من الواضح وعبر مجريات الأحداث وتطوراتها ووقائعها في سورية أن القوى المعادية للأمة العربية تعمل على تنفيذ المشروع الأمريكي – الصهيوني الاستعماري الغربي الذي يخدم مصالحهم وهذا ما تكشف عنه أنماط السلوك السياسي وتطبيقاته العسكرية الإرهابية فوق ارض سورية مستخدمة أدوات عربية وإقليمية، ذلك لان سورية هي الدولة التي تستهدفها هذه الجهات المعادية كونها قاعدة المحور الأساسي في مواجهة هذا المشروع ولما كانت الأزمة السورية معقدة ومتعددة الابعاد الداخلية والإقليمية والدولية مما يجعلنا نحتاج إلى متسع من الوقت لاستعراض هذه الأزمة بكل ابعادها وعليه سوف نتوقف عند قراءة الجانب المتعلق بالأسباب والدوافع الحقيقية للحرب العدوانية الكونية التي تتعرض لها سورية وكذلك الحصار المفروض عليها منذ عام 2003 بقرار من الكونجرس الأمريكي ردا على رفض الرئيس بشار الأسد مشروع كولن باول وزير خارجية أمريكا في ذلك الوقت.
كما تمثل سورية قلب المنطقة مما يجعل هذه المنطقة مرهونة بمصيرها فعندما تخرج، وهي ستخرج، من أزمة الأحداث قوية متماسكة محافظة على سيادتها وقرارها السيادي المستقل وتسير قدما باتجاه تطوير وتمتين الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد فإن ذلك ينعكس إيجابا على المنطقة بأسرها وهذا بالتأكيد يتم عبر إفشال المشروع والمخططات الأمريكية الصهيونية الغربية التي تهدف إلى الهيمنة الكاملة على الأمة العربية وتوفير الأمن للكيان الصهيوني الغاصب ودمجه في المنطقة اقتصاديا وسياسيا وكذلك تأمين الحماية للمصالح الأمريكية في الوطن العربي والمنطقة وحاولت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية استصدار قرارات دولية لشرعنة العدوان على سورية. أفشلها الفيتو الروسي والصيني، فاتجهت ومعها التابعين الى الدعم العلني للعصابات الإرهابية المسلحة المستوردة من دول عربية وإسلامية بشكل خاص تلك العصابات التي ارتكبت وترتكب أبشع أنواع الجرائم والإرهاب بحق المدنيين والعسكريين من أبناء الشعب العربي السوري وإقدامها على تخريب وتدمير المؤسسات المدنية والمنشآت الخدمية والاقتصادية مما يؤشر على التصميم الواضح لاستنزاف سورية بشريا واقتصاديا وسياسيا من اجل إضعافها وإخضاعها وإجبارها على التخلي عن مواجهة المشروع الأمريكي – الصهيوني الغربي مما يسهل تمرير هذا المشروع الذي يهدف إلى تقسيم أقطار الوطن العربي والقضاء على المقاومة التي تقاوم الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية والاحتلال الأمريكي للعديد من أقطار الوطن. وجاء قانون قيصر المقر من الكونجرس والرئيس ليصب في هذا السياق وبالتأكيد فإن مصيره سيكون الفشل الذريع وهذا ليس تمنيات ولكن واقع استناداً الى وحدة الشعب والقيادة ودعم الأصدقاء والحلفاء اقتصادياً مثلما دعم هؤلاء الأصدقاء سورية عسكرياً.
بالتأكيد، ومن خلال مجريات الأحداث فإن عملية الاستنزاف لسورية تتم دون أن تدفع الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الشريك الصهيوني أي ثمن، بمعنى انها تعمل على التخلص من سورية الدور السياسي المقاوم بدون مقابل .
وإذا ما ذهبنا إلى استعراض ابرز واهم الأسباب والدوافع التي من اجلها تستهدف سورية فإننا نوجزها بالتالي:
- لأنها رفضت الخضوع للسياسات الأمريكية في المنطقة ورفضت فك تحالفها مع جمهورية إيران الإسلامية، ولأنها تجسد السياسة العربية الداعية للتضامن العربي والإسهام بفاعلية في تعزيزه عبر حشد الطاقات العربية بما يخدم مصالح الأمة والدفاع عن قضاياها وأمنها الوطني والقومي.
- إزالة سورية كمصدر دعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ممثلة بشكل أساسي بحزب الله مما يمكن الكيان الصهيوني من معاودة احتلال الجنوب اللبناني والاستيلاء على مصادر المياه التي تشكل شريان حياة لهذا الكيان وكذلك السيطرة على مساحة واسعة من الشواطئ اللبنانية حيث النفط والغاز.
- التخلص من القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس مما يخرج روسيا من البحر الأبيض المتوسط.
- الانتقام من سورية التي أسهمت بشكل عملي في طرد الاحتلال الأمريكي من ارض العراق عبر دعمها المقاومة العراقية مثلما أسهمت وبشكل فعال أيضا في تحقيق انتصار المقاومة في لبنان في الحرب العدوانية عام 2006م والعدوان الصهيوني على قطاع غزة.
هذه ابرز الأسباب التي من اجلها تشن الولايات المتحدة الأمريكية عدوانا مباشرا وغير مباشر على سورية وهنا يمكن أن يطرح سؤال هل يمكن وامام الفشل في تحقيق أهدافها بإسقاط النظام في سورية رغم كل العدوان بكل ابعاده ان تقدم على عدوان مباشر؟
التقارير المتعددة التي تصدرها مراكز دراسات أمريكية وعالمية تتحدث عن أن إقدام الجهات المعادية على مثل هذه الحرب لن تكون لصالحها ذلك أن سورية قد فقدت الكثير من البنية التحتية في الحرب العدوانية ولن تكون لوحدها في المواجهة مع الحرب المباشرة بل ستقف إلى جانبها على الأقل إيران والمقاومة في لبنان (حزب الله) وبعض الفصائل الفلسطينية، لكن الخاسر الأكبر من هذا العدوان سيكون الكيان الصهيوني الذي سوف يتعرض لضربات موجعة تلحق أضرارا فادحة في المؤسسات العسكرية والمدنية والصناعية في فلسطين العربية المحتلة كما ستتعرض القواعد الأمريكية في المنطقة لضربات أيضا وسيتأثر العالم بأجمعه من عملية توقف تدفق النفط الذي يحتاجه.
نؤكد على أن تداعيات الأزمة السورية ستغير خارطة المنطقة والمعادلة الدولية حيث الصراع في سورية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها من دول غربية استعمارية والكيان الصهيوني والتابعين من أنظمة عربية وإقليمية تركيا اردوغان من جهة وروسيا الاتحادية والصين وإيران وقوى المقاومة العربية من جهة أخرى.
ولن تسقط سورية في حصار وشباك الأعداء، بل كانت وستبقى عصية على السقوط بفضل تمسك شعبها بوحدته الوطنية وتمسك قيادته بقرارها الوطني والقومي.
وستبقى سورية الحصن المنيع والجدار الصلب الذي تنكسر عليه مخططات أعداء الأمة وأتباعهم التي تستهدف تقسيم أقطار الوطن العربي ونهب ثرواته. وحمى الله سورية.
القيادة المركزية
لحزب البعث العربي التقدمي