وستبقى القدس العربية عاصمة دولة فلسطين

نعود مرة اخرى للتأكيد على الصراع مع الصهاينة حول فلسطين ومدينة القدس العربية وفلسطين لانها تحوز هذه الأيام على اهتمام شعبي عربي وإسلامي في ظل محاولات الصهاينة الغاصبين تدنيس المسجد الأقصى المبارك بحماية من الجهات الأمنية الصهيونية ويأتي هذا الاهتمام نظرا لمكانة القدس عند العرب المسلمين والمسيحيين ولأنها تجسد الصورة الحقيقية لمحاولات الصهاينة تنفيذ مخططات قديمة وضعوها لتهويد المدينة والإجهاز على مقدساتها الإسلامية والمسيحية. وقد مرت عملية التهويد التي تتجدد بين الحين والأخر بمراحل وأشكال عدة ومنذ زمن بعيد حيث تعاونت الدول الاستعمارية بعامة وبريطانيا بخاصة مع الحركات الصهيونية في التمهيد لعملية التهويد عبر استيطان اليهود في المدينة المقدسة على حساب أصحابها العرب الشرعيين وتجسد هذا الأمر عبر إقامة إحياء يهودية داخل المدينة بدءا بحي (خيمة موسى) عام 1843م وإقامة كنيس يهودي فيها عام 1855 وأحياء أخرى داخل أسوار البلدة القديمة وخارجها مثل حي “معسكر محنية يهودا” عام 1887م وغيره من الأحياء اليهودية، بمعنى أن محاولات تهويد المدينة المقدسة ليست جديدة بل تتجدد من مرحلة إلى أخرى وقد تصاعدت في السنوات والأيام الأخيرة حيث قامت المجموعات الصهيونية واليهودية بمحاولات احتلال المسجد الأقصى بعد أن أنجزوا حفريات تتهدده بالسقوط غير أن أبناء القدس العرب وابناء فلسطين كل فلسطين يتصدون للغزاة الغاصبين بأجسادهم للدفاع عن المسجد الأقصى وعن القدس والمقدسات المسيحية منها والإسلامية.

وإذا ما عدنا إلى احتلال الجزء الشرقي من المدينة المقدسة اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967 نجد أن الصهاينة قد بدأوا ومنذ الأيام الأولى لهذا الاحتلال بتنفيذ برامج وخطط موضوعة لتهويد القدس بكاملها وذلك عبر مصادرة الأرض المحيطة بالقدس شرقا وشمالا وجنوبا وإقامة المستعمرات الصهيونية فوقها والتي ما زالت مستمرة حتى هذه الأيام وذلك لمحاصرة المدينة بحزام صهيوني لتسهيل عملية التهويد هذا إضافة إلى إقامة إحياء داخل المدينة بعد الإقدام على طرد السكان العرب من المدينة باستخدام كل الوسائل غير الشرعية بما فيها الإرهاب، كما أقدمت هذه السلطات على تهويد المعالم التاريخية الإسلامية والمسيحية لطمس هويتها ومعالمها العربية والإسلامية. وتجري محاولات الصهاينة كل الصهاينة هذه الايام برفع علم الصهاينة على احياء المدينة العربية بعامة والمسجد الاقصى وباحاته بخاصة.

ويقومون بعمليات التهويد هذه استنادا إلى معتقدات توراتية وتلمودية مزورة وبادعاء وجود أماكن دينية يهودية يأتي في مقدمتها ما يسمى بالهيكل المقدس تحت المسجد الأقصى وبما يسمى عندهم بحائط المبكى الذي هو فعليا حائط البراق نسبة إلى البراق الذي حمل رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى الذي تعرض إلى محاولات صهيونية لتدميره أو حرقه . كما حصل في الحادي والعشرين من شهر آب عام 1969 مثلما تعرض المسلمون فيه إلى مجازر كان من أفظعها المجزرة التي تمت على أيدي الصهاينة في الثامن من شهر تشرين الأول عام 1990م حيث سقط خمسة وعشرون شهيدا وألف جريح. هذا إضافة إلى اعتداءات متكررة من الصهاينة واليهود ضد المقدسات وضد سكان المدينة العرب وطردهم وترحيلهم في محاولة لإفراغ المدينة منهم لتصبح يهودية وقد أمعنت حكومات العدو الصهيوني في المضي في هذه الأعمال والإجراءات التهويدية  ويأتي ما جرى في حي الشيخ جراح ضمن هذا السياق.

ومن المؤسف أن نقول بأن أنظمة عربية بعينها لا تعير هذه القضية أية اهتمامات هذا إذا لم نقل بأنها تقف في سياساتها مع العدو الصهيوني وتشكل له حماية أمنية وسياسية ومادية متجاهلة أن قضية الشعب العربي الفلسطيني وقضية القدس هي مسؤولية تقع على عاتق جميع العرب والمسلمين وعلى المخلصين منهم أن يتحملوا هذه المسؤولية عبر اتخاذ الإجراءات الضرورية المطلوبة لتحرير الأرض الفلسطينية والعربية المحتلة وهذا لا يتم لا عبر مجلس الأمن الدولي ولا الهيئة العامة للأمم المتحدة ولا عبر الجامعة العربية بل عبر المقاومة الشعبية العربية بكل أشكالها المدعومة من دول تؤمن بحق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه ويأتي في مقدمتها سورية العربية وإيران الإسلامية والمقاومة في اقطار الوطن العربي وبسبب مواقفهما الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان يتم استهدافهما حيث تواجه سورية حربا كونية تشارك فيها إلى جانب الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الاستعمارية نظام اردوغان مثلما تواجه إيران تهديدات صهيونية – أمريكية غربية استعمارية وضغوطات وحصارا وتهديدا بالحرب. يبقى أن نقول بأن النصر حقا هو حليف المخلصين المدافعين عن الوطن وقضايا الأمة العادلة.

 

الامين العام لحزب البعث العربي التقدمي

فـــــــــؤاد دبــــــــــــور