير بمواقف الاخرين المؤلم.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فــــؤاد دبــــور