من الواضح وعبر مجريات الأحداث وتطوراتها ووقائعها في سورية أن القوى المعادية للأمة العربية تعمل على تنفيذ المشروع الأمريكي – الصهيوني الاستعماري الغربي التركي الاردوغاني الذي يخدم مصالحهم وهذا ما تكشف عنه أنماط السلوك السياسي وتطبيقاته العسكرية الإرهابية فوق ارض سورية وبخاصة في محافظات ادلب وحلب وحماه وشمال شرق الوطن مستخدمة قواتها بشكل مباشر وأدوات إرهابية من داعش الى “قسد” وغيرهما ذلك لان سورية الدولة التي تستهدفها هذه الجهات المعادية لأنها المحور الأساسي في مواجهة هذا المشروع ولما كانت الأزمة السورية معقدة ومتعددة الابعاد الداخلية والإقليمية والدولية سوف نتوقف عند قراءة الجانب المتعلق بالأسباب والدوافع الحقيقية للحرب العدوانية الكونية التي تعرضت وتتعرض لها سورية وبخاصة في المرحلة التي بدأت في الخامس عشر من آذار عام 2011م، وها نحن على نهاية السنة العاشرة من هذا العدوان.
تمثل سورية قلب المنطقة مما يجعل هذه المنطقة مرهونة بمصيرها فعندما تخرج، وهي ستخرج، من أزمة الأحداث قوية متماسكة محافظة على سيادتها وقرارها السيادي المستقل وتسير قدما باتجاه تطوير الإصلاحات التي أنجزتها وتمتين الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد فإن ذلك ينعكس إيجابا على المنطقة بأسرها وهذا بالتأكيد يتم عبر إفشال المشروع والمخططات الأمريكية الصهيونية الغربية التركية التي تهدف إلى الهيمنة الكاملة على الأمة العربية وتوفير الأمن للكيان الصهيوني الغاصب ودمجه في المنطقة اقتصاديا وسياسيا وكذلك تأمين الحماية للمصالح الأمريكية في الوطن العربي والمنطقة بأسرها ويمكن أن نتوقف امام الضغوط الهائلة التي مارستها القوى المعادية ضد سورية سواء أكان ذلك عبر جامعة الدول العربية أم المؤتمر الإسلامي أم مجلس الأمن الدولي حيث حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية وأنظمة عربية استصدار قرارات دولية لشرعنة العدوان على سورية. أفشلها الفيتو الروسي والصيني، أم عن طريق الدعم العلني للعصابات الإرهابية المسلحة المستوردة من دول عربية وإسلامية بشكل خاص تلك العصابات التي ترتكب أبشع أنواع الجرائم والإرهاب بحق المدنيين والعسكريين من أبناء الشعب العربي السوري وإقدامها على تخريب وتدمير المؤسسات المدنية والمنشآت الخدمية والاقتصادية مما يؤشر على التصميم الواضح لاستنزاف سورية بشريا واقتصاديا وسياسيا من اجل إضعافها وإخضاعها وإجبارها على التخلي عن مواجهة المشروع الأمريكي – الصهيوني الغربي مما يسهل تمرير هذا المشروع الذي يهدف إلى تقسيم أقطار الوطن العربي والقضاء على المقاومة التي تقاوم الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية واراض عربية أخرى في سورية ولبنان، والاحتلال الأمريكي للعديد من أقطار الوطن.
بالتأكيد، ومن خلال مجريات الأحداث فإن عملية الاستنزاف لسورية تتم دون أن تدفع الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الشريك الصهيوني أي ثمن، بمعنى انها تعمل على التخلص من سورية الدور السياسي المقاوم بدون مقابل حيث أن الدم المسفوح في سورية غير أمريكي ولا صهيوني أو حتى أوروبي.
وإذا ما ذهبنا إلى استعراض ابرز واهم الأسباب والدوافع التي من اجلها تستهدف سورية فإننا نوجزها بالتالي:
- لأنها أفشلت المخططات والمشاريع الأمريكية – الصهيونية وبخاصة مشروع الشرق الأوسط الجديد مثلما أفشلت المخططات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني .
- لأنها رفضت الخضوع للسياسات الأمريكية في المنطقة ورفضت فك تحالفها مع جمهورية إيران الإسلامية، ولأنها تجسد السياسة العربية الداعية للتضامن العربي والإسهام بفاعلية في تعزيزه عبر حشد الطاقات العربية بما يخدم مصالح الأمة والدفاع عن قضاياها وأمنها الوطني والقومي.
- إزالة سورية كمصدر داعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية التي تمنع الصهاينة من الاستيلاء على مياه لبنان ونفطه وغازه.
- التخلص من القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس مما يخرج روسيا من البحر الأبيض المتوسط.
- الانتقام من سورية التي أسهمت بشكل عملي في طرد الاحتلال الأمريكي من ارض العراق عبر دعمها المقاومة العراقية مثلما أسهمت وبشكل فعال أيضا في تحقيق انتصار المقاومة في لبنان في الحرب العدوانية عام 2006م والعدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2008/ 2009م وما بعده.
ونقول أن تداعيات الأزمة السورية ستغير خارطة المنطقة والمعادلة الدولية حيث الصراع على سورية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها من دول غربية استعمارية والكيان الصهيوني والتابعين من أنظمة عربية وإقليمية من جهة وروسيا الاتحادية وإيران وقوى المقاومة العربية من جهة اخرى.
وأخيرا يمكن القول بأن ما تواجهه سورية العروبة ليس جديدا ولم يبدأ في الخامس عشر من آذار عام 2011 إلا انها قادرة على الخروج من الأزمة الصعبة التي تواجهها وستكون أكثر قدرة واقتدارا اعتمادا على وعي شعبها وصبره وإدراكه لابعاد المؤامرة التي تستهدفه والأمة العربية من خلاله، وستبقى سورية الحصن المنيع والجدار الصلب الذي تنكسر عليه مخططات أعداء الأمة وأتباعهم التي تستهدف تقسيم أقطار الوطن العربي ونهب ثرواته.
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
فــــــؤاد دبــــــور