ما كان يسمى “بجامعة الدول العربية” ومعاييرها المزدوجة

عندما نقول بأن جامعة الدول “العربية” قد انتهجت سياسات متناقضة تجاه أقطار عربية أعضاء في الجامعة وأعداء الأمة وبخاصة الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية وأراض عربية أخرى في سورية ولبنان، الكيان الذي قام على سياسة الحروب والعدوان والقتل والتدمير وإلحاق كل أنواع الشر والإجرام ضد العرب لا نكون قد ظلمنا دول هذه الجامعة وبخاصة المتحكمة بقراراتها ومسارها أو الذين لا يلتزمون بهذه القرارات عندما يتعلق الأمر بالعدو الصهيوني ولكنهم يدفعون باتجاه اتخاذ وتنفيذ قرارات ضد أقطار عربية خدمة لهذا العدو وبأوامر من الضامن الاستراتيجي لأمنه واستمرارية وجوده (الولايات المتحدة الأمريكية) وحتى نثبت ما ذهبنا إليه نتوقف عند محطات تشكل شواهد إثبات.

أولا: مؤتمر القمة العربية الثالث المنعقد في مدينة الرباط المغربية (13-17) أيلول عام 1965 حيث صدر عن هذا المؤتمر ميثاقا للتضامن العربي نصت المادة الأولى من هذا الميثاق “العمل على تحقيق التضامن في معالجة القضايا العربية وخاصة قضية تحرير فلسطين” فهل فعلا تم تنفيذ هذا الميثاق أم أن التضامن يتم مع مشاريع وسياسات الإدارات الأمريكية الشريك الاستراتيجي للعدو الصهيوني؟ وهل تم تحرير فلسطين العربية أم التسليم بالاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين؟

ثانيا: مؤتمر القمة العربي الرابع المنعقد في العاصمة السودانية الخرطوم (29 آب حتى الأول من أيلول 1967) الذي انعقد اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م وتحت عنوان إزالة أثار العدوان واسترداد الأراضي العربية المحتلة عبر وضع خطة عربية شاملة ومتكاملة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا وثقافيا لدعم التضامن العربي وتحقيق الأهداف العربية واتخذ المؤتمر قرارات نذكر منها:

  • لا صلح ولا تعايش مع “إسرائيل”
  • رفض التفاوض وعدم الاعتراف بالاحتلال السابق
  • عدم الموافقة على أية تسوية تمس القضية الفلسطينية مما يؤدي إلى تصفيتها
  • عدم انفراد أي دولة عربية في قبول حلول لقضية فلسطين

كلام جميل لكنه بقي كما يعلم الجميع مجرد كلام غير قابل للتنفيذ المال العربي لا يدفع للشعب العربي في فلسطين لكنه يدفع وبمئات الملايين أو حتى بالمليارات من اجل تدمير قطر عربي وذبح عشرات الآلاف من أبناء هذا القطر بالتعاون مع أعداء الأمة الطامعين في ثرواتها وبخاصة النفطية منها أو ليس هذا ما حصل فعليا في الحرب على ليبيا وبقرار من جامعة الدول العربية، حيث مهد لقرار من مجلس الأمن الدولي بشن حرب تخدم فقط مصالح دول في حلف الناتو؟ الم يتم دفع مليارات من الدولارات العربية للإنفاق على تدريب وتسليح الإرهابيين الذين يقتلون ويذبحون ويرتكبون المجازر في المدن والأرياف السورية؟ أم تدفع هذه المليارات من اجل تدمير البنية التحتية في سورية؟

ثم لنتوقف عند مواقف الجامعة العربية وقراراتها المتعلقة بسورية ونرى إذا كانت قد نفذت أم انها لم تنفذ كما هو الحال مع القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية؟

عندما يتعلق الأمر بالعدوان الصهيوني وذبح شعب فلسطين تتأخر الاجتماعات ولا تنفذ القرارات. لكن عندما يتعلق الأمر بسورية تقوم جامعة الدول العربية بعقد اجتماعات سريعة وعاجلة وغير مسبوقة حيث عقدت الجامعة ستة اجتماعات في اقل من شهرين وأحيانا ساعات بين الاجتماع والأخر وبين تطبيق هذه القرارات :

أولا: قرر مجلس جامعة الدول “العربية” خلال اجتماع استثنائي لمجلس وزراء الخارجية العرب بتاريخ 12 تشرين الثاني عام 2011 تجميد مشاركة جميع الوفود السورية في المجالس والهيئات التابعة للجامعة ودعا الدول العربية إلى سحب سفرائها من دمشق وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها.

بمعنى أن مجلس الجامعة قد اتخذ قرارات بعزل سورية وتضيق الخناق عليها إضافة إلى التحرك باتجاه مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يعني التدخل العسكري الغربي في سورية لقتل الشعب وتدمير مؤسساته مثلما حصل للقطر العربي الليبي. وقد سارعت العديد من الدول لتنفيذ قرارات الجامعة العربية حيث قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية وسحب السفراء وفرض حصار اقتصادي شامل عليها.

لماذا تستهدف سورية؟ لأنها ترفض الاستجابة للسياسات الأمريكية والصهيونية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ووضع المنطقة العربية تحت الهيمنة الأمريكية – الصهيونية حيث سارعت أنظمة عربية على تنفيذ أوامر السيد الأمريكي ضد سورية وليبيا. وأي قطر عربي يخرج من بيت الطاعة الأمريكي .

يجيء ما عرضناه بمناسبة انعقاد وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الأربعاء التاسع من أيلول 2020 من اجل بحث المشروع الفلسطيني المتعلق باتفاقية أمنية وسياسية اقتصادية إماراتية مع العدو الصهيوني بدعم من إدارة ترامب وقد استجابت ما يسمى “بجامعة الدول العربية” للإدارة الامريكية ومصالح العدو الصهيوني ورفضت الورقة الفلسطينية ما يعني تأكيدها على نهج التطبيع الضار بالشعب العربي الفلسطيني وقضيته العادلة.

وسيبقى التابعون ينفذون أوامر السيد الأمريكي عندما يتعلق الأمر بالصهاينة وهم يذبحون الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسورية والعراق وغيرها ولكنها تتحول إلى طيور جارحة تنهش اللحم عندما يتعلق الأمر بسورية العضو المؤسس في جامعة الدول العربية.

نؤكد أن لا رهان على إتباع السيد الأمريكي في جامعة الدول العربية ولكن الرهان الحقيقي على الأسود، اسود المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية والداعم الأساسي لهؤلاء الأسود جمهورية إيران الإسلامية التي تزود المقاومة وغيرها بالصواريخ للدفاع عن النفس ومواجهة الأعداء في الوقت الذي تتقاعص أنظمة عربية عن دفع حفنة من الدولارات لشراء أدوية فقط تحتاجها منظمة الصحة العالمية من اجل إسعاف ومعالجة الجرحى من أبناء شعبنا في قطاع غزة.

ونؤكد على اعتماد المقاومة دون غيرها لتحرير الأرض والإنسان العربي من الاحتلال الصهيوني والهيمنة الأمريكية في فلسطين وغيرها من اقطار الوطن العربي.

الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فــــــــــــــؤاد دبـــــــــور